رأي ومقالات

أمجد فريد: من الخطر الكبير على مسار التقدم في السودان ان تستمر معارك الدونكوتشوتيك بينما (بصلتنا بيحمرو فيها)

في زحام الثورة ومتاهات البناء والتعمير … هل من سبيل غير التوافق السياسي بين قوى الثورة؟
ألقى التجميد الموقت لحزب الأمة لعضويته في هياكل الحرية والتغيير حجرا في بركة النقاش السياسي التي تبدو ساكنة ولكنها تضج بالأحداث من تحت قش. فالخلاف حول هيكلة تحالف الحرية والتغيير والية اتخاذ القرار فيه لم تسكن يوما منذ تكوين المجلس المركزي في نوفمبر ٢٠١٩. وبطبيعة تكوين الحرية والتغيير والتي هي تحالف لتحالفات، ضجت كثير من الأجسام التي وجدت أنفسها غير ممثلة في الهياكل القيادية للتحالف بالشكوى والمعارضة الصريحة لتلك التشكيلة، كما أدى الخلاف حول طريقة اتخاذ القرار في المجلس المركزي والذي تفاوت بين اعتماد التصويت بالكتل او التصويت بالافراد (واظن الاخير هو ما تم اعتماده في اخر الامر) الي صب المزيد من الزيت على نيران الاختلاف.

ادى ذلك بطبيعة الحال الي خلافات متعددة حول قرارات سياسية مصيرية، مثل طبيعة العلاقة مع الجهاز التنفيذي وترشيح واختيارات الولاة، وتكوين المجلس التشريعي بل وحتى كيفية التعامل مع القضايا الملحة المتعلقة بالازمة الاقتصادية ورهق المعيشة والسوق. وشهدنا في ذلك اطروحات منطقية للاراء في بعض الاحيان ومزايدات عنترية متصلبة في احيان اخرى…

وفي ذات الحين، شهد الواقع السياسي متغيرات متعددة، ابرزها الحراك المتزايد لعناصر الثورة المضادة والذي بلغ اوجه في محاولة الاغتيال التي تعرض لها السيد رئيس الوزراء ولم يتوقف عن ذلك بتحدي اجراءات التحكم في جائحة الكورونا وواصل واستمرار محاولات التحريض عبر الاشاعات والاكاذيب التي لم تعدم من يتلقفها ويسير بها في وسط هذا الجو السياسي المشحون، دون ان ينتبه الي أين تُطلق سهامه.

لن يجدي انكار المعلوم وحسنا فعلت الحرية والتغيير وهي تكون لجنة لمراجعة هيكلتها وتجويد اداءها ولكن تبقى العلاقة بين الجهاز التنفيذي والنادي السياسي الذي قاد صناعة التغيير محطة مهمة للنقاش في هذه المراجعة. فمن الضروري ان تعي الحرية والتغيير ان الجهاز التنفيذي الذي يدير الدولة الان هو اداة غير سياسية وانه لا سبيل لهذا الجهاز لاتخاذ القرارات السياسية الا عبر البحث الدائم عن اوسع توافق سياسي واقعي وعقلاني بين اطياف النادي السياسي… والبحث عن هذا التوافق لا يتم عبر استخدام ادوات الحسم الميكانيكي بل عن طريق النقاش الايجابي للوصول الي الارضيات المشتركة والتي لن نعدم اليها سبيلا ما دامت الاهداف واحدة. اما محاولات المزايدة الاعلامية ومحاولات الضغط على الجهاز التنفيذي عبر الاشاعات وانصاف الحقائق والمعلومات المغلوطة بهدف التخويف من الحرق الاعلامي للشخوص فهذه اليات تتقاصر عن عظمة البناء السياسي الذي نرجو بناءه بعد ثورة عظيمة كالتي شهدها السودان، والاستمرار فيها لا يخدم غرضا ولا يحصد زرعا نافعا. فالغايات النبيلة والصحيحة لا يمكن الوصول اليها عبر الادوات الفاسدة.

ان من الخطر الكبير على مسار التقدم في السودان ان تستمر هذه المعارك الدونكوتشوتيك وتستمر خسائرها المجانية عبر الرصاصات التي تنطلق لتصيب رفاق نفس الخندق من الخلف وعبر (العوعي) المتواصل بينما (بصلتنا بيحمرو فيها) كما يقول المثل السوداني.

لقد انطلقت هذه الثورة من سواعد وعقول وقلوب شعب ضاق ذرعا وتاق الي الصباح، وهذه ثورة حري بها ان تبقى جذوتها متقدة بلهيب نيران اهدافها، وان تستمر، وان تنفض عنها غبار اليأس ورهق طول المسير ومشاق التعميو ويعلو بناءها حتى يستقيم مهيبا وعظيما كما يليق بهذا الشعب في مطلع الفجر.

ونحن #قدامنا_الصباح ولو شق اليه السبيل

بقلم
أمجد فريد

تعليق واحد