رأي ومقالات

على المواطن ان يعي ان زهد سعر الكهرباء هو سبب رئيسي للقطوعات المتكررة


الكرونا سبب قطوعات الكهرباء !! .
قبل سنوات نقلت اجهزة الاعلام قصة التلميذة التي احرزت درجات عالية ضمن الخمسة الاوائل في ولاية كسلا . التلميذة كانت تذاكر دروسها على ضوء عمود كهرباء في الطريق العام ، والدها البسيط كان يصطحبها و بنتظرها حتى تكمل مذاكرة دروسها او كتابة واجباتها ثم يعود بها الى المنزل …
كان الجميع مندهشا لذكاءها و مثابرتها فقام الوالي وقتها بتكريمها و الالتزام بنفقات دراستها المستقبلية ، لا ندري هل الالتزام مستمر ام توقف مع ذهاب الوالي …
انتهت الدهشة بانتهاء مراسم الاحتفالات بنجاح التلميذات و التلاميذ ، لم يلتفت احد الى ملايين آخرين غير تلك التلميذة لا يمتلكون كهرباء تساعدهم على مذاكرة دروسهم ، كان فوكس الاعلام وقتها موجها فقط للدهشة من نجاح التلميذة . و طالما التلاميذ الذين لا يملكون انارة في بيوتهم خارج الخرطوم فلماذا يهدر اعلام الخرطوم طاقته في توجيه اهتمامه بالسؤال عن عدم وجود كهرباء في شتى بقاع السودان !!!! .
تذمر سكان الخرطوم و المدن الكبيرة جعل وكيل وزارة الطاقة يخرج للناس ليوضح اسباب القطوعات ، و أهم الاسباب التي ذكرها ان الكهرباء تقطع هذه الايام بسبب جائحة كرونا . اي والله هذا ما فهمناه من كلامه ، بان اغلاق المطارات بسبب الكورونا منع استقدام المهندسيين الهنود لاجراء الصيانة على الماكينات …
لا ادري هل يكذب الوزير على نفسه ام علينا ام على حكومته و يتغاضى عن ذكر السبب الحقيقي لهذه القطوعات ؟؟.
كل من يتابع او له علاقة بالكهرباء يعلم تماما ان ازمة الكهرباء بسبب توزيعها مجانا ، نعم الحكومة تبيعها مجانا اذا ما قارنا سعر بيعها بالتكلفة الحقيقية لانتاجها …
لماذا لا يواجهنا الوزير او الوكيل بالحقيقة الصادمة بأن اسعار الكهرباء الحالية مدمرة للقطاع ، و ان استمر الحال كما هو عليه الان فان المواطن لن يستمتع بها الا ساعات قليلة في اليوم مستقبلا بل ربما انعدمت نهائيا …
التكلفة الحقيقية لانتاج الكهرباء 900 قرش وربما يتجاوز هذا الرقم ، و نحن لا زلنا نشتري الفئة الاولى اقل من 200 متر بسعر 55 قرش . بمعنى اننا ندفع فقط 5% من قيمة الانتاج الحقيقي ….
يفترض ان تباع الكهرباء للفئات الضعيفة في المجتمع بسعر التكلفة او بدعم خفيف لا يؤثر على الارباح . على ان يتم تغطيته من ارباح الفئات الاكثر استهلاكا . لكن للاسف حتى الفئات الاكثر استهلاكا لا تدفع قيمة الانتاج الحقيقي .
هذه السياسة المدمرة اوقفت التطور الطبيعي للقطاع منذ اكثر من عشر سنوات ، بل الهيئة الان عاجزة عن دفع استحقاقات الموظفين ، و رفع مستوى تدريبهم مما جعل وكيل الوزارة ينتظر انجلاء جائحة كرونا لاستقدام مهندسين من الهند .
هناك جهل او تجاهل من الاعلام بالعملية المعقدة لانتاج و تطوير قطاع الكهرباء و اهميته في اي تنمية اقتصادية منشودة . لذا نجد اعلامنا و وسائطنا الالكترونية تصرخ من انقطاع الكهرباء في الخرطوم و لكنها لا تتجرأ ان تبحث عن الاسباب الحقيقية و توضححها للمواطن البسيط ليتقبل اي زيادة قادمة لقيمة الاستهلاك .
توزيع الكهرباء باسعار زهيدة منع زيادة الانتاج كي تصل الى اطراف البلاد في اماكن الانتاج الحقيقي . بل منع الكثير من التلميذات امثال تلك النابغة بالاستمتاع بحقهن في الحصول على كهرباء يستذكرن دروسهن على ضوئها . لكن للاسف كل ما يهمنا في الخرطوم و المدن الكبيرة هو عدم انقطاع الكهرباء كي لا يفرغ شحن هواتفنا ولا تتوقف المكيفات و المراوح عن امدادنا بالهواء البارد . مجانية الكهرباء خلق منا مستهلكين مسرفين و غير مرشدين ابدا ، الدول الافريقية من حولنا يرشدون استهلاكهم للكهرباء و المياه لابعد حد ، فتجد احدهم يضئ لمبة واحدة في البيت ، فقط المكان الذي يتواجد فيه ، فان دخل الحمام اطفأ لمبة الغرفة وعندما يخرج من الحمام يضئ الغرفة مرة اخرى ، يفعل ذلك حتى لا يهدر الطاقة خلال تلك الدقائق المعدودة .. اما نحن هنا تجد في منزل واحد اكثر من خمسة مكيفات تعمل جميعها بدون وجود اي شخص في اماكنها ، وذلك بحجة ان يجد من يدخل المكان الذي يعمل فيه المكيف ان يجده باردا ، مكيف باستهلاكه العالي للطاقة يعمل بالساعات في غرفة خالية ، و عندما تقطع الكهرباء نتوجه جميعا الى صفحاتنا لنسب الحكومة و نهتف بفشلها !!! .
80% من الكهرباء المنتجة في السودان يتم استهلاكها في ولاية الخرطوم و ما تبقى يوزع على باقي الولايات . هذه النسبة توضح مدى اختلال التنمية في البلاد .ولا نلتفت الى هذا الامر ، الا عندما تتوقف المراوح او تفرغ بطاريات الهواتف ….
على المواطن ان يعي ان زهد سعر الكهرباء هو سبب رئيسي للقطوعات المتكررة ولعدم وصول توزيع طاقة جديدة لاماكن اخرى من البلاد ، فالمواطن الذي يدفع مائة جنيه ثمنا لصحن فول، سيصرخ ويولول كي لا ترفع الحكومة سعر 200 كيلو واط عن ثلاثين جنيها ….
على الحكومة ان تواجه المواطن بحقيقة الامر بدلا عن التدثر بالمهندسين الهنود الذين منعتهم الكورونا من الوصول الى الخرطوم . مواجهة المواطن بالحقيقة سيوقف انهيار هذا القطاع و يقينا من الكارثة القادمة بانعدامها تماما بدلا عن انقطاعها.

