رأي ومقالات

الطاهر ساتي: تفويض ..!!

________
:: ومن المحن السودانية، اتفق حزبا الأمة القومي والمؤتمر الشعبي – يوم السبت الفائت عبر بيان مشترك – على أن مسألة تطبيع العلاقات مع إسرائيل من مهام وصلاحيات (حكومة مُنتخبة)، وليس من مهام وصلاحية (حكومة انتقالية).. وكما تعلمون فإن ما اتفق عليه الأمة والشعبي في بيت الإمام الصادق المهدي، هو ما اتفقت عليه أحزاب الحُرية والتغيير أيضاً في بيت إبراهيم الشيخ، ثم ألزمت به رئيس الوزراء، بحيث تكون رسالة رفض لوزير الخارجية الأمريكي في زيارته الأخيرة ..!!
:: نعم، فالدكتور حمدوك كان مُكرهاً – ومجبوراً – على رفض طلب التطبيع المقدم من قبل وزير الخارجية الأمريكي بتلك الإجابة الدبلوماسية، والتي تزعم بأن التطبيع مع إسرائيل ليس من سُلطات الحكومة الإنتقالية، وهي كلمة حق مُراد بها إرضاء أحزاب العُروبة والطائفية التي يكتوي بها الشعب السوداني.. فالحكومة الإنتقالية التي لا تملك صلاحية التطبيع مع إسرائيل هي ذات الحكومة الإنتقالية التي تجلب البعثات – والوصايا – الأممية، بلا أي تفويض شعبي..!!
:: ثم إن الحكومة الانتقالية التي لا تملك سلطة التطبيع مع إسرائيل، لأنها غير مفوضة شعبياً، هي ذات الحكومة الانتقالية التي تعدِّل كل القوانين (كما تشاء)، بما فيها القوانين الجنائية، لحد إباحة الخمور لغير المسلمين، بلا أي تفويض شعبي .. وهي ذات الحكومة الإنتقالية التي تُعدّل المناهج والسلم التعليمي والتقويم الدراسي، بلا أي تفويض شعبي.. وهي ذات الحكومة الإنتقالية التي كافأت الحركات المسلحة بالمناصب، وكافأت جيوشها بأن تكون موازية للقوات المسلحة، ثم وافقت على الحكم الذاتي لبعض المناطق بلا تفويض شعبي..!!
:: وعليه، فإن لهذه الحكومة الإنتقالية – غير المنتخبة – سُلطة مُطلقة بأن تفعل ما تشاء بغير رقيب أو مُحاسب، فلماذا تعلقت بشماعة الإنتخابات والتفويض الشعبي في قضية التطبيع مع إسرائيل ؟.. أيهما بحاجة إلى تفويض شعبي لخطورته على البلاد؟، التطبيع مع إسرائيل أم توقيع الأمس؟.. فالتطبيع مع إسرائيل لن يكون أخطر على البلاد من التمهيد لانفصال آخر – أو لأكثر من انفصال – عبر طريق ( الحكم الذاتي)، ولن يكون أخطر من فيالق الجيوش المعترف بها..!!
:: ثم هي ثورة وعي، ومن الوعي أن تقف بلادنا على مسافة واحدة من كل دول العالم، بما فيها إسرائيل.. ومن الوعي تطبيع العلاقات مع كل دول العالم الراغبة في التطبيع مع بلادنا، بما فيها إسرائيل، كما فعلت دول عربية منذ عقود، وكما تفعل الإمارات منذ أسابيع.. من المؤسف أن نُطالب زُعماء قوى الحرية بالنُّضج، أي بالتحلي بروح المسؤولية، وبوضع قائمة المصالح بحيث تكون مصالح بلادنا وشعبنا في صدارة القائمة، وليس الأحزاب ذات الأفكار والشعارات والهتافات (الصبيانية) ..!!
:: فليُكمل البرهان وحمدوك مشوار التطبيع مع إسرائيل، وليس مهماً أن ترضى قوى الحرية أو ترفض، فهي أيضاً غير منتخبة بأن تكون حاضنة سياسية لحكومة الثورة .. لم يقف معنا أحدٌ في مصائبنا حين ضَرَبت إسرائيل مصانعنا وقتلت بعض أبناء بلادنا، أو هكذا لسان حال الحاضنة الشعبية الأصيلة لحكومة الثورة .. وعندما كانت شعوب دول التطبيع تنعم بالأمن والسلام والرفاهية، ظل شعبنا وحده يدفع ثمن حماقات الرئيس المخلوع.. ولكن يبدو أن الرئيس المخلوع ليس شخصاً، بل فكرة مُبتلى بها بعض الذين يدّعون الحُرية و التغيير ..!!

الطاهر ساتي

تعليق واحد