هيثم بابكر يكشف تفاصيل اللحظات الاخيرة لحياة الراحل حمدي سليمان

اليوم يبدأ مثلما قد انتهي شهر مجيد ..
حمدي يغادر مسرعا .. كالسهم يرقي في الصعود ..
يا حامل الاخبار .. قف .. لا تقتل الأمل الوليد
يا حامل الاخبار أما دريت .. أن اليوم عيد ؟
حبيبنا واخانا حمدي سليمان حسن داؤد .. صنو روحي .. والابن الاكبر البار لمعلمه المرحوم حمد العوض .. أخ سناء حمد الدي لم تلده امها .. رفيق دربنا في خطوات الدعوة والدولة والجهاد ..
تحدثت معه مساء الخميس ، وكان صوته بعيدا .. قال لي انه ، ذهب لزيارة علي حسن بالسجن وابت نفسه الا ان يترجي مقابلة شيخه المهندس صلاح وهبي وصديقه عصام شامي ..
قال لي حينما حضرا .. اراد علي حسن ان يُسلم علي بكوعه .. فقال لي قلت له ” والله الكرونا الجاتكم في السجن دي وانتو بتدافعوا عننا ، يكون ما فينا فايده لو بطلنا ليها السلام وعناقكم وشوقنا ليكم “.. قال لي فبادرتهم بالاحضان متوكلاً وجلست معهم لفترة طويلة ..
عدت للبيت وعندي برنامج رياضة .. زدتو اليوم داك من نصف ساعة لساعة ونصف .. بديت اشعر بفتور شديد .. وبعد ثلاث يوم بدت الحمي .. الحمد لله ما جاني صداع ..
وبقيت من الفتور والحمي ما قادر اقوم من السرير .. بصلي بأصبعي ياهيثم .. اول مرة اصلي بأصبعي .. فحصت الملاريا واخدت علاج ملاريا .. ودي اصعب من ملارية الجنوب .. و٧ ايام عيوني مالاقن .. فقط نمت امس .. والليلة عرفت بوفاة جدك اتصلت اعزيك وبلغ تعازي لسعادة الفريق ..
قلت ليهو .. فحصت كرونا ؟
قال لي ما فحصت .. ما عندي صداع .. لكن عندي قحة وصلت مرحلة بيجي دم مع البلغم .. واخدت علاج مضادات حيوية .. حتي قدرت انوم ..
قلت ليهو اخدت علاجات طبيعية ..
قال لي باتمسح بالقرض مسحون بزيت السمسم من اصبع قدمي لحدي سبيب راسي .. نفعني ، لكن ما بامص القرض ..
حاولت اقناعه بالكمون بالعسل .. قال حيجربوا ..
لم تمهله علّته ، وضعفت مناعته .. يوم الجمعة حصل له انخفاض بالاكسجين .. وصل حتي ٦٥٪؜ ..
تواصلت مع سيد قطب .. سيد .. طمنا علي حمدينا ..
قال لي احسن الحمد لله الاكسجين رفع لحدي ٩٥٪؜ ..
يا الله يا حمدي
انفاسك التي ما برحت تفارق محيط قلبك الحار غضباً لاجل الدين .. انفاس قرآن الفجر والذكر والنشيد
الله يا حمدي ..
ايعز شهيقك للمعاني التي كانت تملأ رئتيك بعمق وانت تشم عبق اخوتك في الجهاد .. ود ابوالحسن .. وشهداء مربو .. لواء اليرموك .. وجوبا .. بيت السائحون .. وبوابة ساسكو .. مرافيت وطوكر ، قرورة عيتربة والعيتبيت ..
الله ياحمدي ..
من للدموع بعدك ، وأنت الرقيق البكّاء ، المُحب الصادق .. الحنين الودود .. خافض الجناح .. الموطأ كنفاً
الله يا حمدي ..
أتغيب عن بهاء العيد ، ولبس الجديد. وانت الانيق النضيف .. ما تخطئك العين بعمامتك الملفوفة بعناية وجلبابك ناصع البياض وهندامك الذي يخبر عزّة المسلم .. وكل ايامك عيد ..
الله يا حمدي
يا ابو عاصم .. وشقيق عاصم وحبيب عاصم وفردة عاصم .. أتمضي هكذا دونما استئذان ؟
الله يا حمدي
الان تجد العذر عند الله وان تري الصوت يعلو في وجه اخوتك .. ولا تقول مغاضبا ” هووووي .. اخوانا ديل نحن ما بنرضي فيهم “..
الله ياحمدي ..
ستفتقدك المساجد حينما يؤذن لها بفتح الابواب .. فقد رحل جسدك الطاهر هناك الي مسجدك الطهور ..
الله ياحمدي ..
ستفتقدك المنابر .. حينما يؤذن لها أولا يؤذن .. فانت الخطيب المفوه ، وكنت فينا الفتي السيدا ..
الله ياحمدي ..
سيفتقدك اصحاب الحاجات .. وتفتقد الدنيا كلمة ” حاضرين يا حبيب”.. فالي من بعدك نرجو تلبية حاجتنا ونسند ظهرنا مطمئنين ..
الله يا حمدينا ..
لا الصمت ولا الدموع ولا الغُصّة في الحلق ، ولا القِصّة في مسيرة دولتنا ودعوتنا أكتملت ، وانت ترفع تمامك باكمال رمضان .. وتتبؤ مقامك كهلال شوال .. وتفسح مجالك لدنيا لا تعرف امثالك ، وبلد شققتم في مسيرة الدعوة سهولها .. عمّرت في السياسة حقولها ..تقدم الرأي والنصح الذي ما كنت تخشي فيه لومة لائم ..
الله ياحمدي ..
تغادرنا بصمتك وصفوك وابتسامتك وضحكتك الفريدة ، وحبك لاخوتك وللناس هكذا بلا موعد .. فوالله ما شبعنا منك .. وستظل صورتك في كل خاطر .. هو ..هو .. بذات اريحية الصبية الذين حدثتني عنهم وهم يتغالطون حينما رأوك وانت عائد من المسجد ” ده بتاع بلادي سهول ؟ “.. لتقطع عليهم غلاطهم ” ياني زااااتو “.. وتبادرهم طلعوا موبايلاتكم اتصور معاكم سيلفي .. تعود مبتسماً وقد ادخلت السرور في نفوس الصغار ..
الله ياحمدي ..
لمن تتركنا بعدك .. فبلادنا عقمت القائد صاحب الكلمة القوية .. والطلعة البهية .. والنظرة السوية ..
اليك يا حمدينا وانت بين بيدي الكريم في يوم العتق الاكبر ارسل كلماتي واتوسل الي الله بدعواتي ان يجمعنا بحبنا لك في ظله يوم لا ظل الا ظله ، ولا نقول الا ما يرضي الله
انا لله وانا اليه راجعون .. وانا لفراقك لمحزونون يا حمدي …
هيثم بابكر