بين الصحافة وجهاز الأمن 2
كلام الناس
أواصل الكتابة عن بعض تجاربي مع جهاز الأمن في عهد الإنقاذ المقبور،ليس من أجل التباهي بمواقف مشهودة ومعلومة في الوسط الصحافي إنما لتسليط الضوء على التدخلات الامنية في المؤسسات الصحافية التي أثرت سلباً على أدائها التحريري.
هذه التجربة حدثت أيضاً في إحدى اللقاءات “التنويرية” التي كان ينظمها جهاز الأمن مع رؤساء تحرير الصحف كلما يطرأ أمر يريدون تسليط الضوء عليه أو تبنيه.
هذه المرة كان اللقاء بمناسبة إنعقاد إجتماع أجهزة الامن والمخابرات في أفريقيا بالخرطوم، وبعد إنتهاء مسؤول الإعلام بالأمن من حديثه عن هذا الإجتماع طلبت فرصة للحديث.
في البدء شكرتهم على إطلاعنا على أهمية إجتماع قادة أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية بالخرطوم وأهمية مثل هذه الإجتماعات لتعزيز التعاون بين هذه الاجهزة لحفظ الأمن في القارة و….الخ قلت : أرجو أن تستمعوا لرأينا، لكنه ظل يسترسل في حديث مطول عن دور الصحف وأجهزة الإعلام وما ينبغي أن تلتزم به من ضوابط تمكنهم من أداء رسالتها و…..الخ بعدها قال : الان لكم الفرصة في أن تتحدثوا فتطوع رئيس تحرير لاداعي لذكر إسمه قائلاً : نورالدين من قال بان لديه مايقوله لكم، حينها قلت لمسؤول الإعلام بالجهاز لدي تحفظات على التدخلات الأمنية في الأداء التحريربي وكيف أنهم في بعض الأحيان يعدون بعض الأخبار الجاهزة والإتصال برؤساء التحرير لنشرها وهذا يؤثر سلباً على مهنية ومصداقية الصحف ويضيق مساحة المنافسة في مجال الأخبار.
شرب مسؤول الإعلام كلامي دون أن يعلق واستمرت تدخلاتهم الامنية المباشرة وغير المباشرة قبل أن يؤسس جهاز الأمن مركز السودان للخدمات الإعلامية يعمل تحت إدارتهم، يُعد الأخبار والتقارير وإستطلاعات الرأي ويوزها للمؤسسات الصحافية لنشرها!!.
للأسف حتى بعد نجاح ثورة ديسمبر الشعبية ما زال بعض رؤساء تحرير الصحف وبعض الأقلام الصحافية يعملون بذات السياسات القديمة التي ترسخت في أعماقهم، ومازالت الاخبار المصنوعة والمسمومة والمقالات التخذيلية “تسود” صفحات الصحف حتى يومنا هذا.
كان الله في عون الشعب السوداني حتى تكتمل فرحته ويحقق تطلعاته المشروعة في السلام والديقراطية والعدالة ومحاربة الفساد والمفسدين والحياة الحرة الكريمة.
نورالدين مدني
الراكوبة