مقالات متنوعة

مقارنات لموازنة ما قبل السقوط


عندما انطلقت شرارة ثورة ديسمبر المجيدة بالدمازين و عطبرة وامتدت لكل مدن السودان .. كثورة فريدة بشمولها و زخمها وسلميتها .. كان حينها النظام الآئل للسقوط .. يناقش موازنة عامة تكشف مدى ضعف حالنا وسوء مآلنا اذا قدر لذلك النظام بالاستمرار .. حيث كان حجم الانفاق المقدر لتلك الموازنة (٢٠١٩) مبلغ وقدره (١٩٤،٧مليار جنيه ) (٤.١ملياردولار) حسب التقييم غير الصحيح لسعر الدولار (٤٧.٥) مقابل الجنية .

والذى جعل السعر الرسمى عبر ما يسمى بآلية صناع السوق كواحدة من القفزات فى الظلام التى درج عليها ذلك النظام بلا هدى اوكتاب منير .. ليتعاطى الشعب حصرم مسلسل الجلطات والتخبطات الحكومية المستمرة .. ليصل متوسط سعر الدولار بالسوق الحر خلال العام ل ٦٧ جنيه .. . وهذا يعنى ان حجم اجمالى الانفاق لآخر موازنة لحكومة الانقاذ يعادل ٢.٩ مليار دولار وبحساب عدد سكان السودان سنة ٢٠١٩( ثلاثة واربعين مليون نسمه) .

يكون متوسط معدل الفرد من الانفاق السنوى العام لاخر موازنات الانقاذ ٦٧.٤دولار .. وعند مقارنة هذا المعدل مع الجارة الشقيقة مصر .. التى نجد ان الانفاق بموازنتها للعام يوليو ٢٠١٩/يونيو٢٠٢٠ يبلغ مبلغ وقدره( ١.٥٧٥ ترليون جنيه) تعادل( ٩٦ مليار دولار) حسب تقديرات الموازنة (محسوبة على اساس سعر حر للجنيه المصرى مقابل الدولار .١٦.٤جنيه) وقد استقر المتوسط خلال فترة الاداء الفعلى عند مستويات فى حدود المقدر بالموازنة (١٦.٥) .. وهذه تعادل ٣٣ ضعف الانقاق العام بموازنة السودان .. .واذا علمنا ان عدد سكان مصر سنة ٢٠١٩ يبلغ تسعة وتسعين مليون نسمة يكون معدل الانفاق العام السنوى للفرد ٩٧٠دولار وهذه تعادل مايزيد عن اربعة عشر ضعف نظيرتها بالسودان .. وذا نظرنا شرقا للجارة اثيوبيا والتى تتسق موازنتها مع الموازنة المصرية من حيث التاريخ المتداخل (يوليو ٢٠١٩/يونيو٢٠٢٠) والتى بلغ الانفاق بها ( ٣٨٦.٤مليار بر ) (١٣.٤٨ مليار دولار) للسنة المالية يوليو ٢٠١٩-يونيو ٢٠٢٠، ..

وواضح ان حجم الانفاق الكلى بها يفوق انفاق الموازنة السودانية باكثر من اربعة اضعاف ومتوسط معدل الانفاق العام السنوى مقابل الفرد (١١٢مليون نسمه) مبلغ وقدره (١٢٠،٣دولار ) ما يقارب ضعف نصيب الفرد السودانى من الانفاق العام السنوى واذا ذهبنا شرقا ايضا للملكة العربية السعودية الشقيقة نجد ان الانفاق العام بموازنة السعودية لسنة ٢٠١٩ فاق الترليون ريال مايعادل اكثر من ٢٧٠ مليار دولار وهذه تعادل انفاق السودان السنوى اكثر من ثلاثة وتسعين مرة ويعادل متوسط نصيب الفرد السعودى من الانفاق العام السنوى( ١٢٨٥٧ دولار) (٢١مليون نسمه) وهذه تعادل اكثر من مائة وتسعين ضعف نظيره السودانى .. ومن المعلوم ان الانفاق العام بالموازنات يمثل الانعكاس على حال البلد والناس من حيث توفر وجودة الخدمات العامة المختلفةويدل على مدى تطور البنية التحتية والتى تحدث نتيجة الصرف المتواصل بميزانيات سلسلة من السنوات .. وهذا واضح بالبون الشاسع للبنى التحتية والخدمات العامة بالدول المذكورة والسودان ..