Salim Alamin


‫2 تعليقات

  1. كلامك عن التكلفة غير حقيقي ..
    نحن في القرى بنوصل الكهرباء من اعمدة واسلاك ومحولات من مالنا الخاص بالاضافة للعداد وتقوم تكتب تنازل من العداد لناس الكهرباء وفي نفس الوقت تدفع ايجار شهري لعدادك ..وامشي اسال ناس المزارع الواحد يوصل الكهرباء من على بعد مائة عمود .. ومحول واسلاك وعدادات ويكتب تنازل لناس ااكهرباء ..
    برضو اسال ناس الامتدتدات السكنبة الجديدة فهم يدفعون كامل تكلفة التوصيل ويتانزلو منها لناس ااكهرباء ..

  2. الكهرباء رخيصة؟؟!!!
    انت عايش في ياتو كوكب ؟
    احسن يسمعوك ناس قحط ويزيدوا التعريفة مثل ما فعلوا بالوقود والدقيق وزادت الاسعار
    وفعلهم هذا مثل ساقية جحا زادوا الوقود والدقيق وزاد السوق … زادوا المرتبات وزاد السوق أضعاف مضاعفة !!!
    وهيئة الكهرباء بيبيعوا العداد الصيني متدني التكلفة بأسعار باهظة وبعد بيعه للمواطن يأخذوا من أجرة عداد !!! أي قانون هذا ؟ حكم قرقوش !