رأي ومقالات

مزمل أبوالقاسم: كورونا .. إلا المدارس


أجلت الحكومة ممثلة في اللجنة العليا للطوارئ الصحية؛ العام الدراسي ليبدأ بعد أسبوعين من الموعد المحدد لانطلاقته (أمس الأول الأحد 22 نوفمبر)، وعللت اللجنة قرارها بضمان تطبيق المدارس للاشتراطات الصحية، وكأنها لم تعلم بتفشي موجة ثانية من جائحة الكورونا إلا قبل ثلاثة أيام من موعد فتح المدارس!.

* توهمت اللجنة في ما يبدو أن الكورونا السودانية (الصغيرونة) لا تصيب إلا تلاميذ المدارس، فدواوين الدولة كانت تعمل كالمعتاد، والمسارح في بلادنا بقيت مفتوحة للحفلات العامة، بدليل أن عشرات الآلاف تدافعوا لحضور حفلي النصري وحسين الصادق في مسرح نادي الضباط قبل أيام من الآن، مثلما تدافع الآلاف قبلهم لحضور حفل نانسي عجاج في المسرح القومي.

* لجنة الطوارئ الصحية ظنت أن فايروس الكورونا محظور من دخول باحة المطار، التي شهدت تدافعاً بعشرات الآلاف لاستقبال الموقعين على اتفاق سلام جوبا، لأن الفايروس التاجي السوداني مُحب للسلام، ولا يصيب الملايين الذين احتشدوا في ساحة الحرية، بعلم الحكومة ومباركتها ومشاركتها بكل قادتها في الاحتفال الجماهيري المقام في عز زمن الجائحة القاتلة!!
* المواصلات العامة تعمل كالمعتاد، ومركباتها ومواقفها مزدحمة بالبشر، والأسواق والمتاجر وصالات الأفراح بقيت مفتوحةً بلا اشتراطات صحية ولا إغلاق، والناس يتجمعون للصلاة في المساجد والكنائس، ويقيمون سرادق العزاء في كل الأحياء، ولا توجد في الجامعات الخاصة المفتوحة على مصراعيها أي مخاطر عدوى تستدعي تدخل لجنة الطوارئ الصحية؛ لأن الكورونا لا تصيب إلا صغار المدارس وحدهم.

* أمام معمل (إستاك) يتجمع الآلاف كل صباح للفحص، مطبقين شعار (لو عندك كورونا خُت.. ما عندك شيل) أمام ناظري وزارة الصحة ولجنة الطوارئ الصحية، فالكورونا الموجبة للقلق عند اللجنة لا تتعلق إلا بالمدارس.

* ذاك عن لجنة الطوارئ الصحية، أما وزارة التربية فيبدو أن قرار التأجيل (وقع ليها في جرح)، إنفاذاً لمخطط إلغاء العام الدراسي بالتقسيط المُريح، بعد أن صرَّح الدكتور عمر القراي قبل فترة بأن فتح المدارس في الظروف الحالية سيقود إلى اندلاع مظاهرات.
* نسأل الوزارة التي وعدت في ردّها علينا بإكمال طباعة كُتب الصفين الأول والسادس وتسليمها إلى كل ولايات السودان قبل الموعد المحدد لبداية العام الدراسي (أمس الأول).. هل أنجزت ما وعدت؟

* هل فرغت من تجهيز وطباعة كُتب الصفين الأول والسادس، واستقرت تلك الكتب في مخازن وزارات التربية في ولايات جنوب كردفان وشرق وغرب دارفور والنيلين الأزرق والأبيض وسنار والشمالية والبحر الأحمر وبقية ولايات السودان، أم أخفقت وزارة الفشل والتهرب من المسؤولية في الوفاء بوعدها كالمعتاد؟
* ألم نقل لهم (المتغطي بالأيام عريان)؟
* ثم ماذا عن كُتب بقية الصفوف الأخرى، الثاني والثالث والرابع والخامس أساس، وكُتب المرحلة الثانوية، من أين ستأتي بها المدارس، طالما أن الوزارة لم تطبعها بعد، وحظرت على القطاع الخاص طباعتها؟

* إذا أفلحت الوزارة في توفير كل الكتب للمدارس الحكومية، وذاك غير وارد حالياً بالطبع، فمن أين ستأتي مدارس التعليم الخاص بالكُتب؟
* قد يقول قائل إن مركز القراي أبقى على المنهج القديم، بعد أن أوسعه شطباً وتقطيعاً وإلغاءً وحذفا، ونقول حسناً: الكتُب الممزقة نفسها (مكانها وين)، طالما أنها لم تُطبع بعد؟

* تتجددت جليات مركز القراي بإقدامه على إلغاء مادة الدراسات الإسلامية للصف الثالث الأدبي بمنشور أصدره يوم (16) الجاري، قبل أن يعيد المادة الملغية بمنشورٍ آخر، أصدره بعد (72) ساعة، لينسف كل دعاوى العلمية والمؤسسية، ويثبت غياب الرؤية وانعدام التخطيط وعشوائية النهج الذي يدار به ملف المناهج في زمن السيد القراي.

* نسألهم: هل يعقل أن يتم إلغاء مادةٍ كاملةٍ والتراجع عن الإلغاء بعد ثلاثة أيام فقط، مع حذف دروسٍ مقدرةٍ منها بعد مرور أربعين يوماً من بداية العام الدراسي لطلاب الصف الثالث الثانوي؟

* حملة التغيير العشوائي الفاخر، وتقطيع المناهج من خِلاف شملت إلغاء مادتي العلوم الهندسية والعلوم العسكرية كخيار لطلاب المساق الأدبي، وحذف تفسير سورة (محمد) من مادة الدراسات الإسلامية، علاوةً على (26) صفحةً أخرى، مع تعديل آخر في المواد الاختيارية للمساقين الأدبي والعلمي.

* سننتظر مرور الأسبوعين، ولا نستبعد أن يتم بعدهما التأجيل (للمرة الرابعة)، أو إنفاذ مخطط إلغاء العام الدراسي، لينال القرّاي ومركزه العشوائي المتخبط وقتاً أطول يتم توظيفه في المزيد من العبث بالمناهج، وسنتساءل مع المعلمين المحتارين في كيفية تدريس المناهج الممزقة، ومع أولياء الأمور.. كيف ولماذا تغض الحكومة ممثلةً في مجلسي السيادة والوزراء الطرف عمّا يحدث في قطاع التعليم من عبثٍ وفوضى وتقطيعٍ للمناهج.. ألم يسمعوا ويقرأوا ما حاق بها في زمن السيد القراي ومن تبعوه بعشوائيةٍ إلى يوم يُطردون؟

د. مزمل أبوالقاسم