المناهج ما بين المركز القومي ومجمع الفقه الاسلامي
من المشاكل الادارية في السودان عدم وضوح الاهداف والاختصاصات بالقدر الكافي لبعض مؤسسات الدولة، وصياغتها بشكل معمم وغامض مما يغري مثل هذه المؤسسات للتمدد خارج اطرها والتدخل في اختصاصات مؤسسات اخرى. ولعل ما يجري بين وزارة التربية والتعليم ومجمع الفقه الاسلامي من بيانات واتهامات متبادلة في قضية المناهج احد افرازات ذلك. من البديهي ان قضية المناهج من اختصاص وزارة التربية والتعليم وهنالك ادارة كاملة تابعة للوزارة تسمى “المركز القومي للمناهج والبحث التربوي” تعمل وفق قانون صدر في العام 1996م، بها علماء ومختصون في مجال المناهج يقع عليهم ولا احد غيرهم مهمة وضع المناهج الدراسية ومراجعتها ومتابعتها. وفقا لهذا القانون، فالمركز هو السلطة الوحيدة في مجال التعليم العام المخول له ممارسة الاختصاصات المتعلقة بأعداد ومتابعة المناهج الدراسية في السودان، فما شأن مجمع الفقه الاسلامي بذلك؟
حتي يتم استجلاء هذا الامر لنرجع الي الوثائق القانونية التي توضح اهداف واختصاصات “المركز القومي للمناهج والبحث التربوي” و”مجمع الفقه الاسلامي” وهي: قانون المركز القومي للمناهج والبحث التربوي لسنة 1996م، وقانون مجمع الفقه الاسلامي لسنة 1998م. فالمادتين الخامسة والسادسة من قانون المركز القومي للمناهج تحددان اهدافه واختصاصاته على التوالي كما يلي:
اهداف المركز:
(أ) تطوير مناهج التعليم العام وفق السياسة القومية،
(ب) تدريب وتأهيل الأطر التربوية في مجال المناهج والبحث التربوي،
(ج) تشجيع البحوث التربوية بالتعاون مع الجامعات والمراكز البحثية الوطنية وتوفير الدعم اللازم لها،
(د) توثيق الصلات مع المؤسسات التربوية ومراكز البحث إقليمياً وعالمياً،
(هـ) التعاون مع الجامعات والمراكز البحثية في تأصيل الفكر التربوي ونشره وتوثيقه.
اختصاصات المركز:
(1) يكون المركز هو السلطة الوحيدة في مجال التعليم العام المخول لها ممارسة الاختصاصات الآتية:
(أ) إعداد الخطط التفصيلية للبرامج الدراسية،
(ب) إعداد الكتب المدرسية ومراشد المعلمين،
(ج) اختيار لجان تأليف الكتب والأشراف عليها،
(د) إصدار النشرات المنظمة للمناهج والامتحانات المرحلية،
(هـ) ضبط مستوى التحصيل من خلال مراجعة الامتحانات المرحلية.
(2) يجوز للمركز لتحقيق الأهداف المذكورة في المادة 5 القيام بالآتي:
(أ) إجراء البحوث التربوية وتوثيقها ونشرها،
(ب) عقد المؤتمرات والندوات في مجالات المناهج والبحث التربوي،
(ج) تقويم المناهج ومتابعة تطبيقاتها ميدانياً،
(د) إصدار الدوريات والكتب التربوية.
اهداف واختصاصات المركز اعلاه والواردة في قانونه، توضح بجلاء انه السلطة الوحيدة في مجال التعليم العام المخول لها اعداد وتطوير المناهج المدرسية، ومتابعتها، ومراجعتها، وليست ملزمة باي ملاحظات من أي جهة اخرى. فليع رئيس واعضاء المركز هذه الحقيقة والمسنودة بالقوانين حتى لا يقعوا في فخ السماح لأي جهة بالتدخل في اختصاصاتهم والاستجابة لأي نوع من الضغط او الابتزاز باسم الدين او غيره.
