مجزرة 8 رمضان .. أحداث المقدمة التي انتهت بفض الاعتصام
مرت ذكرى مجزرة الثامن من رمضان، والتي مثلت الهبوط على درج التنازلات، وذلك حين قبلت الحرية والتغيير العودة إلى التفاوض، وفق علاقات قوة تميل لصالح المجلس العسكري الانتقالي حينها، وكانت أول لجنة تشكلت لتقصي الحقائق حول المجزرة، اشتركت فيها الحرية والتغيير إلى جانب شركاءهم اللاحقين من الشق العسكري، وبالرغم من اعلان السلطات حينها القبض على مرتكبي المجزرة وعرضتهم على وسائل الاعلام، إلا أن العدالة لم تتحقق، ولم تعلن السلطات للراي العام ماذا جرى في القضية الغامضة الواضحة، تلك بداية التهاون في حقوق دماء الشهداء،وكانت بداية النهاية لقضية العدالة التي أغتيلت لاحقاً في فض الاعتصام، التي ما يزال مصيرها غامض، يشبه إلى حد كبير مصير أحداث الثامن من رمضان وفقاً لأغلب المتابعين.
ما تزال الثورة في شعار العدالة الغائبة، تعتمل في صدور لجان المقاومة وشبابها، وأسر الشهداء، ما يزالون يبحثون عن العدالة والقصاص، وما تزال اللجان تعمل للوصول إلى الجناة، الذين أقرب مما يتصور البعض، وأبعد ما يكونون إلى العدالة.
يرى تجمع المهنيين السودانيين أن غياب العدالة وبطء القصاص العادل لدماء الشهداء يظل خنجراً في خاصرة الثورة، كما إن القصاص للشهداء يظل الواجب المقدس الذي لا حياد عنه، وقال التجمع في بيانه بمناسبة ذكرى الثامن من رمضان: في هذا التوقيت العام الماضي ارتقت أرواح شهداء مجزرة الثامن من رمضان الذين قتلوا غدراً وهم يدافعون بلا هوادة عن المتاريس التي شيدوها في شارع النيل، دفاعاً عن اعتصامنا الباسل، ضاربين أروع الأمثال في البذل والتضحية والفداء”. وزاد التجمع أن تضحيات شهداء 8 رمضان العظيمة في سبيل تحقيق أهداف ثورتنا المجيدة، ستظل نبراسا يهتدي به الثوار وبوصلة تحرك الثورة حتى تصل إلى غاياتها “.
لجان المقاومة تحيي ذكرى شهداء المتاريس
تقول لجان مقاومة أبو روف في ذكري الثامن من رمضان، أنهم فقدوا شهداء أعزاء وخالدين باعتصام القيادة العامة، كانوا رفاقاً لنا منذ الوهلة الأولى، نضالا بنضال وكفاحا بكفاح وصموداً بصمود، منذ الموكب الأول، وصولا لساحات اعتصام القيادة العامة، حتى إسقاط النظام ومواصلة إسقاط دومينو إنهيار نظام الجبهة الإسلامية، السفاح البشير، وأبن عوف، لتحقيق سلطة مدنية كاملة الدسم، وفق مبدأ واحد لاحياد فيه : سلطة مدنية أو ثورة أبدية .
وتضيف لجان أبو روف أن من فقدناهم في ليلة الثامن من رمضان في ساحات اعتصام القيادة المجيد منحونا الصمود والانتصار، حيث تمت مهاجمة الاعتصام غدراً وخيانة من قبل قوى الثورة المضادة في محاولة فاشلة لفض الاعتصام، وكانت حصيلة الشهداء في ذلك اليوم أحد عشر من الشهداء والعشرات من الجرحي المضرجين بدماءهم .
