مقالات متنوعة

لم يعُد سرَّاً


– نستميح الإعلامية الأديبة الشاعرة الأستاذة عفراء فتح الرحمن عذراً، أن إستعرنا عنوان برنامجها التلفزيوني لنجعله عنواناً لهذا المقال الذي سبقه مقالٌ لنا بعنوان (السلام ثمَّ السلام ثمَّ السلام).
– وكان البرنامج قد إستضاف الدكتور عبدالعزيز نور عُشر المحامي الخلوق المهذَّب والقيادي بحركة العدل والمساواة، خلال أيام عيد الأضحى المبارك، وقصة عُشر ومسيرته النضالية، وسيرته الأكاديمية الفذَّة، وقوة شخصيتة وقدرته على التسامي والإرتفاع فوق حظ النفس وإيمانه اللامحدود بعدالة قضيته لا يُعلى عليها، ولا تحدَّها حدود، ويكفيه فخراً على علو همته أنَّه نال درجة الدكتوراة فى القانون وهو مكبَّلٌ بالأغلال في زنزانة إنفرادية لعشرِ سنينٍ كالحات، ينتظر لحظة تنفيذ حكم الإعدام شنقاً حتى الموت، وهو الحكم الذى كان قد إستنفذ درجات التقاضي وأصبح حكماً قضائياً نهائياً، لا ينتظر سوى أن يُقتاد إلى المشنقة لكنَّ رئيس الجمهورية لم يمهر قرار المحكمة بتوقيعه عليه، وبدلاً عن ذلك أصدر قراره بالعفو عن عُشر ومن معه من المحكومين وأطلق سراحهم بغير شروط، وهذه قصة أخرى.
– إنخرطت حركة العدل والمساواة بكل قياداتها السياسية والميدانية فى السعي نحو السلام، وإستطاعت أن تستقطب معها أبرز الحركات المسلحة للسير فى طريق السلام، مع نهايات حقبة الإنقاذ، في ملحمة طويلة وشاقة ومحادثات جادَّة ورحلات مكوكية بعد عملية الذراع الطويل، وحتى بعد إستشهاد، قائدها المؤسس د. خليل إبراهيم، وقبل قيام مؤتمر الحوار الوطني الشامل وكانت الأهداف التي ستثمر عندها إتفاقية السلام – لو قُدِّر لها النجاح – وطنية خالصة، تضع الأساس المتين للأمن المستدام والسلام العادل والتنمية الشاملة والمتوازنة، فقد كان وقف العدائيات وإنهاء حالة الحرب، – وليس مجرد وقف إطلاق النار – أولى خطواتها، وإستقطاب دعم المانحين العرب والغربيين لإعادة الحياة للمشاريع القومية الكبرى، مثل مشروع الجزيرة، وسكك حديد السودان، والموانئ البحرية، والخطوط الجوية، وغيرها، وليس لإعادة إعمار دافور، فأهل دارفور منتشرين في كل بقاع السودان، وهذه المشاريع تخدم إنسان السودان عامّة، وكانت الفترة الانتقالية التي ستعقب توقيع السلام محددة الأهداف، بتحقيق مصالحة وطنية شاملة وكتابة دستور البلاد الدائم الذى ستعكف عليه جمعية تأسيسية، وتخصيص العون الخارجي للمشروعات القومية، وترك الخدمات الصحية والتعليمية والمياه والطرق الداخلية وإعادة الإعمار للجهود الذاتية وتمويلها الناتج القومى، وتفعيل مجالس الأجاويد، بالأعراف المتبعة والناجزة في مجال التسويات والتعويضات والديَّات لتنطوي هذه المرارات خارج قاعات المحاكم بما يضمن عدم إثارتها أو العودة إلى مربع الشحناء والبغضاء مرة أخرى، ولكن !!!
– دعونا لا نبكي على اللبن المسكوب، فتلك حقبة قد خلت ودالت دولة الإنقاذ وبقيت البلاد تعاني من ويلات الحرب التي أنهكت الإقتصاد وكبَّلته حتى إنه لا يقوى على السير إلى الأمام لخطوةٍ واحدة، ولن يتحرك قيد أنملة إلَّا فى ظل السلام.
– السلام الذي حُددت له ستة أشهر من بداية الفترة الانتقالية، وكانت جوبا مسرحاً لجولاته، وقطعت الأطراف المتفاوضة أشواطاً مقدَّرة فى مساراته، وحققت نِسباً مرتفعة فى ما إكتمل التوافق عليه، وبقي الجزء اليسير، والذي تأمل الاطراف المتفاوضة فى الوصول الى النهايات المرجوَّة قبل نهاية هذا الشهر – أغسطس – وتضع ثقلها لإنجازه، لتُنهي الحكومة الانتقالية فترتها بإنجاز باهر بعدما وقف حمار شيخها فى عقبة الإقتصاد الكأداء، ولئن قالت العرب قديماً: (بيننا وبينكم الجنائز) إشارةً إلى الكثرة عند تشييع رجالهم !! فلسان الحال يقول: (بيننا وبينكم الصناديق) لنرى أيُّنا أعزّ ناصراً وأكثر عدداً، (وده المِجَنِنْ بوبي) فلم يعد الأمر سرَّاً.
محجوب فضل بدري
الانتباهة