الشيخ الهواري يرد على مقال (جماعة أنصار السنة.. المتهم الأول.. إن أصاب القراي مكروه)
بسم الله الرحمن الرحيم
════════❁══════
اتهام بمعدوم وجدال بباطل
════════❁══════
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم على النبي الأمين، وآله وصحبه والتابعين، وبعد:
فقد طالعت مقالة بعنوان: (جماعة أنصار السنة .. المتهم الأول .. إن أصاب القراي مكروه)، نشرتها جهة سمت نفسها “شبكة الليل وآخره”، وجوهر المقالة دفاع عن القراي، ومحاولة تجريم الجماعة بالباطل، ولعل الكاتب أغاظه القبول الكبير الذي وجده البيان في منصات التواصل الاجتماعي، فطفق يطعن في الجماعة بالباطل ويدافع عن القراي بدفاع هزيل لا ينصر صديقًا ولا ينكأ عدوًا.
? وعلى الكاتب أن يعلم: إن أصاب القراي مكروه فبشؤم جرأته على الله وكتابه وشرعه.
✍️ وفيما يلي أتناول هذه المقالة بالنقد والتعقيب على أهم ما ورد فيها في ست وقفات.
? فأقول وبالله التوفيق:
⬅️ الوقفة الأولى: وقفة مع الاتهام الغريب: وهو اتهام الجماعة بأمر لم يقع أصلًا كما في نص العنوان: “جماعة أنصار السنة .. المتهم الأول .. إن أصاب القراي مكروه”.
? وهذا أغرب اتهام ربما في تاريخ البشرية، ووجه غرابته من وجهين:
▪️الأول: إنه اتهام في أمر لم يقع، ولا أظنه سجل في تاريخ الدعاوي والأقضية اتهام في أمر معدوم، بل حتى بعد وقوع حادثة ما، فالمتضرر إذا رفع شكوى يسمى شاكيًا، وليس له حق توجيه الاتهام، بل ذلك حق للجهات العدلية، فكان للكاتب أن يقول لو أصيب القراي سأرفع شكوى وهذا شأنه، والجهات العدلية لا يوجهها شاكٍ، وإنما حسبه هو تبليغ دعواه.
⁉️ ولنا أن نسأل لو أن القراي لسعه ثعبان فقتله، هل للكاتب أن يرفع دعوى ضد أنصار السنة؟
? سيكون أبلهًا مجنونًا لو فعل.
▪️الوجه الثاني: قد استنبط كاتب المقال هذه الفرية من جملة جاءت في البيان هذا نصها: “في ظرف حرج لا يتحمل الشعب المزيد من الضغط المفضي إلى التطرف المضاد”.
? ومعنى العبارة في غاية الوضوح وهو أن الطعن في دين الأمة وثوابتها من شؤمه العاجل أنه قد يولد التطرف الذي يضر بالأمة، ولطالما تسببت مثل هذه الأمور عبر التاريخ في وقوع التطرف والعنف.
⬅️ الوقفة الثانية: وقفة مع مضمون الاتهام.
الكاتب يريد أن يلصق بالجماعة التطرف زورًا وبهتانًا، وجواب ذلك من أوجه:
▪️الأول: الكاتب إما جاهل لا معرفة له بالجماعات والمناهج، وإما مُلبِّس معتد يظن أنه يستطيع أن يدنس صفحات أنصار السنة الناصعة، وسيرتها العطرة، وصفاء منهجها، وبعدها عن التطرف والغلو، ولزوم وسطية أهل السنة وعدلهم.
‼️ ألا يعلم هذا الكاتب أن أنصار السنة وأهل السنة عمومًا أكثر من فضح المناهج المتطرفة، سواء كان تطرفها يساريًا أو يمينًا، ولعله لا يعرف أنهم أكثر من تضرر من التطرف، وضربت مساجدهم، وقتل فيها من قتل في الجمعة والتراويح، فعليه أن يقرأ التاريخ وأن يطلع على الحقائق قبل أن يتكلم.
‼️ ولعل الكاتب لا يعلم أن سجل الجماعة خال تمامًا من أي اعتداء على أحد بسلاح أو محاولة اغتيال، على النقيض تمامًا من الجماعات المتطرفة، ومن الشيوعيين والبعثيين والقوميين.
