منوعات

بعد أن استأسد (الشباب)… الفنانون الكبار…أين هم الآن.؟

فنانون كبار افتقدتهم الساحة الفنية لأسباب كثيرة، هؤلاء كانوا في القرن الماضي نجوم شاشات وفناني شباك، يملأ الجمهور مدرجات المسارح في حفلاتهم، ويتغنى الشباب بأغنياتهم في الشوارع والمواصلات العامة، مرت السنوات تلو الأخرى وتآكلت مع مرورها نجوميتهم، وانحسرت شعبيتهم على حساب فنانين شباب جيل الألفينات، لكن المثير أن الشباب الذين تسيدوا الساحة صعدوا على أكتاف الكبار الذين نقرر بشأنهم، ثمة تساؤلات يفرضها واقع هؤلاء الفنانين الكبار (مثلاً) أين هم الآن من الساحة الفنية وماذا يفعلون، ومن أين يقتاتون لقمة عيشهم مع توقف حفلاتهم وإحجام الأسر عن استدعائهم لحفلاتها الخاصة، (كوكتيل) تعمقت في تفاصيل حياتهم الفنية والأسرية ووقفت على وأضاعهم في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.

(1)
الطيب عبد الله، لمن لا يعرف هذا الاسم الفني الكبير، فهو تغنى بواحدة من الأغنيات التي رسخت في وجدان الشعب، بل يستدعيها الناس كل ما ذكر الحن والتحنان، (الأبيض ضميرك)، عبد الله تحدث بأسى عميق قائلاً لـ(كوكتيل)، إن معظم الفنانين الكبار ليس لديهم مصدر دخل، وحالهم يغني عن سؤالهم، وبعضهم ماتوا فقراً وجوعاً. الطيب عبد الله ضاعف الأسى بقوله (هناك عدد من الفنانين العمالقة لم يستغلوا فترة غنائهم، ولم يدخروا أموالاً لليوم الأسود، لكنه عرج على نفسه، وقال إنه لا يمتهن مهنة أخرى، وأن أبناءه لا يحوجونه لشيء وخصوصاً أنهم يعملون خارج السودان، أضف إلى ذلك وضعه المادي جيد، مشيراً إلى أنه وأثناء إقامته في الولايات المتحدة أحيا عدداً من الحفلات بأربع ولايات، وزوجته تعمل في صندوق النقد الدولي ومقيمة في أمريكا، مشيراً إلى أنه لا يقيم حفلات الأعراس وسخر قائلاً (ما ممكن يجوا الصغار ينططوا قدامي)، موضحاً بأنه يمكنه إقامة حفل مسرحي أو جماهيري.
(2)
“الفنانيين الكبار ديل تعبانيين شديد” هكذا ابتدر الفنان شرحبيل أحمد حديثه لـ(كوكتيل) وقال إن الفنان السوداني بطبيعة حاله لا يشغل وظيفة أو مهنة غير الفن والغناء، ونادر جداً أن يكون لديه وظيفة, شرحبيل أحمد أكد أن كل الفنانين كبار السن يعانون جداً، وخصوصاً مع الضائقة المعيشة التي تمر بها البلاد، مضيفاً أن توقف الحفلات بسبب جائحة كورونا جعل الفنان عاطلاً عن العمل، ووقفت الجائحة كل شيء، الفنان شرحبيل أضاف لحديثه قائلاً مصدر دخلي من المعاش الذي أتحصل عليه لا سيما وأنني كنت أعمل رساماً بوزارة التربية والتعليم، منوهاً إلى أنه يجب على أي فنان “أن يعمل حسابو”، مضيفاً أن اتحاد الفنانين وصندوق رعاية المبدعين لم يقصروا في دعم الفنانين، حيث قام الاتحاد بتقديم دعم مالي في عيد الأضحى الماضي، داعياً الحكومة الحالية بالوقوف على معاش وأحوال الفنانين، لا سيما أن الفنانين يقدمون خدمات جميلة للمجتمع السوداني.
(3)
رئيس اتحاد المهن الموسيقية الفنان عبد القادر سالم، ربما يكون هو من الفنانين الذين يشغلون منصباً وبالتالي يجد منفذاً آخر غير الحفلات والمسارح، لكن هل يقيه ريع الوظيفة شظايا السوق المشتعل، سالم قال لـ(كوكتيل) إن الفن في السودان يعتمد على بيوت الأعراس بنسبة (80%)، لذلك كل فنان كبير في السن أو ظروفه الصحية منعته عن الغناء في الأعراس بالتأكيد فإن وضعه المادي يكون متدهوراً، ولكن في الآخر هذه هي سنة الحياة، بأن يسلم كل جيل لجيل آخر، عبد القادر سالم قال إن اتحاد المهن الموسيقية كان يقدم معاشاً للفنانين الكبار أو ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن توقف قبل (6) سنوات بأمر من الحكومة السابقة والسلطات المختصة،بحجة أن الفنانين لا يستحقون المعاش، وحاولنا إرجاع المعاش وكتبنا وشكينا وبكينا ولا حياة لمن تنادي، رئيس الاتحاد أضاف قائلاً (أي فنان ما يشد حيلو واجمع قروش حقو وراح) مشيراً إلى أن الفنان الكبير يظل راسخا ومستوطنا في قلوب جمهوره، رغم توقفه عن الغناء، وهذه في حد ذاتها ميزة وحاجة جميلة.
ما ذكرنا يعتبر جرس إنذار ورسالة شديدة اللهجة للفنانين الشباب، بأن ينظروا لمعاناة كبار الفنانين ويستشرفوا مستقبلهم قبل أن يتشتت الجمهور من المسارح ويهجر سماعهم.

تقرير: ساجدة دفع الله
صحيفة السوداني