تحقيقات وتقارير

إتهامات الفساد والسياسة .. مُنظَّمة الدعوة الإسلامية .. خيوط الظلام وتدحرج كرة الثلج (2ـ3)

* الأمين العام لمنظمة الدعوة الإسلامية : (90) % مِن أموال المنظمة خارج السُّودان

* قوات مِن الشرطة تحاصر مقار المنظمة وتمنع الموظفين من دخولها

* سنُقاضي لجنة التمكين قانونياً.. والقوانين بين الدول لا تُلغى

“كانت مُنظمة الدعوة الإسلامية تعمل بشكل جيد، قدمت للسُّودانيين خدمات جليلة لا يُمكن إنكارها سيما فِي جنوب السُّودان قبل انفصاله بيد أنّ الأمر تبدّل بتسارع الأحداث السياسية وسيطرة الاسلاميين على مقاليد الحُكم”.

هكذا اختصر موظف سابق بالمُنظَّمة التي عمل بها لسنوات عِدة كيف بإمكان السياسة ما أن تختلط بشيء أن تُفسده مُستذكراً ما أشار إليه الشيخ محمد عبده بقوله: قاتل الله السياسة فإنها ما دخلت في شيء إلا أفسدته.

*بالقانون
” لن يعود الإسلاميون في السودان للسلطة أبداً .. عشم إبليس في الجنة”.
بهذا أَسدل المؤتمر الصحفي الذي ترقبته الوسائط وشكلّت القرارات المُتخذة والمتلوة عبره صدمة قوية لإدارة المنظمة بفروعها المترامية بالمركز والولايات ارتدت آثارها بعد سُويعات فقط سِتاره.

أعلن صلاح مناع أحد أعضاء لجنة إزالة آثار التمكين لنظام المعزول عمر البشير ومحاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة حلّ مُنظمة الدعوة الإسلامية ومصادرة ممتلكاتها لصالح وزارة المالية، وتم التنفيذ فوراً.

المُنظَّمة سُرعان ما أصدرت بياناً أكدت فِيه بدءاً استنكارها قرار المُصادرة المجحف – وفقاً لتعبيرها – وأنّ قاعات المحاكم والقانون بالسُّودان سيكونان الفيصل والحَكم، مستنفرة محاميها الذين باشروا بالفعل إجراءات قانونية ضد اللجنة.

البيان الذي حصلت (الجريدة) على نُسخة مِنه أشار إلى أن المنظمة تُحمل لجنة إزالة التمكين والفساد أيّ أضرار قد تلحق بممتلكاتها أو مستنداتها.
الأمين العام لمنظمة الدعوة الإسلامية السفير عطا المنان بخيت الذي وجد نفسه مُحاطاً بالعديد من التهم وفي طليعتها توظيف عناصر النظام البائد ومنسوبي حزب المؤتمر الوطني بالمنظمة، استهل معركته بتفنيد كافة التهم.

(الجريدة) استنطقت مُنظمة الدعوة الإسلامية عَبر مدير إعلامها د.لبنى محمد حسن فجاء رد الأمين العام أولاً عَن إقحام المنظمة فِي العمل السياسي قائلاً: دائماً ما أقول إن مقاييس ومعايير تقييم عملنا للمنظمات هي مقاييس معروفة إذا تم الإلتزام بها يعني ذلك أن المنظمة تعمل بصورة جيدة، تلك المعايير ليست السياسة من ضمنها.

هناك تجاوزات كثيرة لمنظمات إنسانية عالمية، يتم تحديد نوعية التجاوز، تُجرى الإجراءات القانونية والإدارية المعنية، تُصحح ويستمر العمل.ومِثال لذلك الأمم المتحدة أحد أكبر المنظمات فِي العمل الإنساني أُكتشف أنّ طائراتها تحمل الإغاثة لجهات مُعارضة للحكومة وقد تم إثبات ذلك بالأدلة فِي كثير من الدول ومن ضمنها السودان، هذه المنظمة قامت بتهريب الأسلحة داخل طائرات الإغاثة وتمت تخبئتها مع الأغذية لحركات التمرد، وقال مُتسائلاً: هل تهريب الأسلحة أخطر من العمل السياسي؟، هل تم إغلاق الأمم المتحدة، هل انسحبت الدول من الأمم المتحدة؟.أبداً، يُجرى تحقيق إذا أُثبتت التهم يتم محاسبة المتورطين ويستمر دولاب العمل، ويجب أن أُشير إلى أنه في العمل الإنساني لا يُحاسب الناس بإنتماءاتهم السياسية وإنما بالأداء الوظيفي والمهني.

