تحقيقات وتقارير

بعد نشرها في (الغازيتا) .. التعديلات القانونية المتنوعة .. ردود فعل واسعة !!


نشرت وزارة العدل في الغازيتا الرسمية تحت بند قانون التعديلات المتنوعة (الغاء وتعديل القوانين المقيدة للحريات) لسنة 2020 ، تشريع رقم (12) لسنة 2020 تعديلات القوانين بما يجرم ختان الاناث و يمنع تكفير الآخرين ويسقط تجريم الردة ويحدد اشتراطات وقوع الزنا ويسقط تجريم صنع واستلام الكحول لغير المسلمين ويسمح للمراة باصطحاب اطفالها سفرا خارج السودان.

هذه القوانين أثارت جدلاً واسعاً عندما أقحمت في حلبة الاستقطاب السياسي التي تعيشها البلاد ، وحاولت القوى الاسلامية استغلالها كوسيلة للتعبئة ودعت لمواكب رافضة تخرج من المساجد ، وضخمت دعوات القوى الاسلامية بالقرار الذي اتخذته السلطات باغلاق (الكباري) بولاية الخرطوم يومي الخميس والجمعة، فيما تباينت ردود الأفعال حول مسيرات الاحتجاج التي خرجت عقب صلاة الجمعة الماضية فقلل كثير من المواطنين والناشطين منها فيما اعتبرها الاسلاميون محطة أولى لمعارضة أكثر شراسة ضد النظام خاصة وأن المعركة هذه المرة في كارهم وملعبهم.

1
وزير العدل يترافع:
عشرات القوانين تحتاج لاصلاح
لم يتم إلغاء المادة المتعلقة بالدعارة
إذا تعامل الشخص غير المسلم مع شخص مسلم بالخمر سيعاقبه القانون

قال الوزير لدى استضافته في تلفزيون السودان ( برنامج حوار البناء الوطني) إن هناك عشرات القوانين تحتاج لإصلاح، لمواكبة التحول الديموقراطي عقب خروج البلاد من حقبة الحكم الديكتاتوري.
وأشار إلى أن الجميع في حاجة لإصلاح تلك التعديلات القانونية التي تم التوافق عليها في مجلسي الوزراء والسيادي، أضاف: “لم يكن هناك أي اعتراض فقط تعليقات من بعض أعضاء مجلس السيادة وطلبنا منهم إرسالها لوزارة العدل”.

وقطع الوزير بأن التعديلات الجديدة تلغي العقوبات القاسية كعقوبة الجلد فيما عدا القضايا الحدية، وكذلك عدم إيقاع عقوبة الإعدام إلا في القصاص.
وأكد عبدالباري الغاء المادة (126) في القانون الجنائي التي تعاقب المرتد، واعتبرها مهددًا للأمن القومي، ومضى بالقول: “من واجبنا حماية كل المواطنين وما فعلناه أننا جرمنا هذا الفعل لأنه يهدد السلامة والأمن ويخلق تمييزًا بين الناس، وهناك خطر منتشر في السودان وهو تكفير الناس لذا تم الغاء حد الردة تمامًا وهناك نقاش في الفقه الإسلامي حول تجريم الخروج من الإسلام واستبدلناها بمادة تجرم تكفير الناس”.

ونفى الوزير إلغاء المادة التي تجرم الدعارة بحسب ما أشيع في وسائل التواصل الاجتماعي، وأضاف: “المادة الخاصة بالدعارة قمنا باستبدالها لأنها فضفاضة، المبدأ الذي يقضي أن تكون المادة ليست فضفاضة وتقرأ: “يعد مرتكب الدعارة أو من يوجد في مكان الدعارة ويقوم بعملية جنسية بمقابل مادي وهي جريمة يعاقب عليها القانون”.

وبرر وزير العدل منح المرأة الحق في اصطحاب أطفالها لمساواتها في الحق مع الرجل بجانب حرية التنقل، منبها إلى أن القانون كان يمنع المرأة اصطحاب الأطفال دون مولفقة زوجها فيما لا يحتاج الرجل أي موافقة مكتوبة من زوجته لاصطحاب أطفاله وكان لا بد من المساواة بينهما أما بالابقاء على الموافقة وتكون من الجانبين أو إلغاء الموافقة ومساواتها مع الرجل الذي لا يحتاج لموافقة”.

وقال عبد الباري إن التعديلات القانونية أعطت الحق لغير المسلم حيازة وبيع الخمر واعفاءه من أي مساءلة قانونية، أما التعديلات فقد أبقت على العقوبة للمسلمين وستتم محاسبتهم وفق القانون، مشيرًا إلى أنه حال تعامل الشخص غير المسلم مع شخص مسلم سيعاقبه القانون. وألمح إلى أن القانون يمكن أن يقوم بتحريم الخمر أو يقيد استخدامها، بمثلما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية.

