رأي ومقالات

مأساة في شكل هبة.. وزيرة المالية تطالب بإشعال نيران التضخم بطاقة قصوى


في تصريح اكثر فجيعة من كارثي “أكدت وزيرة المالية المكلف هبة محمد علي ضرورة تحديث مطابع السودان للعملة وتشغيلها بكامل طاقتها الإنتاجية التي ستوفر مبالغ مقدرة من النقد الأجنبي وناقشت لدي لقائها بمكتبها المدير العام لشركة مطابع السودان للعملة المشاكل التي تعيق عمل الشركة لتجنب تكرار المشاكل والوقوع في الازمات السابقة التي حدثت في القطاع المالي. من جهته امن المدير العام لشركة مطابع السودان للعملة برعي الصديق على ضرورة الصيانة الدورية وزيادة خطوط الإنتاج لشركة مطابع السودان للعملة”.

يتضح ان تصريحات الدكتورة المتماهية مع الدعم السريع لم تكن صدفة , ويبدو انها لا تجيد لغة للحكم, ويشهد علي ذلك أيضا استحضارها المتكرر الذي لا يليق لكلمة شحدة في تناولها لمساعي حكومتها في الحصول علي دعم خارجي, فهذه لغة لا تليق برجال ونساء الدولة . وهنا نذكر الدكتورة, كما ذكرنا مصطفي عثمان إسماعيل سابقا, ان الشعب السوداني لم يشحد أحد ولم يستفد من دعم خارجي , فكل مال الخارج يأتي لدعم الطبقة الحاكمة التي تستفيد ثم تقع علي عاتق الشعب مهمة سداد الديون غير المشروعة.

لقد حذرنا كثيرا ان العامل الأكبر والاهم في تدمير الاقتصاد السوداني هو الطباعة المفرطة للعملة التي ينتج عنها التضخم الذي افقر الشعب وعوق الإنتاج وحطم سعر الصرف وقزم الاستثمار في كافة القطاعات.

عادة في كل الدول يكون وزير المالية هو/هي فرامل التوسع غير المحسوب في الصرف الذي قد يطالب به رئيس أو جهات سياسية اخري ولكن وزير المالية ينبههم الِي ان الصرف يجب ان يستند علي موارد حقيقية, أو توسع محسوب ومدروس في القاعدة النقدية, ولكنا في سودان ما بعد الثورة بلينا بوزراء مالية يقودون التوسع غير المسؤول في الصرف التضخمي الذي كان عليهم تحجيمه كواجب فني أول.

وقبل يوم أو نحو ذلك في ندوة/محفل اعلن كبير مستشاري وزير المالية – السيد مجدي امين الذي يشارك الدكتورة هبة في الخلفية الواشنطونية – بان مشكلة التضخم ونقدنة عجز الموزانة (النقدنة تعبير فني يعني طبع النقود رب رب ) يستحيل معها أي اصلاح اقتصادي حقيقي أو تبني سياسة صناعية فعالة. وقد كان السيد مجدي محقا تماما فيما ذهب اليه ولكن مقاله من ناحية اخري يشكك في مصداقيته واتساقه ومصداقية كامل الإدارة الاقتصادية لان نفس الوزارة التي يتسنم فيها السيد مجدي منصبا عاليا قد قامت برفع المرتبات بنسبة 569% وأضافت بذلك حوالي 250 مليار جنيه الِي عجز الموازنة ثم قررت تبني اخدوعة اخري بلا موارد تهدف الِي صرف 500 جنيه شهريا الِي 80% من الشعب, أيضا بلا موارد, ولم يفتح الله علي المستشار ببنت شفة أمام هذا العبث المالي وقد فضل الانشغال بالجهاد ضد الدعم ليعاني الشعب من التضخم الناتج رب رب – الذي بلغ معدله في يونيو 136%- ويعاني مرة اخري من نتائج رفع الدعم.

من المؤكد ان الدكتورة هبة شريك اصيل في رب رب قرار رفع المرتبات بنسبة 569% وبلا موارد . إضافة لمسؤوليتها التضامنية كعضو في مجلس الوزراء, فقد كانت الدكتورة وزيرة الاستثمار واقرب بطانة وزير المالية اليه إضافة الِي انه هو الذي استقدمها من واشنطن.

كنت قد لاحظت ايضا ان الدكتورة أكدت علي المضي قدما في برنامج الحكومة الرامي الِي صرف 500 جنيه شهريا الِي 80% من الشعب رغم ان هذا الدعم عمليا لا معني له سوي الدعاية السياسية وتوفير ورقة توت تغطي خواء هذه الحكومة بتزييت حنك التصريحات المتفائلة وكأن هناك ثمة انجاز.

برنامج الدعم النقدي الذي تصر عليه السيدة الوزيرة يكلف الموازنة 210 مليار جنيه في السنة, إضافة الِي تكلفة زيادة المرتبات التي تبلغ حوالي 250 مليار جنيه ليصبح المجموع 460 مليار جنيه لا يمكن تمويلها الا رب رب . وهكذا يتم تدمير الاقتصاد السوداني لا لشيء سوي توفير غطاء دعائي يستر عورة الحكم المتنامية.

اضف الِي هذا الجنون المالي ان إقامة البرلمان وزيادة عدد الوزارات وتوسيع مجلس السيادة وبنود الصرف الأخرى المتعلقة بسلام المحاصصة سوف تضيف أعباء اخري باهظة علي الموازنة , لا يمكن مقابلتها إلا بالانصياع لتوجيهات السيدة الوزيرة بـتحديث مطابع السودان للعملة وتشغيلها بكامل طاقتها الإنتاجية. أما قول السيدة الوزيرة بان مطابع العملة توفر مبالغ مقدرة من النقد الأجنبي , فلا نملك لغة قابلة للنشر تصلح للتعليق عليه.

خلاصة الامر ان السياسة الاقتصادية لهذه الحكومة تفتقد الادراك الفني لطبيعة التحدي وتفتقد العزم السياسي وتفضل استسهال الحلول قصيرة النظر وتضرب ظهر الشعب شلوت مؤلم في اتجاه الزمببة قد ينتج عنه انهيار نقدي كامل كما حدث في جمهورية موغابي. ولن يصح حينها ان نلوم ثلاثين عاما من حكم الانقاذ علي هكذا انهيار.

ان طباعة النقود بمعدلات حكومة ما بعد الثورة تخريب اقتصادي مع سبق الإصرار والترصد يقارب الخيانة العظمي مما يرجح انه من الناحية الاقتصادية فان هذه الحكومة هي الأسوأ في تاريخ السودان بما في ذلك الفترة التعايشية .

قبل ستة أيام بالضبط تضرعت للمولي عز وجل بـان “يعزنا بوزير/ة مالية ينوم ونسيبو في حالو. لا ضرر ولا ضرار. وقيل نوم وزير توا عبادة”. ولكن يبدو ان العناية الالهية منعت هذه المرة لحكمة تعلمها.

د. معتصم الأقرع


‫2 تعليقات

  1. مافي اي تغير ديل يطلق عليهم الإحرام و العمالة الخلزونية بمعنى كل ما يتغير واحد يسحب الذي يليه لمنصبه و هذه العنكبوت السوداء لن تزيد الأوضاع الا رماد و كذلك خنفساء الصحة التي تطلع علينا كل يوم بأرقام فليكيه لامذوبة كورونا الجماعة راكبين ظهر الاكذوبة العالمية كورونا ع الشعب التحرك لقلع هؤلاء الخونة
    ما فضل غير الهالات و الصايعات لتمثيل البلاد و قيادتها