رأي ومقالات

معتصم أقرع: في أصولية الحكم النيولبرالي

كثيرًا ما شبه مفكرون الأيديولوجية النيوليبرالية بالأصولية الدينية ، وذلك لسبب وجيه يرى كلاهما كمعتقدات دينية دوغمائية لا تأبه ببراهين او أدلة أو حقائق أو منطق.

لا يقوم المؤمنون بكلتا الأيديولوجيتين أبدًا بمراجعة أو إعادة النظر في موقفهم استنادًا على الأدلة ونتائج التطبيق أو الحقائق التجريبية.

فهم عندما يطبقون أيديولوجياتهم وتنجم عنها نتائج هدامة أو مخيبة للآمال ، لا يعترفون بخطل وصفتهم ، وبدلا عن احترام الحقيقة يصرون على أن النتائج السيئة سببها أن جهات من الأعداء شوشت عليهم ولم تسمح لهم بتطبيقها بمزاج رائق وبشكل صحيح ثم يصرون وأن الحل مضاعفة الجرعة في جولة ثانية من نفس السياسات.

فلماذا أقول هذا؟ أصر صانعو السياسة النيوليبرالية على أن الاقتصاد السوداني سوف يتعافى إذا تم رفع دعم السلع الأساسية ، وتم تعويم سعر الصرف أو خفض قيمته. وجادلوا بأن إلغاء الدعم سينهي مشكلة الندرة في الخبز والنفط ، وسيحد من عجز الميزانية وسيتيح موارد مالية كبيرة للاستثمار في الصحة والتعليم والبنية التحتية .

كما زعموا بـأن تحرير سعر الصرف سينهي العجز في الميزان التجاري من خلال تحفيز الصادرات وتقليل الواردات.
لذا قامت حكومتنا بتحرير سعر الصرف جزئيًا وألغت الدعم إلى حد كبير من خلال إدخال نظام الخبز التجاري والبترول التجاري. ولكن السؤال هو هل حقق هذا التطبيق أي من الأهداف المعلنة؟ هل تحسن عجز الموازنة؟ هل تحسن تمويل الصحة والتعليم؟ هل انتهت الندرة وتوفرت هذه السلع الاستراتيجية باسعار مرتفعة ومحررة؟ هل اختفى عجز الميزان التجاري؟
الجواب هو لا داوية.

لكن دعونا نطرح سؤالا ألطف. هل أوقفت هذه السياسات التدهور في المؤشرات المستهدفة أو أي من المقاييس الاجتماعية-الاقتصادية الأخرى؟ نحن لا نسأل عن التحسن ، بل نسأل فقط هل تم إيقاف التراجع والتدهور واستقرت جميع المؤشرات عند مستوياتها السيئة السابقة؟ اعتقد ان الإجابة واضحة. وفي الحقيقة تسارعت وتائر التدهور في كل المؤشرات سواء ان كانت سياسية ام اقتصادية ام اجتماعية ام إنسانية ام أخلاقية.

أذا كان هذا هو الحال, لماذا لا تزال الحكومة والمبشرون بـالليبرالية الجديدة في نفس اصرارهم على تطبيق نفس السياسات بجرعة أعلى؟ الإجابة هي ، كما قلنا في البداية ، أن هذه أيديولوجية أصولية لا تحترم الأدلة ، ولا تهدف لحل مشكلة شعب يعاني بل تسعي الِي إرضاء آلهة المال أو قل ان هدفها هو ربط أرض السودان بأجماع واشنطن كمعادل لربط الاخوان الأرض بأسباب السماء وليذهب الشعب الي الجحيم في الحالين .

وفي هذا الشأن يجب استحضار ان السودان ظل يطبق في بـرامج يراقبها صندوق النقد الدولي منذ 1997, والنتائج بين يديكم ولكن اساطين النيوليبـربالية لم يغيروا رأيا بـل ازدادوا عزما علي ان الحل هو جولة مستحدثة من نفس البرامج التي يراقبها الصندوق.
ذهب غارسيا ماركيز الِي ان الفرق الوحيد بين الليبراليون والمحافظون هو ان الليبراليين يذهبون الِي قداس الساعة الثالثة بينما يذهب المحافظون الِي قداس الثامنة. وفي حالنا فان طائفة أصولية من حكامنا سعت لربط ارضنا بأسباب السماء ثم خلفتها طائفة فتلت نفس حبل سابقتها لربطنا بأسباب توافق واشنطن.

معتصم أقرع

تعليق واحد

  1. شكرا على المقال الجيد. ولكن هل من مستمع
    انك تصرخ في وادي الصمت
    الجماعة ديل ماجاءوا من اجل اقتصاد او اصلاح البلد جاءوا من اجل هدف واحد تخريب البلد حتي تصل مرحلة اقتصاد الصدمة لتسليمها لرؤساءهم حتى يتم تقسيمها كما يشاؤون