بروفيسور عارف عوض الركابي يكتب: (إني أخاف عليكم)
هل تدبرتها وأنت تقرأ القرآن الكريم؟
وهل عملت بها وأنت تدعو إلى الله العزيز الرحيم؟ إن منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله تعالى هو السبيل القويم.. وبفقهه والعمل به يهدى الداعية إلى الصراط المستقيم.. لقد بيّن القرآن الكريم منهاج الدعوة وسبيلها وطريقها وكان البيان العملي في قصص الأنبياء عليهم صلاة الله وسلامه .. ومن ذلك أنهم اجتهدوا في إظهار الشفقة على من يدعونهم حتى يكون ذلك من أسباب قبولهم للحق .. ولا شك أن الأساليب تتنوّع بين الرفق.. والشدة التي تكون في موضعها .. أحياناً .. وكان إعلام المدعوين بشفقة الدعاة عليهم معلماً واضحاً من معالم منهج دعوة رسل الله عليهم السلام.
لننظر في هذه النماذج : عن أول الرسل نوح .. قال تعالى : لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) وتأكيد لذلك في آية أخرى قوله تعالى : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) وعن إبراهيم عليه السلام في دعوته لأبيه يقول تعالى : يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) وعن شعيب قال الله تعالى : وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وعن هود في دعوته لعاد ، قال الله تعالى : إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (135) وفي سياق آخر يؤكد الله تعالى هذا الأسلوب : وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) وعن الرجل المؤمن الذي جاهر بنصرة الحق قال تعالى : وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) وكرّر بيان خوفه في قوله تعالى : وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) ولنا عبرة في هذا البيان القرآني .. قال الله تعالى : وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3) ومن تزكية الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام ببيان أنه يدعوهم شفقة عليهم وحرصاً على الخير لهم قال تعالى : لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129) إن من أهم أسباب إجابة المدعو لمن يدعوه أن يعلم أنه يشفق عليه ويحب له الخير ..
وهذا هدي محمد عليه الصلاة والسلام في دعوته للأفراد والمجتمعات والملوك وفي دعوته لليهودي وغير ذلك من النماذج .. .. فهلا اعتنينا بهذا الأسلوب في زمان كثر فيه دعاة الباطل واجتهد كثيرون في التشويش على دعاة الحق؟!
بروفيسور عارف عوض الركابي-صحيفة الانتباهة