بدأ الهجوم قريباً من زمن الإفطار في شهر رمضان من العام السابق واستمر حتى العاشرة مساء بشارع النيل، وشارع الجمهورية والأماكن المحيطة بالاعتصام، لم نرهب ولم نرتجف بل صمدنا وتوالت مواكب الثوار دعما للاعتصام، تماسكنا وحولنا الخيام لغرف طوارئ طبية ومن بين تلك الخيام خيمة لجان مقاومة ابوروف التي جعلت خيمتها مركزا للعناية الطبية .
ستظل ذكرى الثامن من رمضان دافعاً ثورياً قويا لوحدة وتماسك لجان المقاومة ومكونات قوى الثورة السودانية، وملحمة فريدة للوطنيين من شرفاء القوات المسلحة التي سقط شهيد من بينها وهو يتصدى لذلك الغدر الكيزاني البغيض، كتفا بكتف مع الثوار والثائرات، وبالرغم من تجريدهم من أسلحتهم كخيانة مكتملة الأركان، وأضافت: “سيظل يوم الثامن من رمضان شاهداً على البسالات والتضحيات والإنتصارات المستحثة على الحفاظ وحماية وحراسة الثورة وتحقيقاً لأهدافها “.
وتسرد لجان مقاومة أم درمان ليلة المتاريس، وقالت أن المخيلة لا زالت تحتفظ بمشاهد الليلة كاملة، كأنها في الأمس القريب، مشهد قوات الدعم السريع وهي تنتشر من الاتجاه الجنوبي لشارع النيل، وتاتشرات القوات المسلحة وهي ترتكز في الجانب الشمالي منه، وأضافت أنها تعي جيدا أن تلك الليلة كان لحظة مفصلية في تاريخ الثورة واعتصامها الباسل، فالتساهل والتماهي مع ما حدث ليلتها والخضوع التام لشروط المجلس العسكري، والعودة للتفاوض معه وفقا لشروطه ومحدداته، رغما عن كل ما حدث ودون موقف قوي وواضح ضد المجزرة التي تمت، ورد الاعتبار لما سال فيها من دماء، كان هو الضوء الأخضر الحقيقي لفض الاعتصام، وشارة البدء لتمادي المجلس العسكري في تجاوزاته وهمجيته وسفكه للدماء، كتفا بكتف مع عملية تمزيق وحدة الحركة الجماهيرية تحت شعارات ” كولومبيا لا تمثل الثورة ” حتى تحولت كولومبيا نفسها لكعب أخيل الاعتصام الذي أنسربت من خلاله وتحت مبرارته كتائب الغدر الهمجية ليله الثالث من يونيو الدامية.
وشدد لجان مقاومة أم درمان على أن أعاده هيكلة القوات المسلحة وبقية القوات النظامية الأخرى واستعادة مهنيتها واحترافيتها واستقلاليتها وتفكيك بنية التمكين فيها واعادة صياغة عقيدتها القتالية على أسس جديدة، تحترم قيمة المواطن السوداني وحياته ورفاهيته، وتجعله على رأس أولوياتها، وتعلي مصلحة الوطن العليا، هي السبيل الوحيد لوقف الانتهاكات وحقن الدماء حاليا ومستقبلاً.
استدعاء للجسارة
اعتبرت مجموعة من الثوار أطلقوا على أنفسهم جند الوطن للحرية والتغيير، إنّ ذكرى مجزرة الثامن من رمضان باعتصام القيادة العامة استدعاء للجسارة والصمود والبسالة في مواجهة قوى الغدر والخيانة، من قوي الردة الثورية التي هاجمت الثوار في محاولة بائسة لفض الاعتصام في ذلك اليوم – حيث لم يهاب الثوار والثائرات مواجهة الرصاص متقدمين نحو التروس لحمايتها مرفوعي الرؤوس مفتوحي الصدور، لتزيد حصيلة الشهداء والجرحى في ذلك اليوم من الثوار وشرفاء القوات المسلحة، وتتحول خيام لجان المقاومة إلى مراكز للطوارئ الطبية، ويعبر الثوار من بعدها في صمود وانتصار مجيد مواصلين اعتصامهم .
