مقالات متنوعة

من حقنا نعرف


خلال الأيام الماضية، نشرت صحيفة “السوداني” خبراً مفاده أن السلطات الاسبانية جمدّت حساب سفارة السودان بمدريد بعد الكشف عن تحويلات مالية كبيرة من حساب السفارة إلى حسابات في عدة دول أخرى، وأن وزارة الخارجية الاسبانية أبلغت الخارجية السودانية رسمياً بهذا الإجراء.
الغريب والمريب أن مؤسسات الحكومة الانتقالية المعنية، وفي مقدمتها وزارة الخارجية، والتي ظلت في حالة صمت تام لعدة ايام ولم تتكرم بنفي الخبر أو تأكيده أو تعلن نيتها في التحقيق، بل تجاهلته تماماً وتركت الرأي العام نهباً للشائعات، حتى فاقت من سباتها العميق يوم أمس واصدرت بيان لم يجب على الكثير من الاسئلة الحائرة.
فهناك من يقول إن هذه التحويلات هي عبارة عن مبلغ التعويضات التي التزمت بها الحكومة لأسر ضحايا العمليات الارهابية المتهم فيها النظام المباد وذلك في إطار جهود الحكومة لشطب اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب وأن الحكومة الانتقالية اشترت هذا المبلغ من السوق المحلي مما أدي للارتفاع الجنوني في سعر الدولار، وهناك من يقول أن تصرفاً مريباً من الحكومة السودانية دفع السلطات الاسبانية لاتخاذ خطوة تجميد حساب السفارة السودانية.
سفير السودان في واشنطون صرح ردا على هذه الاتهامات بان مبلغ التعويضات جاهز، تقول شائعة ان الحكومة اشترت الدولار من السوق المحلي الموازي ، وشائعة اخرى تقول ان الحكومة حصلت على قرض من بنك التنمية الافريقية (مع العلم ان بنك التنمية الافريقية يعطي قروض لمشاريع تنموية وليس لدفع تعويضات).
وقبل أن يجف خبر تجميد حساب سفارة السودان في مدريد، تسربت إلى وسائل التواصل الاجتماعي صورة من خطاب موجه من المدير التنفيذي لمكتب وزيرة التعليم العالي إلى مدراء الجامعات الحكومية يفيد بأن جملة ما استلمته وزارة التعليم العالي من وزارة المالية لتغطية مرتبات المرتبات الشهرية (شهر أغسطس) يمثل أقل من خمس المطلوب بعد تعديلات المرتبات الاخيرة .. وبحسب الخطاب المسرب (كانت آخر محاولة للسيدة/ وزيرة التعليم العالي في مقابلة مع وزيرة المالية لاستكمال المبلغ، إلا أن وزيرة المالية أفادت أنها غير مسؤولة عن تغذية المرتبات)!! .. ومرةً أخرى لاذت وزارة المالية بالصمت ولم توضح من المسؤول عن تغذية المرتبات؟ أم عجزت هي عن تغطيتها بعد الزيادات التي قررتها؟ وتركت العاملين في الجامعات وأسرهم في حيرة من أمرهم تحت وطأة السوق الذي لا يرحم.
قبل عدة أسابيع، تحدث وزير الطاقة المستقيل متهماً كبير مستشاري رئيس الوزراء بتدخلات إدارية ومالية غير سليمة ومع ذلك صمت مكتب رئيس الوزراء عن الرد والتوضيح.
و في مارس الماضي أعلن مجلس الوزراء عن تشكيل لجنة تحقيق على خلفية تعاملات وزارة المالية مع شركة الفاخر وذلك بعد أن كشفت تقارير صحافية عن شبهات فساد فيما يتعلق بتلك التعاملات .. للأسف حتى كتابة هذا السطور لم تتكرم الحكومة بإعلام الرأي العام عن نتيجة التحقيق.
قبل عدة أشهر أصدر رئيس الوزراء عدة لجان تحقيق في العديد من القضايا الهامة والتي أثارت الرأي العام، منها المحاولة الفاشلة لاغتياله، وانتهاكات الشرطة لموكب فبراير أمام بوابات القصر والذي شهد العديد من الضحايا الأبرياء ولا زال الجميع في انتظار انتهاء لجان التحقيق بشأنها ان تم تشكيلها فعلا وليس مجرد تصريحات القصد منها تخدير الشعب.
هذه أمثلة لقضايا رأي عام لا يصح أن تتعامل معها الحكومة بالصمت والتجاهل .. يجب على الحكومة أن تعلم أنها أمام تحدي كبير، وأمام موجة غضب عارمة في طريقها لان تقضي على كل ما تحقق من انجاز غير مسبوق ان لم تنتبه لسياستها البعيدة عن شعارات الثورة، ولابد ان تعي تماما ان الشفافية هي أحد أهم مطالب ثورة ديسمبر المجيدة، وأن من حق الشعب أن يعرف الحقائق خصوصاً حول القضايا التي تمس نزاهة وكفاءة من أجلسهم على مقاعد السلطة بتضحياته ودماء شهدائه.
الجريدة
هنادي الصديق