الخبير القانوني نبيل أديب:

الترابي قال: الردة عمل أخروى
التعديلات لم تبيح الخمر وماتم في قانون الأمن هو الأهم
هذا هو المقصود بالدعارة في القانون قبل التعديل

*في تقديرك هل التوقيت مناسب لهذه التعديلات القانونية وهل هي أولوية ؟
– التعديلات ليست أولوية ولكنها جاءت متأخرة جداً وقليلة جداً.
*أحدثت التعديلات جبلة وضوضاء ما السبب وهل الانتقاد لامست جوهر التعديلات ؟
– كثير من الانتقادات لم تلامس جوهر التعديلات وأغفلت التعليق عن التعديلات الأساسية والتي لامست في جوهرها الحريات العامة ، لا أعرف لماذا لم ينتبه هؤلاء بأن أهم نقطة في التعديلات هي التي تحدثت عن جهاز الأمن والمخابرات وإقتصرت دوره في جمع المعلومات وسحبت عنه سلطة الاعتقال والتفتيش .
*تقصد أن التعبئة ضد هذه التعديلات يقودها انتهازيون؟
– نعم وغير جادين لادراكهم أن ما يقولونه تحصيل حاصل ، فالتعديلات لم تبيح الخمر ولا تقل أن القانون لن يعاقب شاربها ، وبالمناسبة حتى القانون الذي تم تعديله يسمح لغير المسلمين بشرب الخمر ولا يعاقبهم.

*إذا لماذا التعديل؟
– لأن القانون غير المعدل يعاقب غير المسلم إذا تعامل بالخمر، وهذا غير منطقي فأنا إذا أتعاطى الخمر ومسموح لي بذلك شرعاً ولم أصنعه أو أشتريه أين أجده؟، وبالتالي التعديل جوز لغير المسلم شرب الخمر والتعامل به ، وخمره خمر المتقوم إذا أراقه شخص غرم ثمنه ، وطبعاً هذا لا يعني أن يكون تعاطي غير المسلم في محل عام أو يكون التعامل مفتوح بينه وبين المسلمين كذلك.

*ماذا عن الدعارة؟
– بحسب القانون الذي كان سارياً قبل التعديلات الدعارة مقصود بها أي مكان يجتمع فيه نساء ورجال أو رجال ونساء لا تربطهم رابطة ويحتمل أن تتم في هذا المكان ممارسة جنسية ، والتعديل هو أن المقصود بالعقوبة ممارسة الدعارة في بيت معد لتقديم خدمة جنسية . ولعل هذا أصوب فالممارسة الجنسية تعني أن أي تلامس بين شخصين من أجل المتعة ويمكن أن يحدث ذلك في (باص مواصلات).

*ماذا عن الردة؟
الردة فيها خلاف فقهي ولكن المستغرب له أن الفقيه والعراب للذين يعترضون على هذه القوانين وتحديداً قانون الردة هو الراحل الدكتور حسن عبدالله الترابي قال : إن الردة إسم أخروي وليست جريمة دنيوية وأيضاً الامام الصادق المهدي زعيم الأنصار يقول إنها ليست أصلاً وإنما حرية الاعتقاد هي الأصل ، (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).

*إذا كانت هذه التعديلات ليست أولوية ما فائدتها؟
– الحرب التي عمت معظم السودان لم تأت من فراغ ، أو مع الأشجار وتنتظر أن يسقطها المطر هي نتيجة كثير من الخروقات في إدارة التنوع ، وابعاد القوانين التي تمس الاديان الأخرى من شأنها أن تحقق مبدأ مهم طالب بها الثوار وهو حرية الاديان وهذا أيضاً ينعكس على عملية السلام الجارية ويقدم حلاً فيه استدامة لهذه القضية التي أرهقت السودان طويلاً.

القيادي بالمؤتمر الشعبي كمال عمر المحامي:

التوقيت غير مناسب وهناك اقصاء
لم نتراجع عن أراء الترابي وكثير من هذه التعديلات ضمنت في مواقفنا السابقة
الشعبي ليس جزءً من التعبئة والذي شاركوا من عضويته عبروا عن رأيهم بصورة فردية

*التعديلات القانونية كيف تنظر لها من حيث التوقيت؟
– التوقيت من ناحية سياسية غير مناسب ..فهناك تطرف واصطفاف أيدولوجي سوق لهذه التعديلات القانونية بأنها تأتي لتحقيق أغراض ذات طبيعة أيدولوجية ، ونتج عن هذا التسويق والتعبئة تقسيم البلاد إلى فسطاطين (علماني – اسلامي) وهذه الانقسامات لا تفيد الفترة الانتقالية بشيء ولذلك في تقديري المناخ غير مناسب وملائم لهذه التعديلات.
*معظم هذه التعديلات نادى بها المؤتمر الشعبي من قبل وأخرها ماورد في ورقة التراضي التي دفعتم بها للبرلمان وأسقطها تكتل نواب الوطني المحلول؟
– حتى الآن الشعبي لم يصدر موقف رسمي من هذه التعديلات ، بعضها في تقديري شوه المشروع الاسلامي بصورة (ما كويسة) .

