إرجاع صادر الماشية من السعودية التحديات والحلول بعيون اصحاب المصلحة
تكرار اعادة الماشية السودانية من الموانئ السعودية بوتيرة لم تخف اصبح يشكل هاجسا وبات يورق مضجع الحكومة وقطاع الثروة الحيوانية والمصدرين في ان معا وحق لهم ذلك اذ انه وفي الفترة من ٢٧ يوليو الى 1- أغسطس 2020 تم إرجاع اكثر من باخرة تحمل ما يفوق 60 ألف رأس ضأن و للمرء ان يتخيل الخسائر التي وقعت على كل المشتغلين في هذه السلسلة من المنتجين والرعاة الى خزينة الدولة.
هذه الاحداث دفعت وزارة الثروة الحيوانية الى تشكيل لجنة تحقيق لتقصي أسباب عودة الماشية من الموانئ والتي تم تحديدها في مسالة تتعلق بمناعة الماشية السودانية ضد بعض امراض الحيوان، فقد جرت ملاحظة تدني مناعة الماشية بعد وصولها إلى ميناء جدة السعودي إلى أقل من 25% في حين أن المناعة المطلوبة في سواكن تكون مابين ٦٠ المائة الي ٨٠ في المائة وعندما تصل إلي جدة يجب ان تكون 30 في المائة و لكنها تكون في الواقع اقل من 30% وهي بذلك تكون اقل من النسبة المطلوبة حسب اتفاق السعودية والسودان.
واتي شرط المملكة العربية السعودية على خلفية اكتشاف حالات من RVF(مرض حمي الوادي المتصدع) في اكتوبر٢٠١٩ وبسببه اتخذت الحكومة السودانية قرار شجاعا باعلان المرض وطلب العون الفني والبيطري.
وتم ايقاف صادر الحيوانات الحية الى ان تتمكن وزارة الثروة الحيوانية من السيطرة علي المرض لاعادة الصادر خاصة للسعودية لانها اكبر مستورد للضان السوداني حيث تصل الكمية المصدرة في اليوم لاكثرمن عشرة الف راس خاصة وانها تستورد من دول اخري مما قد يفقد السودان اكبر واهم سوق في المنطقة وبعد جهد من قبل العاملين خاصة في صحة الحيوان ومكافحة الاوبئه تمت السيطرة علي المرض في 3 اشهراي نهاية ديسمبر٢٠١٩ اعلنت منظمة صحة الحيوان العالمية الOIE خلوالسودان من RVFوفي مطلع يناير مع وفد فني من الوزارة سافر الوزير السابق الي السعودية لاعاده صادر المواشي الحية وأرسلت السعودية في ديسمبر2019 خطاب للسودان بان لديها اشتراطات جديدة لاستيراد المواشي الحية من السودان
فقام وفد انذاك برئاسة وزير الدوله بالسفرالي السعودية حيث تم اخطار الوفد بان السعودية ترغب في ان تكون كل الحيوانات مطعمة ضد مرض RVF ونسبة لصعوبة هذا الامر كان هذا يعني فحص كل الحيوانات (اي اخذ دم من كل حيونات الصادر وفحصهاواستبعاد التي توجد بها اجسام مناعية) وهو امر مكلف جدا وتوجد نسبة خطا 5%اي لووجد حيوان واحد به اجسام مناعيه سوف يوقف الصادر لفترة زمنيه طويلة حيث طلب الجانب السوداني امهاله فترة سته اشهر واستمر الصادر الي مابعد السته اشهر الي اظهرت بؤرة للمرض في اربعات ادت الي وقف الصادر في نهاية سبتمبر ٢٠١٩.
وسافر وفد وزاري مرة ثانية الى السعودية في يناير ٢٠٢٠ طلب منه نفس الطلب و علد ليذكر السعودية بصعوبة تنفيذه للاسباب سابقة الذكر و اخذ الخيار التاني الذي وافق عليه الجميع وهو تحصين الحيوانات بلقاحRVFمع الحجر 30 يوم بدلا من ٢١يوم وارسال باخرة واحدة كل يوم ونسبة المناعه تكون٣٠%.
