بيانات ووثائقمدارات

مذكرة منسوبی وزارة الصحة لرئيس الوزراء: قرارات اكرم عشوائية متسرعة وخاطئة.. نرفع الأمر لسيادتكم وأن تتخذوا ما ترونه مناسبا


بسم الله الرحمن الرحيم
التاريخ: 2020/5/19
السيد رئيس مجلس الوزراء
بواسطة السيد وزير الصحة الاتحادي
المحترمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
? مذكرة حول الوضع الراهن في وزارة الصحة الإتحادية ?
المجد والخلود لشهداء ثورتنا المجيدة الذين دفعوا أرواحهم الغالية في سبيل وطن حر وسلام شامل وعدالة يحلم كل مواطن أن ينعم فيها بحياة كريمة.
مثلنا مثل الوطنين الشرفاء، خضنا كمنسوبي وزارة الصحة الإتحادية حربا ضروسا ضد النظام البائد، و عانينا ما عانينا من تهميش وظلم وتخبط إداري وتسيس وتمكين فئات قليلة الكفاءة والخبرة لتحتل أغلب مناصب الوزارة العليا. وجاءت ثورة ديسمبر المجيدة وشاركنا فيها بالإضرابات والاحتجاجات والتظاهرات وإستبشرنا خيرأ بأن تعود الأمور إلى نصابها و للأفضل. نرفع هذه المذكرة بحس عميق بالمسئولية التي أولانا إياها هذا الشعب الذي إتمننا على تقديم كل ما يحفظ صحته وعافيته. وكنا وما زلنا في هذه الوزارة شعلة من الحماس وينعكس ذلك جليا في شبابنا من الكوادر الصحية في مقدمة الخطوط في حربها ضد هذه الجائحة، يعملون في أقسي الظروف دون حماية كافية ودون توجيه وتدريب كاف. ولهذا السبب نرفع لسيادتكم هذه المذكرة إلحاقا لمذكرتين (مرفق) تقدمنا بها للسيد وزیر الصحة الإتحادي ولكن لم نحظی منه برد.
السيد رئيس الوزراء،
ضرب السيد وزیر الصحة بالمؤسسية والحوكمة الرشيدة عرض الحائط فقفل الباب أمام الشورى وإنفرد في أغلب قراراته والتي كانت أغلبها متسرعة وخاطئة وتراجع عن أغلبها ، وهذا أمر ساءنا كثيرا. يتعامل السید الوزیر بسياسة رد الفعل والرضوخ بتنفيذ المطالب أو إلغاء قراراته تحت الضغوط المختلفة. فقد إتخذ قرارات عشوائية عديدة ما كان له أن يتخذها لو استشار. ندرت الشورى بين وزير الصحة و وكيلة الوزارة و مدراء
إداراته. والأمثلة عديدة نسوق بعضها هنا. أعاد السيد الوزير أيلولة بعض مستشفيات العاصمة القومية لوزارة الصحة الإتحادية دون التشاور مع الجهات المعنية بما فيها مدير عام وزارة الصحة ولاية الخرطوم مما حدی بالأخير بالإستقالة.
ومثالا آخر في ظل شح الدواء في البلاد بل إنعدام بعض أصنافه إذا بالسيد وزير الصحة الإتحادي يأمر بإلغاء تسعيرة الدواء التى تم الإتفاق عليها وأجيزت من مجلس الأدوية والسموم مما يضع صحة المواطنين في خطر. والكل يعلم بأن تعديل التسعيرة أمر عاجل جدا حتى لا يتوقف الإنتاج الدوائي مما يضر المواطن
بصورة مباشرة. وعندما أعلنت شركات الدواء التوقف عن الإنتاج تعبيرا عن رفض إلغاء التسعيرة مما ينذر عن كارثة دوائية. دعا السيد الوزير لاجتماع مع كل شركات ومصنعي الدواء والشركاء وبعض الوزراء ذوي الصلة لمناقشة الأمر لكنه لم يحضر الاجتماع ولم يعتذر عنه أو يعدل مواعيده، ولم ينوب عنه أحدا ولم يكلف
السيدة الوكيل أن تقوم مقامه. وهذا تصرف أقل ما يمكن أن يوصف به أنه تصرف غير مسئول ومهين لكل من دعي لذلك الإجتماع، ولم يقم حتى هذة اللحظة.
ونحن نضع أساس جديدة للنظم الصحية، خرق السيد وزير الصحة كل الأعراف المستقرة التي سارت عليها وزارة الصحة في كل العهود بما فيها الدكتاتوريات، وهي أن وكيل وزارة الصحة الإتحادية والمسؤول التنفيذي الأول في الوزارة يجب أن يكون ذا خبرة كبيرة وشاملة لكل جوانب الخدمات الصحية وذو دور فعال. ولكن ما التمسناه هو غياب هذا الدور الفعال وأن التنفيذي الأول والأخير هو السيد الوزير في تغول واضح على صلاحيات الوكيل.
