مقالات متنوعة

العيكورة يكتب: مرحباً بالوفد العسكري المصري ولكن!


وصل بالأمس وفد مصري عسكري رفيع المستوي برئاسة رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمد فريد وحملت الأنباء أنه سيتم خلال الزيارة تناول العلاقات العسكرية والأمنية بين البلدين وكان فى إستقباله رئيس هيئة الأركان السوداني الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين. ومن المنتظر أن يجري الوفد العديد من اللقاءات الهامة دون أن يسميها الخبر ومع من ستكون بل جاءت الصياغة فى إطار الكلام المعتاد في مثل هذه المناسبات وإن غابت عنها هذه المرة جُملة (العلاقات الأزلية) ولكنها ستفهم بأنها ستكون (شحيحة) التفاصيل كعادة العساكر لا يُسألون عن ما يفعلون ولا يُستنطقون بأكثر مما يريدون الحديث عنه.
مرحباً بالأخوة المصريين في بلدهم الثاني السودان (وأهلاً وسهلاً يا فاندم بحضراتكو). (برأيي) أن توقيت الزيارة لا يمكن أن ينظر إليه بعيداً عن زيارة السيد البرهان الخاطفة للقاهرة قبل أيام لم يُفصح عن هدفها سوى (العلاقات الازلية) ولا يمكن قراءتها أيضاً بعيداً عن موضوع الساعة وهو (سد النهضة) ولا يمكن قراءتها بعيداً عن تهديدات (الحاج) ترامب لأثيوبيا بتفجير سد النهضة وحالة الجمود التي ظلت ملازمة لملف الماء المُلتهب.
بالطبع لا يعتقد مراقب أن العساكر المصريين قد أتوا لمناقشة العلاقات الخارجية أو حصة مصر والسودان من المياه ولا أعتقد أنهم أتوا لمناقشة مستجدات فايروس (كورونا) ولا أزمة الخبز والوقود وأظن من حقنا أن نتساءل عن مّا تخبئه هذه الزيارة تحت عناوينها الفضفاضة ولافتاتها المعهودة وهي تناول العلاقات العسكرية والأمنية بين البلدين. إذاً لماذا أتت الزيارة في هذا التوقيت وهل السودان مهيأ أصلاً لمناقشة مشاكلة الداخلية الخاصة وملفات الرغيف والوقود ناهيك عن بحث ملفات عسكرية مع دولة جارة يمكن تأجيلها لأي وقت آخر وهل من ملف أهم لحكومة البرهان وحمدوك هذه الأيام أهم من ملف الضائقة المعيشية؟ وكما هو معروف فلكل معركة ميدان فهل ستبدأ مرحلة تحضير هذا الميدان على أرض السودان؟ يظل سؤالاً مشروعاً في ظل حالة (الحُمى) المُصاحبة لملف سد النهضة وأتمنى أن لا يكون عساكرنا قد تلقوا (تعليمات) ساستنا للتحضير لضربة خاطفة تضر بمصالح الشقيقة أثيوبيا تنطلق من أراضي السودان. وإلا فمنذ متى كان التوافق و(الحنّية الزائدة) بين جيشي البلدين بهذه المثالية وهل نجح البلدان في معالجة الملفات الدبلوماسية والسيادية حتى يقفزوا (بسم الله ما شاء الله) إلى مُناقشة العلاقات الأمنية والعسكرية وقضايا التسلح إن لم يكن خلف الأكمة وما خلفها فأين ملف (حلايب المحتلة) بواسطة الجيش المصري منذ العام 2005م؟ وأين وصلت قضية محاولة إغتيال الرئيس الراحل حسني مبارك؟ ولما طوتها صفحات التاريخ سريعاً دون أن يعرف من القاتل ومن المقتول لذا (برأيي) قد يكون هدف الزيارة محاولة إنشاء قاعدة عسكرية بولاية القضارف تحت غطاء إستثمار زراعي مُشترك بين البلدين أو إقامة تمارين وتدريبات مشتركة يقصد بها إستفزاز الأحباش وترسل من خلالها رسائل عالية الصوت لأديس أبابا من القضارف والقلابات (وبرأيي) أن السودان في غنىً عن كل هذه (السنياريوهات) القاتمة مهما كانت الإغراءات والمبررات فيجب أن يظل ملف المياه وسد النهضة محله الطبيعي السياسة ومكاتب وزراء الري وليست رئاستي الأركان بجيشي البلدين. فمرحباً بالاشقاء المصريين بعيداً عن الاستقطاب وإرسال الرسائل السالبة عبر أرضنا فالنيل شريان حياة للجميع والكل خاسر إن لم تتفق الدول الثلاث.
قبل ما أنسى: ــــ
عندما كُنا صغاراً كُنّا نجمع سعر شراء كرة القدم (شيرنق) وعندما نختلف يشير علينا (الفتوة) بتمزيقها وتقسيمها بيننا ليأخذ كل فرد (حتة كاوتش) ونكاد ننفذ هذا المقترح الكارثي لو لم يتدخل كبارنا في الوقت المناسب. فيا مصر والسودان وأثيوبيا أنتبهوا أن لا يحرضكم (الحاج ترامب) وصديقه (نتنياهو) على تمزيق الكرة.

صبري محمد علي “العيكورة” ن صحيفة الانتباهة