رأي ومقالات

هل يوغندا هي المثال؟


الكثير من الأصدقاء يتواصلون معي في التعليقات أو في الماسنجر مستهجنين كثرة الاستدلال ببعض الدول الأفريقية و كأنها مثال يجب أن نحتذي به فيستدلون مثلا بالفساد في نيجيريا و الإجرام و عدم الأمان في يوغندا و كذلك الديكتاتورية فيها …
بحكم وجودي في يوغندا مكنتني الظروف الاختلاط بالبشر ، فوجدت عندهم سلوكيات أنسانية راقية عندما ترتبط في التعامل مع الآخر ، نحن نفتقدها في التعامل بيننا ، هم ابدا ليسوا ملائكة و لهم سلوكياتهم الشخصية السيئة ، لكنني بأي حال لست في حاجة أن أترك الجيد لأنقل إلى أصدقائي السلوك السئ أيا كان …

أما ما يخص نيجيريا فأنا اتابع بإعجاب تجربة الحكم الفيدرالي في بلد الانقلابات ، تطبيق هذا النظام في بلدهم الذي يشبه السودان في اتساع رقعته و تعدد ثقافاته و اثنياته، جعل البلاد تعيش استقرارا سياسيا منذ العام 99 بدون أي انقلاب عسكري . و ارتفع الناتج المحلي و القومي و حدثت تنمية غير مسبوقة في البلاد ، وجود .

وجود فقر في البلاد لا يعني أنه ليس هناك تطور اقتصادي . و اهم من كل ذلك هو تطور الحكم الفيدرالي … لذا أقوم بين الفترة و الأخرى بنقل بعض تجاربهم في هذه الصفحة .

حتما لدينا ما نتفوق به على هذه الدول ، لكن ما نحتاج إليه حقا هو نقل تجاربهم الناجحة ، و سلوكيات مواطنيهم الجيدة و مدى التطور الذي حدث في بلدانهم خلال الفترة السابقة …

فالذين يتواصلون معي يتحدثون عن عدم انتشار الأمراض و الإجرام في يوغندا ، و عن الفقر و الفساد في نيجيريا …
يوغندا استطاعت أن تحاصر مرض الإيدز و تقلل نسبته العالية في بداية التسعينات ، إلى أقل نسبة إصابة الآن في 2020 . يكفي أن نعرف بأنها من أقل الدول إصابة بالكورونا على مستوى القارة … أما الإجرام فقد استطاعت أن تحاصره إلى جيوب صغيرة جدا بنسبة لا تتجاوز أي دولة أوروبية ، فلا تستطيع أن تصف دولة بانعدام الأمان فيها و باستطاعتك أن تتسكع في شوارعها الثانية صباحا أو أن تسافر بالبصات إلى أي مدينة تريد داخل و خارج البلاد في ذات الساعة ! .

أتمنى من هؤلاء الاصدقاء تخفيض نسبة الحساسية تجاه أفريقيا ، لأنها تسير الآن بخطى ثابتة ، و أوضاعها تختلف تماما عما كانت عليه في الثمانينات و التسعينات . و يجب أن ننظر إلى تجاربها بعين فاحصة و عميقة بعيدا عن التنميط و السطحية التي نتعامل بها مع كل ما هو إفريقي …

سالم الأمين