▪️الثاني: قوله: “هذه الصيغة تضع الأمر برمته في سياق التهديد بالإرهاب إن لم ينفذ الطلب، وتتحمل الجماعة تبعات ذلك”.
? هذا فهم الكاتب.
? لكن الواقع بخلاف ذلك، وإنما الصيغة جاءت في سياق التنبيه للمحاذير التي يمكن أن تقع في المجتمع بسبب الإصرار على بقاء مدير المناهج مع كل أخطائه الفادحة المستفزة، والجماعة قطعًا ليست مسؤولة إلا عما تفعله بنفسها فقط، وأما ما يقع من غيرها فالجهات العدلية هي المخول لها تحديد المسؤولية، والكاتب لا صلاحية له في هذا.
⚠️ ولا شك أن من يدفع الناس لارتكاب الصعاب لا يمكن أن يسلم من المسؤولية.
▪️الثالث: الكاتب لو أنصف أو تجرد لَعِلم أن التحذير من التطرف والغلو لا يلزم منه اتهام جهة التحذير بحال من الأحوال، ولطالما حذرت الدول والحكومات والأحزاب من التطرف، فهل يجعلها ذلك مُتهمة به؟
❓ وهل من حذر من الأسباب المفضية للفتنة يعني أنه فتان، أم أن من حذر من الحروب الأهلية يتهم بإشعالها، مالكم كيف تحكمون.
? فالتنبيه إلى الأمور المفضية إلى التفرق أو التطرف ما هي إلا نصيحة مشفق مبنية على الخبرة والدراية واستقراء التاريخ وفقه النواميس الكونية فليته يعقل.
⬅️ الوقفة الثالثة: وقفة مع بعض تساؤلات الكاتب:
سأل الكاتب: “من أين يأتي الضغط المفضي إلى التطرف المضاد ما دامت سبل التعبير السلمي عن الخلاف مبذولة”؟
? والجواب أن هذا سؤال انصرافي إما بقصد أو عدم فهم، فليس المقصود بالضغط أفكار القراي وأقواله المنحرفة فتلك نقارعها بالحجة، وبيان بطلانها وانحرافها والتحذير منها، ولكن الأمر هنا يتعلق بمنصب القراي الذي يستغله لإفساد مناهج التعليم، وحين لا يستمع المسؤولون لاحتجاجات الناس ومطالباتهم بإقالة القراي، فهذا الذي يُخشى فيه من ردود الأفعال غير المنضبطة، وسبل التعبير إنما تفيد في رد أفكاره وبطلانها، لكنها ماذا تفيد في بقائه أو عزله، ففرق بين الردود عليها، وبين المطالبة بعزله وإقالته.
⬅️ الوقفة الرابعة: قول الكاتب: “كنت أتمنى أن يشير البيان إلى إصرار الجماعة على اتباع كل الوسائل العلمية لمناهضة ومقارعة الاتجاه”.
? *جوابه:* أن هذا حاصل بالفعل وسيتواصل بإذن الله حتى تفضح كل الأفكار المنحرفة والمذاهب الهدامة، لكن المطالبة هنا بعمل تنفيذي وهو إقالة مدير المناهج وهذا منصوص عليه في البيان بل هو أساسه ولبه.
‼️ وقد اعترف الكاتب بمشروعية ذلك في قوله: “والمطالبة حق مشروع لا ينازعهم أو يمتن بها عليهم أحد”.
? وهذا الحق المشروع هو أساس البيان، وهو الذي طالب به، لكن الجماعة هنا بصدد اتباع الوسائل لمنهاضة استمرار القراي في منصبة عبر وسائل مشروعة كالمطالبة بإقالته.
⬅️ الوقفة الخامسة: ادعاء أن الجماعة سرقت لسان الشعب السوداني وإجماعه.
? هكذا ادعى الكاتب أخذًا مما جاء في البيان ونصه: “إنّ المسلك الذي يسلكه مدير المركز القومي للمناهج في نزعه للقرآن من المناهج؛ وإصراره على المضيّ في هذه الطريق الوعرة التي يخالف بها إجماع الشعب المسلم في استنكاره ورفضه للعبث بكتاب الله تعالى”.