وفي بداية مارس بدأ التحقين وتم تصدير 31مارس اول باخره (خمسة الف راس من الضان) بعد ان تم قياس المناعة في السودان فكانت اكترمن 40% لكن نفس الحيونات عندما وصلت جدة تم قياس المناعة فوجدوها اقل من 30% و تم حفظها في المحجر لمدة اسبوعين اضافية فزادت نسبة المناعه عن ال40في المائة.
وضمن التقصي المطلوب كان القرار بارسال مجموعة من الصحفيين من المؤسسات الاعلامية المختلفة الى ولايات الشرق (البحر الأحمر، كسلا ، القضارف) للوقوف على الاشكالات وتقصي الحقائق حول إرجاع بواخر الصادر .
في هذه الولايات أجمع المسئولون بالمحاجر ومعامل البحوث البيطرية والمصدرون والخبراء البيطريون على اهمية توحيد العيارات والنسب في كشف مناعة الماشية بالسودان والسعودية بجانب تكوين لجنة تسييرية لتقليل نسبة مناعة الماشية وزيادة نسبة العينة العشوائية التي يتم فحصها من ٢ % الي ١٠ % من جملة الشحنة. وتأهيل المحاجر ومدها بالخدمات الضرورية ، وتهيئة البواخر المناسبة للماشية ، ومراجعة عمل لجنة تنظيم البواخر التي يشتكي منها اغلبية المصدرين .
في ولاية البحر الأحمر بمحجر وميناء سواكن حيث القى معظم المصدرين اللوم في موضوع نقص مناعة الماشية على لجنة تنظيم وتطوير البواخر التي قالوا انها تجبر المصدر على شحن مواشيه عبر بواخر غير مطابقة للمواصفات .
المصدر سليمان محمد صالح قال أن مواشيه التي تبلغ 10,500 رأس أرجعت بسبب انخفاض المناعة الي أقل من ٣٠ ٪، وطالب بحل اللجنة وقال اخر، حميد احمد ، رئيس وكلاء المصدرين ، أن من حق المصدر أن يختار الباخرة التى تنقل مواشيه.
بينما نفت لجنة تنظيم صادر الماشية اتهامها باعاقة ورجوع الصادر من المملكة العربية السعودية الى بورتسودان. وبرأ كابتن سيف الدين ابو بكر – نائب رئيس غرفة التوكيلات الملاحية مقرر لجنة تنظيم صادر الماشية -اللجنة من الاتهامات التي يشنها المصدرون وتحميلها مسئولية راجع الماشية .
وقال ان لا علاقة بين البواخر وصلاحيتها و الارجاع او تدني المناعة وان كل تقارير الراجع تثبت ذاك وتؤكد ان السبب الرئيسي تدني مناعة الماشية وقال أن اللجنة تنظم البواخر فقط وليس لها حق في تحديد صلاحيتها ، وانما هذه مهمة الرقابة البحرية .
واضاف ان اللجنة كونت بقرار ولائي لحل المشاكل التي حدثت بين وكلاء المصدرين وملاك السفن لمجابهة السمسرة والمضاربات في النولون (قيمة شحن الصادر).
ودعا دكتور علم الدين ابشر وزير الثروة الحيوانية السابق والخبير البيطري الى الجلوس مع الجانب السعودي لتحديد الحد الادني لنسبة المناعة باقل من 30٪ وذلك لتجنب عملية إرجاع صادر الثروة الحيوانية
ولاحظت سونا أن المحجر البيطري بسواكن، الذي يعتبر المحطة النهائية لصادر الماشية قبل شحنها بالبواخر، يفتقر للخدمات كلياً، مع قلة الحظائر بما لا تتناسب مع كمية الماشية الموجودة في انتظار التصدير والتى تبلغ 150 ألف رأس ضأن. وتبلغ تكلفة شحنة الباخرة التى تحمل مابين 10 ألف رأس الي 13 ألف من سواكن ( 50 الف الى 65 الف دولار) اي تكلفة نقل الراس من الموانئ السودانبة الى ميناء جدة السعودى 5 دولارات للرأس الواحد.
ويقول مدير المحجر د. عبد الرحيم عبد الفتاح، إن المحجر جهة فنية تشرف على التفتيش فقط ولا يقومون بتحقين الماشية، واوضح أنها تأتي إليهم جاهزة ومحقنة من معامل البحوث البيطرية ، وليس لهم صلة بنقص أو تدني المناعة. و اضاف بإن المحجر يفتقر الي مياه سقيا المواشي ونه غير مسور وليس به مظلات في مع ارتفاع درجة الحرارة في موسم الصيف بجانب عدم توفر وسائل الحركة.