*هذا يعني أنكم تخليتم عن رأي الشيخ الترابي حول الردة؟
– حرية الاعتقاد من اهم المبادئ الفكرية لحزبنا ومن مرتكزاتنا الأساسية وعندما طرحاناها كما تفضلت لم يتجرأ أحد بذلك، ونحن لم نتراجع عن أراء الدكتور الترابي حول الردة من قال ذلك؟ .

*لماذا إذا أنتم جزء من التعبئة؟
– لسنا طرفاً من هذه التعبئة ..صحيح هناك أعضاء في الشعبي شاركوا بصورة فردية، رسمياً حتى الآن لا يوجد قرار ، وعندما كنا جزء من قوى الاجماع الوطني الذي ضم وقتها قوى (يسارية) و(يمينية) قلنا رأينا بوضوح إزاء كل هذه القضايا التي طرحت في التعديلات أو خلافها ، وأنا كنت جزء من هيئة الدفاع عن الأستاذة لبنى أحمد حسين في قضيتها ضد شرطة النظام العام.

*إذا كانت القوى الاسلامية تدرك ذلك إيلام كل هذا الخلف؟
– القوى الاسلامية أقصت من الحكومة وعزلت ولم تشرك في الوثيقة الدستورية وأفتكر أن هذه القضية سياسية وليست عقدية هناك متطرفون داخل الحكومة يحاولون وأد كل القوانين الاسلامية وفي المقابل هناك من يتصدى لهم بذات الأدوات من التيار الاسلامي فالاقصاء يولد الاقصاء.

القيادي بالحزب الشيوعي وعضو هيئة محامي دارفور صالح محمود المحامي:

شعبنا ظل يطالب بالغاء قوانين سبتمبر منذ انتفاضة أبريل 1985.
تحركات قوى الردة والظلام زوبعة لم يكترث لها الشعب.
نؤيد التعديلات رغم جزئيتها ووزير العدل كسب احترام الناس.

*هل تأخرت التعديلات الدستورية كثيراً؟
– تأخرت كثيراً جداً فهي من مطالب ثورة أبريل 1985 وجددت في مطالب الثورة الحالية ، إلغاء قوانين سبتمبر ظل مطلب رئيس من مطالب شعبنا ومع تأييدنا لما تم من تعديلات فهي ما زالت جزئية ولم تطال كل قوانين سبتمبر.
*ماهو المطلوب إذاً؟
المطلوب هو إكمال البرنامج الاصلاحي في كل المؤسسات العدلية .

*في العام 2009 كانت هناك تعديلات أيضاً خاصة فيما يتعلق بجرائم الحرب في دارفور؟
– صحيح سنت قوانين خاصة بجرائم الحرب والابادة الجماعية وكون مكتب لمدعي جرائم دارفور ولكن ماذا عن التطبيق؟ التطبيق إصطدم بالقوانين التي تعطي حصانات شبه مطلقة للمنتسبين لأجهزة الدولة ، ووزير العدل في النظام البائد دوسة أقر بأن 25% من العاملين بالدولة تتوفر لديهم حصانات في ذلك الوقت.
*كيف تفسر التعبئة والمواكب التي خرجت من المساجد منددة بالتعديلات؟
– هذه زوبعة ومزايدات لم تجد أي قبول من الشارع الذي لم يكترث أو يأبه لها وهي محاولات من قوى الردة والظلام للكسب الرخيص وهي بالتجربة خاسرة ، كذلك لاعلاقة بالنصوص القانونية الاسلامية بماتم من تعديلات.

*ماهي الدواعي للتعديلات في قانون الحريات الدينية؟
– أولها على الإطلاق توحيد المجتمع السوداني ، فالسودانيين يدينون بمعتقدات مختلفة ، واحساس جزء منهم بالتجاوز أجج الحرب وأذكاها بسبب الفوارق والاحساس بالظلم وهذه خطوة جيدة يستحق عليها مولانا نصرالدين وزير العدل الاشادة فوحدة المجتمع تؤسس للسلام المستدام، في تقديري وزير العدل كسب احترام الشعب السوداني بانفاذ مطلوبات الثورة ولابد من الاستمرار في الغاء كل القوانين الرجعية المعادية لحريات الجماهير.

استطلاع: أشرف عبدالعزيز
صحيفة الجريدة