اما اهداف واختصاصات مجمع الفقه الاسلامي وفق المادتين الخامسة والسادسة من قانون مجمع الفقه الاسلامي لسنة 1998م على التوالي هي:
أهداف المجمع:
يهدف المجمع إلى الآتي :
(أ) رد الأمة إلى شريعتها وشحذ هممها لعمارة الأرض , وفق قيم الدين وأحكامه،
(ب) سد الفجوة الفقهية التي نشأت عن تعطيل أحكام الدين في معظم شعب الحياة العامة بسبب غياب الدولة الإسلامية،
(ج) إحياء فريضة الاجتهاد والاجتهاد الجماعي الفقهي على وجه الخصوص وممارسته لاستنباط أحكام الدين التي تضبط كل شعب الحياة حتى يتمكن الأفراد والمجتمع والدولة من أن يعبدوا الله على بصيرة،
(د) تنزيل نصوص الدين على واقع الحياة المعاصرة وتفعيل مقاصد الشريعة وأصولها بغرض استنباط الأحكام التي تناسب واقع أهل السودان على وجه الخصوص،
(هـ) الاهتمام بدراسة الفقه الإسلامي ،
(و) النظر في النوازل والظواهر في مجال العلوم التطبيقية والنظرية وإصدار ما يناسبها من أحكام .
اختصاصات المجمع:
(1) يعـمل المجمع على تنفيـذ أهـدافه بكل الوسائل المتاحة المناسبة ومع عدم الإخلال بعموم ما تقدم , تكون للمجمع الاختصاصات الآتية :
(أ) اعتماد الأسس والوسائل الموضوعية والعلمية لإصدار الفتاوى والتوجيهات والتوصيات،
(ب) اجراء الدراسات والبحوث في المسائل المعروضة لبيان الحكم الشرعى فيها،
(ج) تشجيع البحث العلمي في النوازل , والتعاون مع جهات الاختصاص في الجامعات والمراكز العلمية والمجامع الفقهية في الداخل والخارج،
(د) التنسيق مع أجهزة الرقابة الشرعية والمؤسسات والهيئات المالية للتعاون معها في مجالات البحث وتوحيد الفتوى،
(هـ) التوجه لجهات الاختصاص بالخيارات الفقهية الأمثل والمبادرة بتقديم المقترحات التي يراها مناسبة لأجهزة الدولة،
(و) المساهمة في تأصيل القوانين بالتنسيق مع الجهات المختصة،
(ز) تنظيم المؤتمرات والندوات والمحاضرات في الداخل والخارج والاحتفال بالمناسبات التي يحددها،
(ح) إصدار المجلات ونشر البحوث والفتاوى والقرارات والتوجيهات والتوصيات التي يصدرها، وإنشاء مكتبة فقهية جامعة ،
(ط) تمثيل الدولة في المؤتمرات والندوات والمجامع الإقليمية والدولية ذات الصلة ،
(ى) أي اختصاصات أخرى تكون لازمة لتحقيق أهدافه.
(2) يصدر المجمع الفتاوى والتوجيهات والتوصيات في أي من المسائل شريطة ألا تكون :
(أ) معروضة أمام المحاكم المختصة،
(ب) فصلت فيها المحاكم .
فاذا تمعنا اختصاصات المجمع نجد انها ليست لها أي علاقة بموضوع المناهج بصورة محددة نصاً، ولكن نجد ان الاختصاص (1/ى) والذي ينص على ” أي اختصاصات أخرى تكون لازمة لتحقيق أهدافه ” يجعل اختصاصات هذا المجمع غير محصورة ولا يحدها الا تحقيق اهدافه والتي يأتي في مقدمتها هدف ضبابي لا يمكن حصره ولا قياسه وهو “رد الأمة إلى شريعتها وشحذ هممها لعمارة الأرض، وفق قيم الدين وأحكامه “، فأي امه، واي شريعة واي دين هي المقصودة في هذا الهدف؟ وباي معيار يمكن قياس تحقق هذا الهدف؟ في الحقيقة ان الاختصاص المنصوص عليه في (1/ى) مع الهدف الاول من اهداف المجمع يجعل اختصاصاته غير محدودة وغامضة مما يفتح الباب واسعاً لهذا المجمع في ان ينصب من نفسه وصياً في كل شأن الى ان يحقق هدفه في ” رد الأمة إلى شريعتها وشحذ هممها لعمارة الأرض، وفق قيم الدين وأحكامه ” ذلك بالطبع وفق معايير من يتولى امر هذا المجمع. كما ان الاختصاص المذكور في (2) يخول له اصدار الفتاوى والتوجيهات والتوصيات في أي من المسائل التي لم تنظر فيها المحاكم، كأنما هي سلطة قضاء شرعي بديلة !
