لماذا يتصدر العسكر المشهد السياسي؟

عندما اتجهت جموع الثوار الى قيادة الجيش العامة بمطلب وحيد وهو إنحياز القوات المسلحة لثورة الشعب وخلع البشير، عندها نحن من أخرجنا “الدبابات” من ثغورها ، وذهبنا بالمؤسسة العسكرية إلى مهمة أخرى غير مهمتها الأصيلة والمعلومة وهي حماية الأمن القومي وحدود البلاد ، إلى المشاركة في الفعل السياسي وتغيير النظام .
إذا ..نفذ الجيش ما طلب منه ، لماذا لم تعود تلك الدبابات إلى ثكناتها؟ ، بل اصبحت حاضرة بقوة في المشهد السياسي.. وأصبحت متواجدة في ميادين المدن وليس ميادين المعارك ، مما يوضح أن الإمور ليست مستقرة بما يكفي لإرساء دعائم الحكم المدني وتفعيل المؤسسات ، وما دفع العسكريين لتصدر المشهد الآن (حميدتي رئيسا للجنة الاقتصادية مثلا) ،هو تكاسل او فشل،او تباطؤ المجتمع المدني في القيام بواجبه الثوري مكتملا واستعادة توازنه الذاتي، وإعادة الجيش إلى مكانه الصحيح وثكناته الأولى،
وهو الأمر الذي لن يتحقق الا بالإستمساك بقواعد الضبط الاجتماعي (غير الرسمي) ، المتمثل في الإلتزام بالقيم الاخلاقية العامة، والنظم واللوائح التي لا غبار عليها ولا تحطوها شبهات الفساد والالتفاف على المصلحة العامة،
هذا واجب المجتمع الثوري الفعال ، والذي يدافع عن الابداع والحرية الفكرية، ويطلب إشاعة الحريات العامة. ويتطلب ذلك قبل كل شئ ،أحزاب سياسية. ومنظمات مجتمع مدني وطنية ،وراشدة ،تعي حقا مسئولية وماهية الإنتقال العسير من الثورة الى الدولة ..
رشان أوشي







هشاشة الوضع المأزوم فى السودان هى التى اقتضت هذا الامر وفرضت وجود العسكر فى هذه الفترة العصيبة من عمر الوطن التردى والدمار الذى مارسه اؤلئك المجرمون من بنى كوز ومن دار فى فلكهم اقتضى وجود هذه الشراكة من اجل التعاضد وتفكيك النظام البائد الذى تغلغل فى كل مفاصل الدولة ومن هنا تتجلى لنا حكمة وحنكة السيد رئيس الوزراء فى طلبه ولاية اممية تحت الفصل السادس تساعد المكون المدنى من الاطلاع بدوره فى النهوض بالوطن وبالتالى عودة العسكر الى ثكناتهم تدريجيا حتى يختفوا من المشهد السياسى الذى لم يشهد غيابهم عنه ما يزيد عن الخمسون عاما عجاف وهذا الامر يجعل اختفاء العسكر فجاة من المشهد يفتح الباب أمام انقلاب عسكري على احسن الفروض ان لم تكن الفوضى ولكن عندما ينهض المكون المدنى بمساعدة البعثة الاممية ويقوى عودة يمكننا ان نتحدث عن غياب العسكر من المشهد السياسى والعودة إلى ثكناتهم