د. معتز صديق الحسن يكتب: لا لدولار العامل النفسي
الشغل الشاغل لوسائل الإعلام السودانية -خاصة الصحفية (المطبوعة والإلكترونية)- هو الاهتمام بمتابعة أسعار العملات الأجنبية عامة والدولار الأمريكي خاصة مقابل الجنيه السوداني والتي تتراوح يومياً ما بين الارتفاع القياسي والهبوط المفاجئ.
* بالله عليكم كيف يمكن تصديق أن هبوطه بسبب تصريح الرئيس الأمريكي برفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب أو لزيارة وزير الخارجية الأمريكي للبلاد أو لتوقيع اتفاقية سلام جوبا أو لاقتراب استلام ودائع مليارية منه من دول خليجية …إلخ؟
* وكذلك معاودته للارتفاع عندما تصرح وزيرة المالية المكلفة بأن رفع اسم السودان من قائمة الدول الإرهابية لن تنعكس إيجاباً على الاقتصاد السوداني ما بين ليلة أو ضحاها وإنما سوف يحدث ذلك حتماً على المدى الطويل لا على مستوى المدى المتوسط حتى.
* بربكم أفيدونا كيف تزيد قيمة العملات بحسب العامل النفسي فقط أم أنها زيادات لا تعدو كونها شطارة من تجار العملات أو بالأدق مديري البنوك الموازية باستغلال أية أحداث سلباً أم إيجاباً لصالح مفاتيح جيوب خزائنهم التي تنوء العصبة من رجال “السريحة” عن حملها؟!
* ولذلك عندما يريدون جمعها يربطون ثمنها بهذه التصريحات الرئاسية والزيارات والاتفاقيات والودائع ليشتروا أكبر كمية بأرخص الأسعار وعند بيعها يستغلون -مثلاً- التصريح السابق لوزيرة المالية على طبق من ذهب و”دولار” و”يورو” و”درهم” و”ريال” و… و…
* والحال بهذه الوتيرة المتصاعدة والهابطة فهل كل المواقع الإخبارية السودانية وبدون أن تشعر فهي تهدم وتدمر الاقتصاد بمنهجية وذلك بتقديمها خدمات إعلانية كبيرة ومجانية لتجار العملات الأجنبية بالترويج عن بضائعهم القائمة فقط على بيع المال بالمال؟
* فانتبهت لذلك ذات مرة واتفقت على عدم النشر لأية أخبار متعلقة بتسعيرة “الدولار” اليومية فتوقفت عنها لأيام معدودات ومن ثم عادت أكثر متابعة وإثارة لها كأنما تريد تعويض ما فاتها في ذلك مسودة مانشيتاتها الرئيسة بارتفاعاتها وانخفاضاتها.
* والمؤسف جداً أن ارتفاع وهبوط الدولار في سوقنا المحلي ففي الحالتين الضرر والضرار والخراب والدمار ولا تشبهه سوى نوبات مرض الضغط والتي ارتفاعها مشكلة وهبوطها مشكلتان بل أم المشكلات فمتى نحافظ على توازن سوقنا المحلي إلى أن يتعافى تماماً؟
* فمشكلة ارتفاعه أي “الدولار” تعني زيادة كل أسعار السلع بلا استثناء ومشكلتا هبوطه أولاهما لا تنازل عن أي زيادة سابقة فهي تطبق بسرعة ولا يتراجع عنها ولو ببطء والثانية أخذ النفس العميق للتدرب على إجادة أعلى السرعات لارتفاع أكبر من الذي كان قبله.
* على كل فالحلول العاجلة للزيادة الحقيقية لعملتنا المحلية أو هبوط العملات الأجنبية في مقابلها لن تتحققا -وقد رددنا ذلك مراراً وتكراراً- إلا بإنتاج محلي يصلح تصديره للخارج فيجلب العملات الحرة الصعبة القوية لا العملات المسترقة الهينة الضعيفة.
* أو أن تجد تحويلات المغتربين المنتشرين في “إمبراطورية” عالمية لا تغيب الشمس عنها- طريقها للبنوك عبر حوافز واستثمارات مشجعة بدلاً عن النوافذ الضيقة للصرافات الخاصة فتتحقق العبارة الداعية لهم دوماً بعودتهم سالمين غانمين. وقبلهم السلامة والغنيمة للوطن.
هذا وبالله التوفيق.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
د. معتز صديق