ولمعالجة هذا الامر أصدر دكتور عادل فرح إدريس وزير الثروة الحيوانية والسمكية المكلف قراراً بأن يتم تسليم كل المستوردين السعوديين للمواشي السودانية علي ظهر الباخرة ماامكن. وبين القرار أن المستورد هو صاحب الماشية والباخرة ويتحمل المسئولية.
وفي ميناء ومحجر هيدوب الذي اكتمل تشييده في مرحلته الاولي أكد المهندس محمد حسن مختار مدير ميناء هيدوب لصادر الثروة الحيوانية أن الميناء قد اكتمل من حيث التجهيزات الفنية والهندسية،و جاهز لبدء التصدير. وقد بلغت تكلفة تشييده 120 مليون يورو، مول من قبل جمهورية الصين، وسيحقق تشغيله كميناء متخصص لصادرات الثروة الحيوانية فوائد كبيرة للبلاد، والولاية.
واكد والي البحر الأحمر المهندس عبد الله شنقراي اهتمامه بمعالجة مشكلة صادر الماشية التي أرقت البلاد مؤخراً ومعرفة رؤية كل الجهات المختصة بصادر الثروة الحيوانية، والتنسيق مع وزارة الثروة الحيوانية الاتحادية .
اما في كسلا فيوجد محجر كسلا ومعمل البحوت البيطرية ، ولاحظ الصحفيون انه يتمتع بوجود مظلات وسور وبوابتين . وقال مدير المحجر البيطري بالإنابة الدكتور عمر التجاني ان المحجر يعد من افضل المحاجر بالبلاد. وقال أن حل مشكلة رجوع الماشية ، يكمن في تكوين تيم فني من البياطرة من السودان والسعودية لفحص العينة من كل الجانبين، وإنشاء مكتب فحص موحد، وتوحيد الكواشف.
وقال الدكتور ادم محمد ادم مدير معمل الأبحاث البيطرية بكسلا ان المعمل يفحص العينات لصادر الولاية ، وقال نأمل أن يكون فحص حمي الوادي المتصدع بالمعمل وشكا المصدرون بمحجر كسلا عن تضررهم من تأخر إنسياب الصادر للسعودية وبقاء الماشية لأكثر من شهرين في المحجر فى انتظار التصدير بسبب عدم وصول كواشف لفحص المناعة.
وقال المصدر سلمان علي رئيس شركة دوبا لتصدير الماشية انهم تضرروا في بقاء الماشية شهرين ونصف، وأن العلف يكلف يوميا ٣ ملايين جنيه اي 180 مليون في شهرين.وقال إن حوالي ١١٣ ألف رأس في المحجر منتظرة التصدير. وقال أن أن الماشية التي يملكها تعادل حوالي ٢٠ مليون دولار يمكن أن تساهم فى رفد الخزينة بالعملة الحرة. واشار الي أنه من أميز المحاجر بالسودان وبه تسوير وحظائر جديدة ومياه متوفرة.
وقال المصدر صالح سعيد صالح أعمال صالح سعيد أن الصادر يمثل معاش لكافة مواطني الولاية، وقال أنهم متضررون من التكلفة العالية للأعلاف، وغلاء أسعار المياه ، وحمل المسئولية للحكومة الاتحادية. وشكا صالح من تأخير عقود الصادر من وزارة التجارة والصناعة.
ودعا محمد السليم مرشد لأعمال السليم الحكومة أن تتفاوض مع السعوديين بشأن رجوع المواشي وحل مشاكله، وأكد ان المصدرين مستعدين لدفع قيمة كواشف المناعة والقاحات.
وأكد المهندس الأرباب محمد فضل والي ولاية كسلا بالإنابة توفر البيئة المناسبة للثروة الحيوانية بالولاية، وأوضح ان حكومة الولاية مهتمة بتسهيل كل مايتعلق بصادرات الثروة الحيوانية .ودعا الارباب الإعلام الي لعب دوره في تبصير الأجهزة الحكومية بمواقع القصور والمعالجات المطلوبة لتساهم صادرات الثروة الحيوانية في توفير العملة الصعبة.