فقانون مجمع الفقه الاسلامي لسنة 1998م يعطي لهذا المجمع واعضاءه سلطات دينية غير محددة ووصاية على المجتمع بان جعله مختص بكل ما يلزم لتحقيق اهدافه مثل: ” رد الأمة إلى شريعتها وشحذ هممها لعمارة الأرض، وفق قيم الدين وأحكامه “، و ” سد الفجوة الفقهية التي نشأت عن تعطيل أحكام الدين في معظم شعب الحياة العامة بسبب غياب الدولة الإسلامية “، و” تنزيل نصوص الدين على واقع الحياة المعاصرة وتفعيل مقاصد الشريعة وأصولها بغرض استنباط الأحكام التي تناسب واقع أهل السودان على وجه الخصوص .”ولا ندري ما هي المعايير التي وضعت عليها هذه الاهداف ولا كيف يمكن قياس تحققها ومن الذي يحدد ذلك؟ ومن الذي يحدد ان احكام الدين معطلة في بعض شعب الحياة؟ وما هي مقاصد الشريعة ومن يحددها؟
في الحقيقة ان مثل هذه القوانين والصلاحيات المسنودة بها هي التي جعلت من نظام الحكم في السودان خلال فترة النظام المخلوع نوع هجين من الحكم يجمع بين ” الكليبتوقراطية ” و”الثيوقراطية” حيث يتحالف استبداد السلطة مع الفساد المسنود بالفتوي الدينية في سرقة مقدرات الشعب وتقديم “صكوك الغفران” لرجال السلطة وتبرير جرائمهم – احياناً مقدماً واحياناً اخرى بالسكوت عن فساد السلطة والقوانين التي تقنن الفساد مثل مادة “التحلل” الواردة في قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه والتي فتحت الباب واسعاً لفساد رجال السلطة تحت نظر وبصر مجمع الفقه الاسلامي. وقد تورط عدد من قادة ومنسوبي هذا المجمع بعدد من القضايا التي استنكرها الراي العام السوداني وجعلت شبهات الفساد تحوم حول بعض منتسبيه، اضافة الي تقديمه تبرير للمعاملات المالية الفاسدة للسلطة من خلال اصدار الفتاوى التي تجيز مثل هذه المعاملات او الموافقة على مثل هذه الفتاوى او السكوت عنها، ذلك في تناقض واضح مع اهداف المجمع، على سبيل المثال:
1- وافق رئيس مجمع الفقه الاسلامي في ديسمبر 2002م الفتوى القاضية بإباحة الربا في القرض المقدم من سلطنة عمان لجمهورية السودان والبالغ قدره 106 ملايين دولار للمساهمة في تمويل سد مروي ذلك بموجب “فقه الضرورة”، رغم ان الدولة في تلك الفترة كانت لها مداخيل بمليارات الدولارات من البترول، فاين الضرورة هنا؟
2- في يوليو 2012م وبعد ان تكاثرت القروض علي الحكومة السودانية وبلغت ما يربو على 49 قرضاً لجأت الحكومة السودانية الي مجمع الفقه الاسلامي الذي اباح لها القروض الربوية في اجتماع لمجلس الوزراء بوجود رئيس مجمع الفقه الاسلامي الذي برر ذلك بقوله ” أن الفتوى أكدت أن الاقتراض بالربا من الكبائر والموبقات غير أن الدولة إذا وقعت في ضرورة أو حاجة عامة فإنه يجوز لها الاقتراض بالفائدة شريطة استنفاد كل الوسائل في الحصول على مصادر تمويل مقبولة شرعاً”، هذا رغم ان بعض هذه المشاريع الممولة بهذه القروض لم تر النور حتي الان، مثل مشروع مطار الخرطوم الجديد، مما ينفي شرط الضرورة المشار اليه في الفتوى.