وقالت إننا عبر ذكرى مجزرة الثامن من رمضان نستلهم وحدة نضالاتنا وتماسكنا في خط واحد للدفاع عن ثورة ديسمبر المجيدة، وحماية مكتسباتها وتقدم إنتصاراتها في وجه فلول وبقايا النظام وقوى الثورة المضادة والاختطاف او الانحراف، ودعت لمزيد من التماسك بين جميع مكونات قوي الثورة، وبالأخص أمام الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد من جائحة كورونا – للخروج من كافة المنعطفات الحرجة بما فيها من ازمة إقتصادية وتحديات قضايا المعيشة، الذي يصادف شهر رمضان وضرورة الإلتزام بتوفير السلع الأساسية للمواطنيين في منازلهم للحفاظ والحماية من كوفيد- 19 .
وأشارت إلى أنها عبر ذكرى مجزرة الثامن من رمضان تحمل على عاتقها عدد من الملفات تتمثل في : جائحة كورونا، وجائحة قوى الثورة المضادة، ووحدة وتماسك قوى الثورة وحراستها وحمايتها، وقضايا المعيشة والخدمات، وإستكمال هياكل السلطة، وإزالة نظام التمكين ومحاربة الفساد، ومحاكمة رموز النظام، والقصاص لدماء الشهداء، والسلام العادل الشامل. وذكرت تلك تحدياتنا تجديداً لعهدنا في جند الوطن مع شهداء الثورة بالإنتصار علي هذه التحديات بالإلتزام الثوري الحريص علي إحراز نتائج متقدمة وحاسمة في هذه الملفات ودعت مكونات الثورة للإلتزام بذلك.
وقال الأمين العام لهيئة محامي دارفور الصادق علي في ذكرى مأساة مجزرة الثامن من رمضان، أن البلاد تحررت من الطغاة وليس بالغريب أن يحاول في ذات اليوم أحد مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، وهو أحمد هرون الهروب من مستشفي الشرطة، صحيح أن البلاد تمر بظروف صعبة والملفات متراكمة، خاصة بالنسبة للنائب العام ولكن هناك ضرورة قصوى أن نستلهم من ذكرى الشهداء قيمة التضحيات التي قدموها للشروع في الإجراءات الفعلية في ملاحقة مجرمي الإنقاذ، لتقديمهم للمحاكمات ولإنصاف اسر الشهداء التي ضحت بفلذات اكبادها وتكريم شهداءنا البواسل.
ووصفت نقابة أطباء السودان الشرعية ما حدث هو بداية الغدر من المجلس العسكري الانقلابي واللجنة الأمنية للنظام البائد، وقتل مرتزقتهم لأشراف الوطن الثوار في تروس اعتصام القيادة العامة بكل جبن و خسة، وحيت نقابة اطباء السودان الشرعية ذكرى الشهداء الأبرار الذين تم غدرهم في الشهر الفضيل وجددت مطالبتها بالقصاص العادل للشهداء والجرحى والضحايا طوال عهد النظام البائد علي امتداد ربوع الوطن”.
وأعتبرت منظمة أسر شهداء ثورة ديسمبر المجيدة 2018 أنه مر عام على الملحمة، على الرصاص والبمبان وهدير الهتافات، والغدر والخيانة، وأضافت المنظمة أنه مر عام على المجزرة وبحور الدم لم تجف، والقتلة في مناصبهم، وأن الجريمة لم ولن تسقط بالتقادم فالقصاص حق واجب، وقالت المنظمة أنه بعد مرور عام في حضرة الذكرى يكون الكلام بلا معنى، فالدم الذي سأل وأحلام الوطن التي قتلت لا يمكن أن تنسى، أو يجوز معها المصالحة أو التجاوز، واكدوا على تجديد عهدهم ووعدهم مع الشهداء ” الدم قصاد الدم ما بنقبل الدية “.
حافظ كبير – سعاد الخضر
صحيفة الجريدة