نموذج آخر لتجاوزات المنظمات في العالم حدث بمنظمة (ارش دوزي) ذات الأصول الفرنسية والمتخصصة في مجال الطفولة، وقد قامت المنظمة في العام 2005 بإختطاف أطفال سودانيين وتشاديين وتهريبهم إلى فرنسا، بلغ عدد الأطفال المختطفين (250 ) طفلاً، اعترفت المنظمة بجريمتها والتي تعد واحدة من أبشع جرائم انتهاك الإنسانية، ورغماً عن ذلك لم يتم إغلاق أبواب المنظمة وإنما محاسبة مرتكبي الجريمة، العمل الإنساني تحكمه المعايير وليست السياسة.

*مكنتم عناصر النظام البائد في المُنظَّمة ؟
مكناهم فِي ماذا مثلاً؟!.يجب أنّ نكون دقيقين، هُناك حملة تشويه ضد المُنظمة تصدّر اتهامات باطلة، تم إنشاء منظمة الدعوة الإسلامية قبل (10) سنوات مِن مجيء حُكومة الإنقاذ، ولا تُوجد مُنظمة تُحاسَب فقط لأنها أُنشأت فِي عهد ما، وإنّ كان كذلك، الآن تم تأسيس وإنشاء مُنظمات، هل سيأتي يوم وتتم مُحاسبتها على ذلك ؟.

*مصادر دخل المنظمة؟
(90%) مِن أموال المنظمة خارج السُّودان، مِن حق السُّودانيين أن يطرحوا الأسئلة والاستفهامات عن مصادر دخل المنظمة، ونقول إنها كانت تعمل ضمن مشروعات لصالح الحكومة السابقة، وتأتيها عشرات المليارات من الخارج وعبر القنوات الرسمية وهي مشروعات قائمة وموجودة.

*أدخلتم الإستثمار التجاري في الأعمال الخيرية؟
مبدئياً، ارتباط العمل الوقفي بالإستثمار موجود من زمن بعيد وفي كل انحاء العالم، على سبيل المثال، منظمة (أوكسام ) المشهورة جداً (80)% من ميزانيتها تأتي من الإستثمار لأنه في الجانب الآخر هناك حقوق الموظفين وايجارات وصيانة السيارات والتزامات مالية وإدارية ونفقات أخرى.

*وماذا عن شركة _دانفوديو ؟
مثلها ومثل أي شركة مسجلة وفقاً لقانون الشركات وتدفع الضرائب، وما كان يكلف لجنة إزالة التمكين والفساد مجهود لو طالبت المسجل التجاري أن يمدها بتقارير عن نشاط الشركة.

*قانون المنظمة لسنة 1990 مثير للجدل ؟
الاتفاقيات التي توقعها الدول تُحترم حتى لو تم توقيعها في ظلْ عهد النظام السابق هذا عُرف دبلوماسي معروف، اذاً يُوجد قانون موقع، وهنالك أيضاً إجراءات تتبع لتجاوزه، وأضاف: لا يمكن أن تأتي بشرعية الثورة لإيقاف منظمة تعمل أربعين سنة، لابد من وجود معايير ضابطة للعمل، نحن نرتكب أخطاء عندما نقيم العمل الإنساني بمعايير سياسية، كما أنه توجد مسبقاً معايير للعمل الإنساني الدولي في السودان أو خارجه، وبالرغم من ذلك ومع مع الأسف هذا لم يحترم، المنظمة الآن تضررت من هذا التجاوز وآلاف المستفيدين من خدماتها في السودان تضرروا.

* المشهد الآن
تحاصر قوات من الشرطة المنظمة والموظفين ممنوعين من التوجه إلى مكاتبهم ودخول المنظمة، وهذا إجراء لم نخطر به أبداً من قبل وزارة الخارجية، حالياً دولاب العمل اليومي في بعثات المنظمة بالخرطوم وولايات السودان الأخرى معطل تماماً.
هذا إضافة لشركة دانفوديو والتي تطوقها قوات من الشرطة من كل جانب، كما أنها منعت الموظفين من العمل، وقد يتم تسليم الشركة وأخريات للنيابة التي استدعت رؤساء ومديري الشركات قبل فترة وتم استجوابهم.

صحيفة الجريدة