تحقيقات وتقارير

السودان: توترات جنوب كردفان تنذر بالتصعيد


وتضاربت الروايات من الجانبين حول حقيقة مناوشات الخميس التي وقعت بمنطقة خور الورل، التي تزعم “الحركة الشعبية” سيطرتها عليها، حيث قال بيان للجيش السوداني إنه في الوقت الذي تستمر فيه إجراءات بناء الثقة بين كافة الأطراف، وفي ظل وقف إطلاق النار ومفاوضات السلام الجارية في جوبا، قامت قوات تتبع لـ”الحركة الشعبية” جناح الحلو، بالهجوم والاعتداء على رعاة عائدين لقوة من الجيش كانت تحرسهم في رحلتهم من الجنوب إلى الشمال.

وأوضح البيان أن “الحركة الشعبية نصبت كمينا وزرعت ألغاماً في طريق فوج الرعاة بمنطقة خور الورل، الأمر الذي أدى إلى إزهاق العديد من الأرواح من المواطنين والقوات النظامية، وتدمير معدات عسكرية ومدنية”، من دون أن تحدد بالأرقام عدد الضحايا.

ومنذ العام 2016، أدى وقف للعدائيات بين الحكومة و”الحركة الشعبية” إلى إحداث هدوء امتد بعد سقوط نظام البشير، ودخول الحكومة الانتقالية في مفاوضات مع كل الحركات المسلحة بما فيها فصيل الحلو، الذي أعلن من جانب واحد في مارس/آذار الماضي وقفاً لإطلاق النار حتى نهاية يناير/كانون الأول المقبل.

وتقاتل الحركة الشعبية منذ العام 2011 من أجل حكم خاص لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وفي مفاوضاتها الحالية مع الحكومة اقترحت تطبيق النظام العلماني في البلاد أو منح المنطقتين حق تقرير المصير.

ورفضت من جهتها الحركة الشعبية اتهامات الجيش السوداني، ووصفت ما حدث بمنطقة خور الورل، بأنه امتداد للخروقات التي تقوم بها حكومة الفترة الانتقالية، مشيرة إلى أن الخروقات تلك تشابه ما حدث العام الماضي، ما أدَّى إلى انسحاب وفد الحركة الشعبية من طاولة التفاوض.

واتهمت الحركة في بيان لها مليشيات حكومية باستخدام القوة العسكرية لعبور المنطقة، وتسبَّب ذلك في نزوح العديد من المواطنين من عدد من المناطق، كما اتهم البيان الحكومة بالتحيز ضد المكونات غير العربية في السودان، مستدلاً بالأحداث القبلية في كل من كردفان ودارفور وشرق السودان.

وجددت الحركة اعتراضها على تعيين حامد البشير والياً على جنوب كردفان لـ”مواقفه العدائية التي تُفرِّق بين المُكوِّنات الاجتماعية في الإقليم تنفيذا لسياسات حزب الأمة القومي”، طبقاً لما جاء في بيانها، وأكدت أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام “مثل تلك المُمارسات التي تستهدف المواطنين” بمناطق سيطرتها، ولن تتردَّد في الدفاع عنهم وحمايتهم.
لكن حزب الأمة القومي دحض تلك الاتهامات وذكر، في بيان له، أن “محاولات إقحام اسم حزب الأمة لن تنجح في زرع الفتنة بين القبائل المتعايشة في المنطقة منذ مئات السنين، وأن توظيف هذه الأحداث المصطنعة لخدمة أجندة سياسية ونشر نعرات عنصرية مقيتة، لن تؤدي إلى تحقيق السلام العادل والشامل وإلى استقرار المنطقة وإعادة إعمارها وتنميتها”.

وناشد البيان كافة الأطراف عدم التصعيد ووقف العدائيات بين أبناء الوطن الواحد، وإتاحة المجال لنزع فتيل الحرب ووقف الاقتتال ومنع تشريد المواطنين الآمنين من ديارهم وأوطانهم، ودان الحزب زرع الألغام المتفجرة في المسارات المعروفة للرعاة، وطالب السلطات المختصة بسرعة الكشف عن الجناة والمتفلتين والعمل على استعادة الأمن والسلام في المنطقة.

من جهته، يقول الصحافي ابراهيم عربي، المتخصص في شئون المنطقة، لـ”العربي الجديد”، إن الأوضاع الحالية بجنوب كردفان “تنذر بالتصعيد، ليس بسبب المناوشات الأخيرة وحدها، إنما لأسباب أخرى مثل التوترات القبلية”.

وأشار إبراهيم إلى أن مقتل عدد من الرعاة يدفع قبائلهم لمحاولة أخذ الثار، كما أن تعيين وال غير متوافق عليه ربما زاد من فتيل الأزمة، إضافة إلى السبب الأهم وهو التقدم الذي تحرزه المفاوضات بين الحكومة وفصيل آخر للحركة الشعبية بزعامة مالك عقار، وهو ما يدفع -حسب تقديره- فصيل الحلو إلى السعي لإفشال أي اتفاق سلام يتم التوقيع عليه، لا سيما في ظل تعثر المفاوضات التي تجرى بينه وبين الحكومة.

من جانبه، استبعد اللواء المتقاعد أمين مجذوب عودة الحرب إلى المنطقة، ولفت إلى أن ما حدث يوم الخميس الماضي، ربما جاء كتصرف من أفراد في الحركة الشعبية فصيل الحلو وليس بأوامر من القيادة .

وأوضح لـ”العربي الجديد” أن الحركة “لا تمتلك إمكانيات الدخول في حرب في الوقت الراهن، بعد أن فقدت الحاضنات السياسية والدولية والإقليمية، كما أن الحكومة الانتقالية نفسها، بمكونيها العسكري والمدني، لا ترغب في التصعيد”، مرجحاً تجاوز تداعيات الخميس وأنه سيتم الاتفاق على تحديد مسارات واضحة للرعاة.

العربي الجديد