وفي القضارف وقفت سونا ميدانيا علي الأوضاع بمحجري القضارف والشواك حيث أكد د.ادم اسماعيل أحمد مدير المحجر أن أول باخرة نزلت بعد عيد الأضحى في الحادي عشر من أغسطس الجاري بعد إجازة نسبة المناعة بميناء جدة كانت من محجر القضارف والتي فاقت نسبة مناعة الماشية أكثر من 40% في المائة بجدة، واشار الي أن التحديات التي تواجه المحجر تتمثل في ضعف البنية التحتية
وقال إن تجربة قياس المناعة للماشية السودانية ضد حمي الوادي المتصدع تعتبر أول تجربة فى العالم طبقت بالسودان وفقاً لبرتوكول بين السودان والسعودية كان قبل ٦ أشهر، وفيه شرط بان تكون نسبة مناعة الماشية ٣٠ %. وقال إنه لحل مشكلة إرجاع البواخر من جدة بسبب المناعة يجب إرسال اتيام فنية لمراجعة الاتفاق وتخفيف نسبة المناعة الي أقل من ٣٠ في المائة إضافة إلي زيادة نسبة العينة العشوائية التي تفحص من ٢ في المائة الي ١٠ في المائة، حيث تفحص مثلا من ١٠٠٠ رأس ٢ في المائة.
وأوضح دكتور حاتم حماد ابراهيم مدير معمل الأبحاث البيطرية بالقضارف أن المعمل يقوم بفحص البروسيلا وأخذ وتجهيز العينات لمناعة الماشية بمرض حمى الوادي المتصدع و من ثم إرسالها الى المعمل المركزي بسوبا،، ودعا الي الى زيادة الكوادر، ودعمهم بمعينات معملية لتجويد العمل.
وأكد علي عوض الباري الناطق الرسمي باسم مصدري الماشية، مدير أعمال علي ترب أنهم كمصدرين مستعدون بدعم الحكومة لتوفير اللقاح وكواشف المناعة وتاهيل وتطوير محجر القضارف .
وقال إن تعداد المواشي التي اعدها للتصدير تبلغ ٣٠ ألف رأس من الضأن امضت أكثر من ٥٥ يوما في محجر القضارف لم يتم تصديرها لتأخير اللقاح والكواشف، وقال إنه يصرف على أكل الماشية ٨ مليون جنيه في اليوم. واشتكي الباري من تعدد رسوم الصادر . واضاف أن قيمة الخروف الواحد تبلغ ٥٠٠ ريال سعودي وأن رجوع البواخر يمثل خسارة للمصدرين والاقتصاد الوطني.
وحول حل مشاكل إرجاع الصادر أكد الباري أهمية توحيد العيارات والنسب في كشف مناعة الماشية في السودان والسعودية بجانب تكوين لجنة تسيرية لتحديد نسبة مناعة الماشية لأقل من ٣٠ في المائة.
وأوضح صديق محمد علي التوم رئيس شعبة تجار ومصدري الماشية بمحلية الفشقة بولاية القضارف إن منظمة الإيقاد أنشأت قبل عامين حظائر للإبل إضافة لإنشاء خزان أرضى للمياه سعته 500 برميل لمحجر الشواك. وتعهدت بعمل حظائر ومظلات للضأن والماعز والابقار، شريطة إكتمال بناء سور المحجر مشيرا إلى تصديق الوالي لميزانية لاكمال السور.
ومن خلال الزيارة لهذه الولايات والمشاهدة علي أرض الواقع حول ارجاع البواخري بدا جليا قيام الحاجة الى تأهيل المحاجر خاصة محجر سواكن وإقامة مظلات وسور مطابق للمواصفات ،اضافة لمحجر كسلا الشواك والقضارف، ،واجمع اصحاب الشان والمصحة ممن استطلعتهم سونا و فريق الاعلاميين على الحاجة الى مراجعة الاتفاقية بين السودان والسعودية حول نسبة المناعة وتقليلها وتوحيد فحص العينات العشوائية والكواشف،و أهمية إشراك المصدرين في دعم الحكومة والولايات باموالهم لتوفير اللقاح والكواشف ومراجعة أداء لجنة تنظيم وتطوير البواخر وإقامة محطات تحلية مياه لشرب الماشية، زيادة الاطباء البيطريين في معامل البحوث البيطرية.
تقرير: نفيسة علي
الخرطوم 26-8-2020 (سونا)