3- تهمة غسيل الاموال التي وجهت لرئيس مجمع الفقه الاسلامي السابق والذي قام بتحويل مبلغ بالعملة الاجنبية لا يتناسب مع وضعه كموظف حكومي حيث قام بتحويل مبلغ 680 ألف يورو من داخل السودان الي بنك خارجي في وقت كانت السلطات السودانية تمنع خروج العملات الاجنبية بهذا القدر الي خارج السودان. فاذا سلمنا ان المبلغ يخصه وتحصل عليه من مصادر مشروعة فكيف نفسر تمكّنه من تحويل مثل هذا المبلغ مخالفا لنظم التعامل مع النقد الاجنبي في السودان؟ بالتأكيد لا يمكن لمواطن عادي القيام بمثل هذا الامر، مما يوضح النفوذ الذي يتمتع به منتسبي هذا المجمع في دولة النظام البائد واستغلالهم غير المشروع لهذا النفوذ.
4- قضية فتوي “قتل ثلث الثوار” الشهيرة (المصدر: https://www.al-madina.com/article/628117/) والتي افتي بها احد اعضاء هذا المجمع قبيل سقوط النظام البائد، توضح الي أي مدى تشابكت المصالح بين بعض منسوبي المجمع والسلطة.
5- الامبراطورية الاعلامية الضخمة التي كان يديرها احد منسوبي مجمع الفقه الاسلامي السابقين، وكيف كان يتلقى ملايين الدولارات من الرئيس المخلوع وباعترافه، ونوعية الفتاوى التي كان يقدمها له (مثل فتوى عدم جواز الخروج على الحاكم و”قتل ثلث الثوار”)، توضح بجلاء استقلال الدين من بعض منسوبي المجمع لأغراض ليس لها علاقة بأهدافه.
6- سكوت مجمع الفقه عن قضايا الفساد والمتعلقة بما عُرف بفقه “السترة” أو “التحلل” الذي استنبطت عنه مادة “التحلل” الواردة في قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه، حيث كان المسئول يسرق ما شاء له ان يسرق من مال الشعب وعندما يفتضح امره يسترد ما سرقه واحيانا بعض ما سرقه ثم يتم العفو عنه دون الخضوع للمحاسبة العادلة وقد يستمر في عمله او يتم تمكينه في منصب اخر باعتباره قويٌ امين، ولا يحرك مثل هذا الامر مجمع الفقه لتعديل مثل هذه المواد التي تقنن للفساد.
كل ذلك يجعل من مجمع الفقه الاسلامي وغيره من المرجعيات الدينية التي تم صناعتها خلال الفترة 1989م الى 2019م من قبل النظام البائد احد الاسباب الاساسية في استشراء الاستبداد والفساد في السودان. فقد كانت تقدم للنظام المشورة والتبرير الديني لممارساته الفاسدة في مقابل امتيازات ومخصصات وتسهيلات مكنت منسوبيها من امتلاك السلطة والمال وادارة الامبراطوريات الاعلامية متعددة اللغات.
في حقيقة الامر ان مجمع الفقه الاسلامي ومثله كثير من المؤسسات الحكومية يمثل احد مظاهر الترهل الاداري في السودان فهو اهدار للموارد وصرف للأموال في غير موضعها. بالرجوع الى اختصاصاته الواردة اعلاه نجد ان طبيعة عمله ترتبط في الاساس بالفتوى وهو عمل قضائي بامتياز وكانت تقوم به ادارة تابعة للسلطة القضائية يرأسها قاضي يسمى “مفتي جمهورية السودان”، اضافة لأعمال بحثية وهذه تقوم بها الجامعات ومراكز البحوث، وبالتالي ما الحاجة الى اهدار الاموال في مؤسسة بهذا الحجم ليس لها عمل يخدم المواطن غير تحري هلال رمضان وتحديد بداية عيد الفطر ومقدار زكاة الفطر والذي لا يحتاج لمؤسسة بهذا الحجم. ولعل الفراغ هو ما دعى مجمع الفقه الاسلامي الى التدخل فيما لا يعنيه والاشتباك مع وزارة التربية والتعليم وفي عمل من صميم احد مراكز الوزارة المتخصصة.
