متلازمة الكبد المتورم
والكبد المتورم عرض من أعراض مرض فيروسي يصيب الدواجن ..الكبد فيه تتورم حتى تملأ فراغ البطن ..هذا الفيروس لا يسبب ذات التورم في الانسان ..ببساطة لأن هناك من بني جلدتنا من يسبب لنا هذا الورم ..فتجد بطوننا متضخمة ليس من شبع ولا كسل ..لكنها انتفخت جراء التورم الكبدي وربنا يجازي الي كان السبب….
تورمت كبدي يا قوم وأنا أتابع جلسات ما يسمى بالمؤتمر الاقتصادي ..وقد رفعت يدي عالياً وكتبت على جبهات الأسافير (اللهم ابرأ اليك مما يدعى المؤتمر الاقتصادي ) ..ما هذا الذي حدث ؟ وتحت اي بند يمكن إدراجه؟ غايتو اي شئ ..الا مؤتمر ..الشئ الذي أعرفه ان المؤتمرات ..(ما كدا).. وان المؤتمرات ست الاسم بها لجان متخصصة تسبق انعقاده بأشهر.. وتشرف على اختيار الاوراق التي تقدم على المنصة ..هذه الاوراق تكون عميقة الصلة بعنوان المؤتمر وأهدافه ..وقد تم ارسالها قبل وقت كاف يتيح للجنة من فحصها وبعد ذلك اخطار صاحبها بأنه سيكون متحدثاً لمدة لا تتجاوز كذا من الزمن (عادة يحسب بالدقائق ) ولا يخرج عن هدف المؤتمر.
هناك أوراق يتم رفضها لعدم أهليتها ..هناك اوراق يسمح لصاحبها بعمل (بوستر) في المعرض المصاحب..لأن بها موضوع مهم وله صلة بالمؤتمر لكن أقل درجة من تلك الاوراق التي على المنصة ..حضور المؤتمر يكون عادة للاشخاص ذوي الاختصاصية المباشرة والذين سيضيفون لاصحاب الأوراق ..وليس الذين يكيلون لهم السباب ويصفق لهم الجمهور ..أصل الموضوع ليس مسرحية لاحدى الفرق الكوميدية ..الموضوع اقتصاد بلد على حافة الانهيار ..ان لم يكن قد وصل القاع ..
توقعت ان يكون المؤتمر عبارة عن دراسات وأرقام ..رسومات بيانية واحصاءات ومقارنات.. خطط مستقبلية.. واستراتيجيات .. توقعت ان تكون هناك جلسات عصف ذهني بين المحاضرات ..توقعت وحلمت ..لكن القصة هاصت ..والموضوع كله صار جلسة في قهوة على ناصية في الشارع …المضحك المبكي ..ان هذا الامر حدث بين النخبة ..المتعلمين أولاد المدارس .الذين سافروا وشرقوا وغربوا واطلعوا على تجارب الآخرين ..وشاركوا في مؤتمرات (صحي صحي) ..مؤتمرات لا يسمحون فيها بتجاوز الزمن ..دعك من تجاوز الأعراف ومخاطبة رئيس الوزراء بعبارة (وزير التجارة بتاعك دا).
المهزلة التي جرت أحداثها بقاعة الصداقة ..لم يكن أبطالها فاقد تربوي ..ولم يكونوا أميين ..بل هم قمة الهرم العلمي والاجتماعي في بلادنا ..وبهذا نكون فعلاً عرفنا (الازمة مكانها وين) ..الازمة في النخبة ..في اولئك الذين يتحدثون باسم الغلابة وهم ليسوا بقادرين على تنظيم أنفسهم ولا حتى ترتيب حدث بسيط يمكن ان يقوم به طلاب الجامعات دعك من حملة أعلى الدرجات العلمية ..الذي حدث بقاعة الصداقة ..أتى ليؤكد لنا ان الازمة ليست أزمة موارد ولا صادر ولا وارد ..انها أزمة ادارة ..أزمة كادر بشري ..يحمل العلم في رأسه ولا يطبقه ..يحمل الدرجات العلمية في الاوراق ولا ينزلها على الواقع ..كادر بشري يتحدث و (ورجغ وورجغ ) وعند الجد لا تجده الا منتقداً او حاملاً لمعول الهدم ..
انتظرنا المؤتمر الاقتصادي طويلاً ..علقنا عليه الآمال ..وتعلقت به الانظار ..فلم يكن الا ذلك الجبل الذي تمخض وولد فأرا ..واورثنا نحن الشعب الفضل غماً على هم وحزناً على يأس ..وأخيراً وليس آخرا ..كبداً متورماً على قاب قوسين او ادنى من الانفجار.
الجريدة
د ناهد قرناص