مقالات متنوعة

هل أتاك حديث الجلود ؟

اليوم وعبر هذا المقال ..اود الاعتذار على الملأ عن تلك الدعوات والنداءات التي كنت اطلقها بأعلى صوت ..اعتذر عندما كنت اقول بكامل قواي العقلية
ما تصدروا الماشية حية
الماشية ما تصدروها حية
اني اسفة ..فقد اتضج بما لا يدع مجلا للشك …وبالادلة والبراهين ..والواقع المعاش …انه ليست لدينا قدرة على التعامل مع مخلفات الحيوان المذبوح بل اننا لا نقدر قيمة الثروة التي بين ظهرانينا ..والدليل كل تلك الجلود التي تكومت وتكدست وتعفنت وزكمت رائحتها الأنوف ..ليه ؟ لان المدابغ لا تعمل ..ولذلك لم يتم جمع جلود الاف الخراف المذبوحة …شئ مضحك حد البكاء ..هل أتى عيد الأضحى فجأة مثلما ياتي الخريف فجأة كل عام ؟ ام اننا اعتقدنا ان الخراف ستأتينا بدون جلود تقديرا لظروف الجائحة ؟ ..
كنت في نداءاتي السابقة اضرب الأمثال بالدول المجاورة التي تستورد منا الحيوانات الحية ..تشتري الحيوان بسعر بخس ..وفي بلادها يتم ذبحه ..فتذهب اللحوم للاسواق او للصادر على انها لحوم من حيوانات رعت في مراعي طبيعية ..الجلود تذهب الى مصانع الاحذية والحقائب ..الأصواف تذهب الى مصانع الملابس ..حتى الدماء يستفاد منها في استخلاص مضادات ومواد كيميائية وطبية ..(ياخ المصارين دي ما بيأكلوها كمونية) لكنهم يصنعون منها خيوط عمليات قابلة للذوبان (كات قت)..شفتوا كيف ؟ هل عرفتم لماذا تتكالب الدول على صادر الحيوان الحي من السودان ؟ وكلما رجعت سفينة بحيوانات غير مطابقة للمواصفات ..طلبوا سفينة اخرى ؟
وبمناسبة عودة السفن (تلك قصة اخرى ) صحي بالجد ..لماذا نعطى الدنية في اقتصادنا ؟ وتفرض علينا الدول المستوردة شروطها والمفترض ان يتم العكس ؟ والطريف ان الارجاع يتم بعد وصول الشحنة مؤاني الدول الاخرى ..وبرضو المرة التانية نشحن ذات السفينة بذات الطريقة !!..المتوقع يحصل شنو يعني ؟ يغيروا رأيهم ؟ هم عندهم مواصفات محددة طلبوها منك ..طبقتها تعال ..ما طبقتها يفتح الله !..المشكلة ليست عندهم ..المشكلة عندنا ..نحن الجالسون على قارعة الطريق نعرض بضاعة غالية بسعر رخيص ..ويا قلبي لا تحزن
قبل فترة ليست بالقصيرة شاهدت مجموعة صور لاحذية جميلة مكتوب عليها (صنع في السودان) ..حينها سرح فكري ..وحلمت احلام (زلوط) بأن البنوك ستفتح نوافذ لتمويل مشاريع صغيرة تدعم صغار المنتجين..تدعم مصانع من شاكلة تلك التي يمكنها تشغيل عدد لا يستهان به من الشباب والشابات ..مصانع صغيرة تتعامل مع المدابغ التي تعمل بكامل طاقتها خلال فترات الاعياد والحج وتشتري الجلود من الأهالي او المسالخ ..مصانع صغيرة تصنع المراكيب السوادنية بتقنيات حديثة وجميلة ..احذية الاطفال ..حقائب المدارس ..شنط السفر ..لكن صورة واحدة لجلود متكومة وجدها الذباب غنيمة فاحتفى بها ..هذه الصورة كانت مثل العصا التي كسرت (قزازة السمن ) وجعلتني افيق على واقعي الأليم ..
لذلك اتقدم باعتذاري للشعب السوادني ..على كل تلك الآمال والاحلام التي روجت لها وبنيت عليها قصورا من الرمال في الآونة الاخيرة ..فقد اتضح ان استثمار الجلود ومخلفات الذبيح (شعرا ما عندنا ليهو رقبة ) .. .
الجريدة

ناهد قرناص