ولن يختلف الحال اذا حللنا ميزانيات سنوات الانقاذ الثلاثون وقارناها بميزانيات مختلف دول العالم سنجد الفوارق المذهلة بين حالنا وحال الدول الاخرى الناتجة عن ضعف الحكومة و فسادها الادارى وعدم مقدرتها على ادارة الموارد بكفاءة وفاعلية تمكنها من ضخ ايرادات عامة بشرايين البلد لتمويل الانفاق العام بالقدر المناسب مع حجم الموارد وعدد السكان .. وهذه الارقام المقارنة عن الانفاق العام وفق آخر موازنة لحكومة الانقاذ،بالسودان .. وهى المعبر الحقيقى عن درجة اهتمام الدولة ومقدرتها على الانفاق على ادارة شئون بلدها وشعبها وصرفها على خدمات التعليم والصحة والبنى التحتية وغيرها من مهام الحكومات المعلومة .. وعند دراسة هيكل الايرادات الحكومية والتى تعبر عن مدى مقدرة الدولة على توفير موارد سيادية من المصادر المختلفة تمكنها من مقابلة متطلبات الانفاق العام .. نلاحظ الفوارق التى يكمن ورائها الضعف المؤسسى للدولة فمثلا الإيرادات العامة المصرية للموازنة المقارنة تشمل ايرادات ضرائب بقيمة( ٨٥٦.٦مليار جنيه ) (تعادل ٥١.٩ملياردولار ) بنسبة وقدرها( ٧٦℅) من اجمالى الايرادات العامة البالغ قدرها( ١.١٣٤ترليون جنيه .) والسودانية تشمل ايرادات ضريبية وقدرها ( ١٠١.٣٩٧) مليون جنيه تعادل (١.٥مليار دولار) بنسبة وقدرها( ٦٢℅) من ايرادات الموازنة البالغ قدرها (١٦٣مليار ) (٢.٤ملياردولار ) .. .

وهذه مؤشرات للاداء، العام المقارن وحتما توضح بجلاء ضعف الاداء بجوانب الانفاق والايرادات وما لهذا الامر من انعكاس على مجمل مؤشرات الاداء العام للدولة وكل حال البلد والناس ويمكن ملاحظة القفزة الكبيرة التى حدثت بموازنة العام الجارى بالسودان كاول موازنة تعدها حكومة الثورة .. رغم الحديث الكثير حولها واستدراك ادائها الفعلى المحفوف بكثير من المخاطر .. حيث قفز الانفاق العام المقدر بها من( ١٩٤.٨ مليار جنيه ) بموازنة ٢٠١٩ الى ( .٦٢٦.٦ مليار) بموازنة ٢٠٢٠ بزيادة وقدرها (٤٣١.٨ جنيه ) بنسبة زيادة وقدرها (٢٢١.٦ ℅ ) وهذه الزيادة بهذه النسبة الكبيرة بين موازنات العام اللاحق عن السابق بالدول اعتقد انها جديرة بالدخول لموسوعة قنس للارقام القياسية فلا اظن ان هنالك قفرة تمت بهذا القدر بموازنة دولة عن العام السابق لذا الاختلاف حولها مشروع والتوجس من عواقبها موضوعى .. . ولكن اذا قدر لها ان تنفذ بقناعة وتفاعل وتكاتف جميع مكونات الحكومة الانتقالية ومؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع .. وتوفر لها تعاون المجتمع الدولى المقدر والمنشود .. .وقدر لها ان تتحقق بارقامها الطموحة من موارد حقيقية وبعيدا عن .. رب .. رب .. رب .. هذه الكلمة التى تختصر توضيح كيفية التفكير و مسببات الخيبات الاقتصادية.

لحكومات المؤتمر الوطنى .. لانها اتت من رمز من رموزه وكان رئيسا لمجلسه الوطنى واحتشد صدى حديثه الاشتر بها بتصفيق من اعضاء مجلسه ينم عن ضعف تركيبة المجلس التشريعى للنظام الحاكم ويوضح اسباب البون الشاسع لحالنا و الدول المقارنة من حيث الخدمات وآلاف الكيلو مترات المنتشرة من الطرق والانفاق والمطارات والطائرات وا لمترو والكبارى الطائرة بها .وحال خدماتنا و بنيتنا التحية التى تركها النظام البائد حافية القدميين وممزقة الاوصال.و(ستكبس) حركة السير بشكل مؤلم ومبدد للموارد بولاية الخرطوم اذا لم يتم تدارك الامر بالسرعة المطلوبة.

ورغم المأساة التى تركها النظام البائد بهذا الوطن تجد بعض عناصره قصيرة البصر والبصيرة تمتن على الشعب بما تم من انجازات هزيلة لوقارناها بما حدث بدول العالم الاخرى وماتم بها خلال ثلاثين عام لبكت المقارنة من بؤس الحال .. وزلنطحية الادعاء .. .والآن نحن بعهد تحرسة شفافية متوهجة ووعى شعب ملهم ..

فندعو للحذر من تسرب امثال نواب الربربة تحت اى مسميات او محاصصة .. للمجلس التشريعى المزمع تشكيلة .. .كجهاز تشريع ورقابة لثورة الوعى العملاقة .. وموازنة ٢٠٢٠ .. اذا قدر لها ان تتحقق بارقامها الطموحة هذه ..

ستساعد تدريجيا على ردم الهوة الكبيرة بين موازناتنا وموازنات الدول النظيرة .. وحتما سيحدث انعكاس هذا الامر الايجابي على مجمل المؤشرات الاقتصادية وحال الدولة وحياة الشعب ..

ولكن هذا الامر مرتبط بضرورة تمويل هذه القفزة الكبيرة على الانفاق العام بايرادات حقيقية .. .فكيف السبيل لتحقيق هذا الهدف العظيم .. والذى يجب ان تولد لاجله الافكار وتشحذ الهمم ..

عادل محجوب علي

الراكوبة