وتساءل الكاتب: “من أين للجماعة ادعاء إجماع الشعب السوداني؟ هل توجد دراسة أو استطلاع للرأي يؤكد ذلك؟”.
? الجواب من وجوه:
▪️الأول: أن إجماع الشعب السوداني أخذ من اتفاقه على تعظيم كتاب الله تعالى وحرصه على تعلم القرآن وحفظه، وهؤلاء يشكلون ثمانية وتسعين بالمائة تقريبًا، ولا عبرة بالأقلية غير المسلمة أو اليسارية التي لا تؤمن بالقرآن، وهؤلاء قطعًا مجمعون على رفض العبث والاستهزاء بالقرآن بلا ريب، هذا مأخذ الإجماع.
▪️الوجه الثاني: ما صدر من القراي ليست وجهة نظر كما يدعي الكاتب.
? بل القراي، قال بلسانه إنه سيحذف القرآن ويجعل بدله سماع الألحان والتراتيل من التوراة والإنجيل ومعها تلاوات من القرآن، هل هذه وجهة نظر؟.
? والقراي قرر في تصريحاته الكثيرة أن تربية الأجيال على العقيدة الإسلامية هوس ديني، وكأنه يتكلم في بلاد نصرانية أو شيوعية حمراء، هل هذه وجهة نظر؟.
? القراي يقرر أن نصف القرآن لا يعمل به، وأن الشريعة غير صالحة لهذا الوقت وانتهت صلاحيتها منذ قرون، هل هذه وجهة نظر.
? وطوام القراي أكثر من أن تذكر في مقالة كهذه.
▪️الوجه الثالث: هل تعيين القراي تم بإجماع الشعب السوداني وهل استشارهم أحد؟
❓ وهل الكاتب لديه استطلاع للرأي يثبت هذا؟
? كل ذلك لا بلا شك.
فإذا كان تعيينه لم يتم بإجماع فعزله لا يحتاج إلى إجماع، بل يكفي فيه الأصوات الكثيرة المطالبة به، وإن لم تبلغ الإجماع، وإن كان إجماع الشعب المسلم على إنكار شناعاته حاصل قطعًا.
▪️الوجه الرابع: من فوض الكاتب ليجادل عن الشعب ويدعي أنهم ما أجمعوا، ألا يكون بهذا سارقًا لسان الشعب حسب تعبيره؟.
⬅️ الوقفة السادسة: ادعاء الكاتب أن القضية شخصية:
? هكذا ادعى هداه الله، واستند في دعواه إلى أنه جاء في البيان أن القراي وجد مساندة من وزارة التعليم، وأسس على هذا قوله: “إذن فالأمر هنا أمر وزارة مختصة، فلماذا التركيز على إزالة القراي وحده؟ …فالجماعة تحول اختلاف رؤية إلى قضية مع شخص القراي”.
? والجواب من وجوه:
▪️الأول: مساندة وزارة التربية لا تعني بالضرورة موافقتها له في آرائه، وإنما تمسكها ببقائه، والبيان نقد آراء القراي، ولم يرض موقف الوزارة المساند له في بقائه في المنصب.
▪️الوجه الثاني: وزارة التربية مطالبة بإقالته، ولو أنها فعلت لحصل المقصود وزال الضرر، ثم لو تبنى الوزير أفكار القراي ودعا إليها سيواجه بذات الوسائل أيضًا فليست القضية شخصية، فالجماعة ليست لها قضية شخصية مع القراي وإنما قضية شرعية منهجية تطال القراي ومن نحا نحوه.
▪️الوجه الثالث: سبقت الإجابة على أن موضوع القراي ليس موضوع اختلاف رؤية، وإنما هو اختلاف دين ومنهج.
هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على النبي الكريم وآله وصحبه.
٩ رمضان ١٤٤١هـ، 2020/5/3م
#إزالة_القراي
✍️ د. حسن أحمد حسن الهواري
(الأستاذ بجامعة القرآن الكريم)
الخراي ده خاتنو ليكم لغم عشان يكتلوهو هم ويلبسوكم ليهو ويقعوا فيكم إسلاموفوبيا عشان كده خلوها سلمية ضد الخرايية.