التلويح بالشرِّ.. والتصريح بالخراب
بات واضحاً لكل ذي عينين أن هناك محاولات تقوم بها أكثر من جهة، لإفشال المفاوضات الجارية بين الحكومة وقطاع الشمال بالحركة الشعبية حول المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق، فالطرح الذي تقدمت به الحركة الشعبية ووفدها المصادرة إرادته بواسطة رئيسه ياسر عرمان ومن خلفه عدد من الخبراء الذين تم استجلابهم، قصد من هذا الطرح تفخيخ التفاوض ونسفه ثم تحميل الحكومة مسؤولية ذلك حتى تُرفع القضية برمتها لمجلس الأمن الدولي لمعاقبة الطرف الذي تسبب في عدم وضع حد للحرب ووقف نزيف الدم.
فعرمان ووفده يطرحون آراءً فطيرة وتعجيزية لا تسهم في حل قضية المنطقتين ورفع معاناة أهلها ووقف الحرب الدائرة التي تكلف السودان الكثير، فالمطالبة بحكومة انتقالية قومية والدعوة لحل الحكومة الحالية لنفسها وإشراك كل الأحزاب السياسية الأخرى وعقد مؤتمر قومي دستوري والاعتراف بالحركة الشعبية تنظيماً سياسياً يحتفط وفق رؤية ورقة قطاع الشمال التفاوضية بجيشه إلى نهاية الفترة الانتقالية وفتح المعابر ودخول المنظمات من كل جنس ولون ودون قيد أو شرط في مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور وشمال كردفان والشرق بغرض إيصال المساعدات الإنسانية، وغيرها من الترهات التي تطلقها الحركة عبر وفدها في المفاوضات، هي محاولات لحشر التفاوض في نفق ضيق ومن ثم تضطر الوساطة بعد أن ترفض الحكومة هذه المطالب العمياء، إلى تعليق أو إنهاء المفاوضات ويمضي كل وفد حال سبيله.
والدليل على أن الحركة الشعبية قطاع الشمال لا تريد السلام ولا وقف الحرب ولا تعير أي انتباه ولا يهمها عاش الناس أم ماتوا في المنطقتين، أن رئيس وفد الحركة يتبجح في إحدى الجلسات قائلاً: «نحن ما خسرانين حاجة في المفاوضات الفورة مليون» يعني أنه على استعداد لمد المفاوضات وتطويلها والتلهي بها إلى ما لا نهاية، فـ «الفورة» مليون تعني أنه سيظل يفاوض ولو طالت لمليون سنة!!
وهذه الروح غير المبالية والتدميرية التخريبية هي التي تقود الحركة في المفاوضات اليوم، ولا علاقة لها بمعاناة الإنسانية ولا ضحايا الحرب ولا الدماء التي تسيل كالأنهار والجداول بفعل الحرب الضروس التي لا بد من وقفها بأية تكلفة وثمن!!
ومن الملاحظات المهمة في طريقة ومنهج التفاوض، أن الآلية رفيعة المستوى عاجزة تماماً عن حسم أمور واضحة، فهناك خلل في منهجها وإدارتها للمفاوضات، ولقد سمعنا كثيراً في فترات سابقة من السيد ثامبو أمبيكي وغيره وردده معه عدد من المسؤولين عندنا، أنهم يريدون حصر كل هذه القضية داخل البيت الإفريقي!! لكن تلاحظ وتأكد لنا بشكل قاطع أن التدخلات من خارج إفريقيا خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والمنظمات الحقوقية والجهات المشبوهة والخبراء اللقطاء من كل مكان مكان في العالم، هي التي توجه هذه المفاوضات، ويستخدمونها في الاتجاه الذي يريدون.
كما تلاحظ لنا أن السكرتارية التابعة للآلية والاتحاد الإفريقي، لا يبدو عليها نشاط وحماس ورغبة كبيرة في أن تتواصل الجولة التفاوضية وتصل إلى نتائج بسرعة، فالتباطؤ والتماطل موجود بكثرة، وهناك أشياء لا يعرف عنها رئيس الآلية شيئاً، وذلك يفسر لنا تأخر ردود الآلية الإفريقية رفيعة المستوى في الرد على الطرفين في الوقت المطلوب والمناسب، وحسم الكثير من الاختلافات في تفسير النصوص الواردة في القرارات السابقة لمجلس الأمن الدولي وقرارات مجلس السلم والأمن الإفريقي ومقترحات الوساطة السابقة نفسها، وتفسير التفويض الذي بموجبه تنعقد هذه الجلسة.
هناك خلل في آلية التفاوض وسكرتاريتها التي لا يغيب مسؤولوها عن الجلسات المغلقة واللقاءات المتماهية مع موظفي مكتب المبعوث الأمريكي والترويكا الغربية!!
ولا يظنن أحد أن هذه الكيفية التي تجرى بها المفاوضات، ستفتح الطريق بسهولة لعودة الأمل وبارقته ونسماته لمواطني جنوب كردفان والنيل الأزرق، وإذا كانت الحكومة مكرهة للسير على هذا الطريق الملغم والمليء بالأشواك.. فعليها أن تنتبه بدقة لمواطئ أقدامها، وأن تفوت الفرصة على أعدائها ليتصيدوها!!
[/JUSTIFY]
أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة