قصيدة الفيضان التي تأثر لها الشيخ زايد
أعلن مجلس الامن والدفاع السوداني برئاسة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان حالة الطوارئ فى جميع انحاء السودان لمُجابهة فصل الخريف الغير مسبوق والذي تجاوز فيضاني عام 1946م وعام 1988م مخلفاً بحسب بيان المجلس قُرابة المائة حالة وفاة و ستة و أربعين إصابة وتضرر نصفُ مليون مواطن و انهيار مائة الف منزل ما بين انهيار كُلي وجُزئ ، نعم هذا ما حدث ويحدث كل عامٍ عندما تغضب الطبيعة وتثور أنهارنا ولكنها هذه المرة كانت الغضبة عارمة اجبرت السودان لإعلان حالة الطوارئ لثلاثة أشهُرٍ ، صحيح لم يفتقد السودان أشقائه العرب فى كل محنة فكانوا نعم الداعم ونعم المؤازر و هذا ليس بمُستغربٍ هلى أشقائنا و نعلم أن الدولة وبقدر امكانياتها قامت بواجبها ما استطاعت و ما إعلانها ان السودان منطقة (كوارث) الا ما اقتضهُ الضرورة و واجبها نحو شعبها وبما تقره المواثيق الدولية وإن كُنتُ غير معول كثيراً على الدعم الاوروبي والغربي بقدر ما يُرجي من أشقائنا فأنتم أيها الاشقاء العرب أولى من غيركم وأحقُ بدعم أخوانكم في السودان فأنتم من تطمئن لعطايكم النفوس و تنشرح لمحياكم القلوب وانتم من تُرفع لكم دعواتنا لخالق السماء فلا تتأخروا هذه المرة فالمأساةُ أكبر مما يصورها الاعلام فقد انفق أهل السودان بالداخل والخارج ما بوسعهم ولكن ثورة النيل هذه المرة عارمة فتمدد مُرتاحاً فدخل البيوت والمزارع وشرد من استطاع تشريدهم ولكن أطمئنكم أنه لم ولن يجوع أحدٌ فى السودان فأهلنا كرماء حتى وهُم يصارعون الحياة تحت الماء قال فيهم الشاعر السعودي محمد احمد الحلواني فى قصيدته (فديتُ أرضك يا السودان) :ـــ
تسمْو الفضائلُ في السودان شامخةً كما سمت من جمال الروحِ لا الحَسبِ
فأهلها أهل جود ما له شبهٌ ونارهم تشتكي من كثرة الحَطبِ
فالذي ينقصهم هو الايواء وبناء المساكن التى تهدمت وينقصم تشييد القري الجديدة فى أعالي الهضاب و أتمني ان تكون هي عنوان دعمكم هذا العام و نحتاج لبيوتات الخبرة العالمية والاستشارات الهندسية لوضع حلول الدائمة لعدم تكرار مثلُ هذه الفواجع فذات النيل الذى يُرعبنا هو ذات النيل الذي يعبر (القاهرة) ويعانق البحر الأبيض المُتوسط ولكنه هادئ وديعٌ مُلهمٌ للشُعراء والكتاب فأرجوا من الجهات المُختصّة ان يكون لها رؤية لما بعد الانحسار و برامج واضحة لما يجب أن يكون عليه الحال وتطلب دعم الاشقاء العرب لدعم البنية التحتية الخاصة بالنيل وقطعاً لن يتوانوا فى تقديم ما يستطيعون .
و للشاعر الفذّ عبد القادر الكتيابى قصيدة مؤثرة بعنوان (رسالة الى النيل) كتبها أبان فيضان العام ثمانية وثمانين وتسعمائة والف وكان حينها يعمل بدولة الامارات العربية نشرتها احدي الصُحُف الاماراتيه حدثنا عن مناسبتها وهو يُلقيها علينا بالاسكندرية قال إن الشيخ زايد (رحمه الله) قرأ القصيدة و تأثر لها تأثيراً بالغاً فأمر بجسرٍ جوي من المعونات الى السودان يقوُل الشاعر فيها (بتصرف بحذف بعضاً من أبياتها) :ـــــ
أشكوه لا … حاشاه
لم أسْمع بعرقٍ قد شكا دمهُ
ولا بفمٍ شكا فمهُ
فكيف وأنت زاد البيتِ
كيف قدرت أن تنسي وتهدِمهُ
ولا أشكوه ….
وتعبر ساعة التوديعُ خاطرتي
تلاقينا وكان لقاؤنا وبراً
كظهرِ القطِ يستبقى ببطنِ الكفْ ميستهُ
و رمشُ الموجِ فى خجلٍ يرشُ علىّ نعستهُ
أمشّطُ كنتُ شعر الموجِ أذكرُ
يقشعرُ الموجِ ثم ألين ثم تلينُ لمْستهُ
فمن أين إستعرت القرن و الأنياب من أينا
و يا كيف إخترمت بهم جدار القلبِ و العيّنا
و هل يا نيلُ آهٍ من خيام الغيم تنزلُ بين بابينا
وتدخُلُ أنت مِن لا باب بين اللّحم والعظمِ
تُضيعُ الخُبز والخبّاز تسخرُ من صُراخِ الرُعبِ واللّطمِ
فأعلى عاصمٌ للطفلِ كتف أبيه
أعلى عاصمٌ لأبيه كتف أخيه فى المنفى
فهل من لبنٍ على صومٍ يُرطّبُ حَلَمة الاُمِ؟
فيا نوحٌ …
أنا والدارُ مهشُومانِ و الحُلقومِ مبحُوحُ
فأين الفُلك يا ربي يا أرض أبلعي ماءك
وقل لسَمائك اقتصدي فإن السّقف مجروُحُ
و أعلى عاصمٌ أنت
قضيتَ فكنت ثُم أردتَ ثُم فعلْت ما شئت
تعاليت … ولا أشكُوه
وتعبرُ ساعة التوديعُ خاطرتي
يُحيرُني خُضُوعِ النيلُ ساعتها
وملّمسُ ظهره تحتي
فكيف تُخبئ الأمواج تحت جمالها مَوتي
وتُخفي الرَعَد فى الصْمَتِ
لقد ناديتُ
لفّ المَوجُ خاصرتِي
تُري هل جاءكُم صوتي … ؟
قبل لا أنسي :ـــــ
لكل منّا ما يُقدمه لأهلنا المنكوبين فلا تحقرن من المعروف شيئاً فالتفت حولك وجيرانك عزيزي القارئ فلن تعدموا فضلاً من ظهرٍ و مالٍ و ملابس ولا يعلمُ أحداً ايُ عملٍ سيُدخله الجنة .
صبري محمد علي
الانتباهة