فمجمع الفقه الاسلامي السوداني احد مخلفات الحركة الاسلاموية السودانية فقد تم انشاءه في العام 1998م وتم صياغة قانون خاص به يعرف بقانون مجمع الفقه الاسلامي صدر في 24 نوفمبر من العام 1998م، و لم تكن هنالك أي حاجة لا للمجمع ولا لقانونه، لان ما يقدمه هذا المجمع لم يزد عن جوهر ما كانت تقدمه المؤسسات التي سبقته ولكن مع منصرفات اضافية. فمنذ استقلال السودان وحتى العام 1982م كانت الفتوى تحت ادارة الهيئة القضائية يقوم بها مفتي الجمهورية. وبعد تحالف الرئيس الاسبق جعفر نميري مع الاسلامويين قام بتغيرات كثيرة تعبر عن توجهه الاسلاموي ومن ضمن ذلك اصدار قراره الجمهوري القاضي بإنشاء مجلس الإفتاء الشرعي، الذي ظل يقوم بمهام الفتوى حتى عام 1998م، تاريخ انشاء مجمع الفقه الاسلامي.
ومن السرد اعلاه نجد ان مجمع الفقه الاسلامي ما هو الا مؤسسة صُنعت لخدمة توجهات النظام البائد وتوفير التبرير الديني لممارساته الفاسدة ولم نسمع له بأي مساهمات في مجال اصلاح التعليم الذي اصبح في عهد النظام البائد سلعة لا يحظى بها الا من يستطيع شراءها في مجتمع يعاني غالبيته الفقر والسَّغَب، في الوقت الذي كان يتعامل بعض منسوبي المجمع بمئات الالاف من الدولارات.
اخلص بكل ثقة في نهاية هذا المقال، ان الغاء مجمع الفقه الاسلامي السوداني وقانونه وتسريح جميع منسوبيه واعادة توزيعهم الي مؤسسات اخرى مفيدة للوطن والمواطن – ذلك بعد اعادة مهام الفتوى الي السلطة القضائية والرجوع الى منصب مفتي الجمهورية – لن يضر السودان ولا مواطن السودان بشيء بل سيكون مفيداً للأسباب التالية:
1- لا حاجة لتبديد مساهمات دافع الضرائب السوداني للصرف على مؤسسة كاملة الاركان تابعة مباشرة لرئاسة الوزراء مثل مجمع الفقه الاسلامي، كل ما يعود منها على المواطن هو تحري بداية ونهاية شهر رمضان. وهو امر يمكن للسلطة القضائية ممثلة في مفتي الجمهورية القيام به خيرا قيام كما كان يحدث سابقاً وبتكاليف اقل كثيراً مقارنة بمنصرفات مؤسسة مثل مجمع الفقه الاسلامي.
2- لا يتسق تبعية مؤسسة ذات طبيعة ترتبط بالفتوى والقضاء الشرعي للسلطة التنفيذية في نظام ديمقراطي يتطلع لاستقلال السلطات وترسيخ مبادئ الشفافية. فتبعية مثل هذه المؤسسة للسلطة التنفيذية في النظام البائد جعلها احدى ادوات السلطة وتم استغلالها لتبرير ممارساتها الفاسدة والاستبدادية مما ادي لاستشراء الفساد في كل مفاصل الدولة وارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الانسان. وهذا ما يمكن ان يتكرر مستقبلاً حتى في النظام الديمقراطي متى ما توفرت ظروف ملائمة لذلك.
3- لا يستقيم اسناد امر الفتوي لمؤسسة دينية غير عدلية وغير مستقلة وتابعة مباشرة للسلطة التنفيذية ولا يشترط في شاغليها او ما يصدر عنهم من فتاوى أي اعتماد من السلطة القضائية. هذا الامر قد يؤدي لاستغلال الدين لمكاسب اقتصادية وسياسية ومن ثم للفساد كما كان يحدث في عهد النظام البائد. وعليه يصبح من المهم اعادة مهام الفتوى الى السلطة القضائية فهي سلطة مستقلة ومختصة تجعل الفتوي امر محصن ومستقل وصادر عن جهة قضائية، وبالتالي لا يمكِّن السلطة التنفيذية من التحكم في امر الفتوي وفق ما تشتهي كما كان يحدث سابقاً.
4- تجنب اثارة المشاكل بين مؤسسات الدولة المختلفة ومجمع الفقه الاسلامي الذي يستهدف “سد الفجوة الفقهية التي نشأت عن تعطيل أحكام الدين في معظم شعب الحياة العامة بسبب غياب الدولة الإسلامية”، ويختص بكل شيء حتى يحقق هدفه في “رد الأمة إلى شريعتها وشحذ هممها لعمارة الأرض، وفق قيم الدين وأحكامه “!
سمير محمد علي
الراكوبة