وبعد مضى أكثر من ثمانية أشهر من عمر الحكومة الإنتقالية سادت الوزارة بيئة غابت فيها السياسات الصحية وسوء إدارة النظام الصحي، وتجاوزات بينة للقوانين واللوائح وتدمير الخدمة المدنية بتعينات تتعارض مع هیاكل الخدمة من حيث التخصص والدرجات الوظيفية والكفاءات، وتسيس المواقف التي يجب أن تتسم بالمهنية.
حين إنتشرت جائحة الكورونا حول العالم، وحين شاهدنا كيف أنها أنهكت الأنظمة الصحية في الدول الكبری، استشعرنا القلق فيما قد يحدث لمواطنينا في ظل نظامنا الصحي الضعيف. وكنا في كل إدارات الوزارة على أتم إستعداد لبذل الغالي و النفيس في خدمة الشعب ومكافحة هذه الجائحة. لكننا فوجئنا جميعا بقرار بتاريخ 21 مارس بتقليص العاملين بالوزارة وحصر الدوام على إدارة الطوارئ والأقسام الإدارية فقط. أما بقية العاملين يعتمد حضورهم على المدير المباشر إذا إستدعت الضرورة. أدى ذلك كل إدارات الوزارة الأخرى، وكلها معنية بمجابهة هذه الجائحة كل في مجاله، يتابعون أخبار الوباء على الشاشات. ليس ذلك فحسب، بل تم فتح باب التعاقد لأخرين لتقدیم خدمات مختلفة أثناء الجائحة ويتم كل ذلك ومنسوبو الوزارة بكل خبرتهم المتراكمة يقبعون في منازلهم في إنتظار إشارة لتقديم العون.
تلمسنا مخاطر وشيكة خاصة عندما تم الإبلاغ عن الحالة الأولي بعد أن توفيت. كشفت تلك الحالة ضعف الوزارة في التقصي والتأخر في الاستجابة. إستشعرنا الخطر مرة أخرى حين وصلت أول حالة حرجة لمستشفي جبرة للعزل و وافتها المنية خلال دقائق بعد وصولها. ولم يكن هناك الفريق الطبي جاهزا لاستقبال الحالة وتمت الإستعانة بكوادر من مستشفى خاص.
بعد إسبوعين من ظهور أول حالة وبتزايد الحالات بالبلاد، إتضح لنا بما لا يدع مجالا للشك ضعف الإستجابة على المستوی الإتحادي وأكثر منه على المستوى الولائي الذي ظهر بوضوح في إدارتي المستشفيات والوبائيات، مما نتج عنه تعطل الخدمات الطبية المتكرر في عدة مستشفيات و واقع مؤلم من المحاولات الحثيثة لأهلنا للحصول على خدمات طبية وبعضهم توفاه الله قبل إيجاد مستشفي لعلاجه، أغلب تلكم الحالات هي
حالات يمكن علاجها بغرف طوارئ المستشفيات العامة.
إن بطء الإستجابة للتبليغ عن حالات الإشتباه، ونقل الحالات وإستقبالها في مراكز العزل التي لم تكتمل فيها الإستعدادات، بل إن عقودات الصيانة وشراء المعدات الطبية لمراكز العزل والحجر لم توقع حتى هذة اللحظة.
إن هذا يعكس فشل وقصور في إدارة الأزمة وإنعدام التخطيط وهو أمر غير مقبول خاصة بعد مرور أكثر من شهرين من إعلان أول حالة.
إن ضعف التنسيق مع الجهات ذات الصلة من وزارات وقوات نظامية للحد من إنتشار هذة الجائحة أثر سلبا وكان سببا في ازدياد الحالات مثل التنسيق مع القوات النظامية في تطبيق قفل المعابر والحد من صفوف الخبز والوقود وعدم تطبيق إجراءات الحظر الجزئي أو الشامل بالإضافة للتصاريح الكثيرة جدا الممنوحة للحركة. إن ارتفاع الحالات نتج عنه شح في إيجاد مرافق صحية تكفي، ولكن لم تضع الوزارة آلية لمتابعة المحجورين
بالمنازل ودعمهم وتوجيههم.
ومما ساءنا ككوادر طبية وصحية ما رأيناه من إساءات لفظية وجسدية و معنوية تعرض لها جزء كبير من الكوادر من قبل أفراد القوات النظامية في نقاط الإرتكاز ومحطات الوقود ومن أبناء شعبنا أيضا، وكلنا نعلم أن هناك قانون لحماية الكوادر الطبية ولكنه لم يطبق بعد مما أدی لإزدياد حالات الإعتداءات.
تقدمنا للسيد الوزير بمذكرة بتاريخ 27 أبريل (مرفق) تحوي إحدى وعشرين بندا تحتوى على مقترحات لمعالجة وتلافي الإخفاقات التي حدثت خلال التعاطي مع هذه الجائحة. مر أسبوعان ولم نتلقي ردا ولا شاهدنا استجابة عملية. عليه تقدمنا بمذكرة أخرى يوم 10 مايو (مرفق) حين اذ تضاعفت الحالات 5 أضعاف والوفيات
3 أضعاف وإنتشر الوباء في كل الولايات خلال إسبوعين فقط. ويظهر جليا أن ملف أزمة الكورونا لم تتم إدارته بمهنية مما أدي للإنتشار المجتمعي المتصاعد رغم أن جهات عديدة قد حذرت السيد الوزير عبر أوراق علمية محلية وعالمية (ورقة لجنة الإستشاري ين بتارخ 2 2 مارس)، وورقتي مدرسة لندن للصحة العامة
(للتوقعات لجميع دول أفريقيا في 25 مارس، و ورقة السودان في 30 أبريل). لكنه تجاهل كل الأدلة والمقترحات و لم يقدم بديل مما أدي للتزايد المستمر في الإصابات والوفيات التي نشهدها الآن.
