السيّر بلا خطة متكاملة
المدرسون يبدأون إعداد الدرس بوضع الأهداف ، ماذا يريد أن يعطي لتلاميذه فيما يعرف بالأهداف التربوية . يكتبون بنهاية هذا الدرس يصبح التلميذ قادرا على كذا وكذا وكذا. ويختبر تحقيق اهدافه في نهاية الحصة. على هذا المنوال لك أن تتخيل عددا من سيارات السباق لم يحدد لها هدف وصول، وانطلقت الصافرة كيف سيكون المشهد؟ سينطلق كلٌ باقصى سرعة ويسير في الاتجاه الذي يعجبه ( ويكمل وقوده) دون ان يصفق له أحد.
الذين رفعوا الدعم يقولون فعلنا ما علينا ولا يهمنا الآخرون ، الذين عليهم معالجة الآثار السالبة لرفع الدعم، وهم المالية ووزارة الضمان الاجتماعي وصناديقها وديوان زكاتها والمركز القومي للمعلومات. والله وحده يعلم كم يحتاجون من الوقت لردم الهوة الاقتصادية والمحافظة على خط الفقر؟ ولا ادري كم هو الآن؟ لكن سمعنا انه قريب من 90% (العشرة ديل التجار والسياسيون والسماسرة). كيف تسمح كابينة القيادة لهؤلاء ليعمل كل على تحقيق هدفه الخاص مهما كانت قيمة صحته ما دام يضر ضررا يصعب علاجه دون انتظار العوامل الأخرى؟
حكومتنا الانتقالية هل لها خطة؟ هل حددت أو حُدِدت لها أهداف؟ ام الباب مفتوح ليجتهد كلُ من جلس على كرسي ليفعل ما يراه مناسباً ويشفِ غليله إن كان انتقاماً من خصم او تحقيق اشباع شهوة الحكم. وكلاهما مرض نفسي.
هل من اهداف الحكومة الانتقالية بناء دولة محترمة؟ هذا لا يتم بما نراه امامنا من هدم لكل ما فعله الخصم او العهد البائد؛ صالحا كان ام طالحا، المهم لابد من ازالته ويبدأون من الصفر (ليتهم يبدأون) وعندما يذهبون ، وهذه سنة الحياة وغافل من ظن انه خالد على كرسي ، وعندما يذهبون يأتي من يصفهم بالعهد البائد ويهدم كل ما فعلوا ويبدأ من الصفر . وبمرور تكرار الصفر سيأتي يوم لا نجد فيه سودانا كان يسع الجميع، لا سمح الله، وربما يهرب الصفر نفسه.
ماذا لو اكتفت هذه الحكومة الانتقالية بهذه الفترة العبثية والتي اوصلت الناس الى حالة لم يسبق لها مثيل وتركت التعالي وعدم السؤال عن حالة مواطنها الذي ما عاد يعرف عنه ساكنو القصور الحكومية والمكاتب الباردة والمستأجر لهم بالدولار لا يعرفون شيئاً عن معيشة الناس.
بقليل من التجرد يمكن ان يكُف السياسيون عن المناكفات والتي هي عراك على جسد الشعب. اليسار واليمين كل يريد أن يقضي على الآخر ومنذ زمن بعيد وها هما إلى يوم الناس هذا يفعلون. الا يكفي هذا التناطح السياسي الذي شرد الكفاءات وهدم البنيات واذل العلماء ورفع الدهماء ولم يبن وطناً؟ .
ليس كل العوامل داخلية ، ولكن الخارجية مقدور عليها اذا اخلصنا النوايا وأصلحنا الداخل سياسياً بفتح باب للتعاون بين الفرقاء السياسيين.
ولنا في رد المعارضة التركية على بايدن اسوة حسنة.
أحمد المصطفى – صحيفة