السيد رئیس مجلس الوزراء
* تأكيدا على أننا الآن في مفترق الطرق وعلينا أن نتحد جميعا لكي ننتشل النظام الصحي من وهدته وقبل أن ينهار تماما
* وتذكيرا بأن أمامنا خريفا وشتاء قادمين بأمراضهما وجائحة لا يعلم إلا الله مداها وأن علينا أن نوفر الدواء والخدمات الطبية والصحية لمواطنينا في كل الأحوال
* وبما أن البلاد تحتاج في هذه الظروف العصيبة للتكاتف والتازر والعمل المنظم المتناغم حيث يقوم كل فرد بما يجب أن يقوم به لتصحيح هذا الوضع المعيب
* ولأننا نتوقع من وزير الصحة أن يكون معنا يحضر للعمل قبلنا ويخرج بعدنا، وأن يكون صوتنا المعبر عنا بصدق خارج وزارتنا وأن يكون سندنا وعضدنا لا قوة هدامة تفرق بيننا و تستجدي المؤازرة من مجموعات خارج وزارته
* وبما أن العلاقة المهنية يجب أن تكون أقوى ما يكون بين وزارتي الصحة الإتحادية و وزارة الصحة ولاية الخرطوم
* وبما أن سوء الإدارة في وزارة الصحة الإتحادية والتخبط في إتخاذ القرارات قد وصل حدا قدم فيه أربعة من مدراء الإدارات العامة التسع في الوزارة إستقالات جماعية عن العمل؛ بالإضافة لنائب مدير إدارة عامة، مع العلم أنهم يتمتعون بالكفاءة ولا ينتمون لأحزاب سياسية وبعض منهم تم تعيينهم بواسطة السيد الوزير نفسه والإبقاء على من هم موجودين من قبل نسبة لتاريخهم المشرف
* وأن الإقالات خلال شهر واحد بلغت عشر إقالات لتطال مراكز حساسة وهامة جدا مثل مدير التنمية والمشروعات بوزارة الصحة، مدير المعمل القومي الصحي، ومدير الإدارة العامة للصحة العالمية، الأمين العام للمجلس القومي للأدوية والسموم ، ومدير عام وزارة الصحة ولاية الخرطوم ومدير الإدارة العامة للشؤون المالية والإدارية، وبالإضافة لبعض الإداريين. وقد تم تعيين بعض ممن هم أقل خبرة ممن تم إقالتهم
* ولأننا نسعي لأن نكون عند حسن ظن مواطنينا فنكون في منصة التخطيط والإدارة وأن يكون كل العاملين في مجال الصحة في مواقعهم في الخطوط الأمامية ولا نرضى بأن نجد أنفسنا في خضم معركة ليس لنا ولا للمواطن فيها مصلحة
* ولأننا صعب علينا التحاور والتعاون مع السيد الوزير عبر الطرق الإدارية المعروفة ولوضع الأمور في نصابها رأينا أن نرفع الأمر لسيادتكم لتولوه إهتمامكم وأن تتخذوا ما ترونه مناسبا، ونحن على ثقة تامة في حكمتكم وثاقب رؤيتكم وصواب رأيكم.
والله من وراء القصد
منسوبی وزارة الصحة الإتحادية


تعليق واحد

  1. اول سببين هما لصالح المواطن وليس ضده ان تعمل المستشفيات الحكومية بعد تدميرها وان لا تتحكم مافيا الدواء في أسعاره حتى يتمكن المواطن من شراء دواءه ام بقيتها فلا يد للوزير فيها وإنما عدم تنفيذ ما خطط له من جهات أخرى، وأما إقالة هذا أو ذاك ومنهم من تم تعيينه من قبل الوزير نفسه فأظن عدم إثبات الكفاءة هو السبب، اخيرآ قد كان الخيار في المداومة لمدراء الإدارات ولو كنتم حادبين على مصلحة المواطن كان تعملوا بأي وسيلة ولا تجلسوا في بيوتكم، وأخيرآ وليس آخرآ لم نرى مذكرة مثل هذه والوزارة على رأسها ابو قردة الذي أفتى بعدم علاج مصابي السرطان لعدم الفائدة وموتهم بعد العلاج، فهل تقنعوننا بأنه كان أفضل وهو لايعلم عن الصحة شيئآ ولا حتى فيما تستخدم المحاليل الوريدية، يا قوم كيف تحكمون، اللهم اجعل كيد كل من أراد بهذا البلد الطيب وشعبه شرآ ان يكون كيده في نحره.