محمد محمد خير يكتب : يسموك أهلي سيدهم أسميك وحدك بالسيدين (1)
مساء الثلاثاء الماضي اتصلت من كندا بأحد أقرب الأحباب لسيدي الإمام الراحل بعد أن راجت الأخبار غير الموثوقة في مواقع التواصل الاجتماعي لأقف على الحقيقة كاملة. أخبرني من هاتفته بأن السيد قد مات سريرياً، وأن عليَّ التجمّل والاستعداد لاستقبال الخبر الداوي خلال ساعات. ما من عادتي الكتمان غير أني وفيت للرجل وأذعنت لشرط ما اعتبره نجوى بيننا وبكيت وحدي وسعدت بهذا البكاء المنفرد لأن الدموع حالة فردية لا تستمد انسكابها عبر المجموع، وسعدت أيضاً لكونها دموع تعد ضمن قائمة الأوائل فالدمع سبّاق!
لم أكن أتوقع أنني سأنهار حين تأكد ما سمعته من محدثي فجر الخميس فقد تهاويت كان الخبر الذي عرفته قبل يومين باغتني وكأنني لم أعرفه من قبل. وذلك ما فسر لي أن السيد كان يولد كل يوم من نفسه مرة ثانية!!
كانت بيننا علاقة عميقة الغور قائمة على المحبة منذ العام 1983 بسجن كوبر. وامتدت وصعدت وتنامت ولم تخبُ وأخلصت لتلك المحبة حتى بات من الميئوس شفائي منها.
مكثتُ في السجن عامين كاملين باسم ذلك الحب الكبير وكتبت لأكثر من ثلاثين عاماً نثراً وشعراً مر بتفرده ومواقفه وحضوره وأعياد ميلاده وتهتدون والأجندة الوطنية وكل شيء ومن فرط محبتي له هجرت حزب الأمة لاستمتع بتلك المحبة دون التزام بالتنظيم، لأن محبتي كانت مؤتمرًا عاماً لكل خلاياي!!!
كنت أحرص على زياراته وكان محمد زكي الذي يدبر الوصل يعرف أنها زيارة لا جدال سياسي فيها، وكان يحرص أن نكون وحدنا أنا والسيد . وهنا تنبض فينا عروق المحبة وتسيل الفيوض.
للصادق المهدي بعض طبائع الأنبياء فأنت تحس بأن صفاء الرسالة ينساب منه وأنه مبرأ من الضغينة وليس في قلبه سوى الغيوم المليئة بالنث ويسألك عن كل شيء وهو العارف بكل الأشياء.
لبعض التعابير وسامة فيه مثل (علي أية حال وهلمجرا وينبغي)، كنت أحس بأن هذه الكلمات تتزيا (بالعلاالله) حين ينطقها كأنه هو الأبجدية وهي اغتراب اللغة.
لاكثر من ثلاثين عاماً كنت أتفرس فيه فلا أبصر سوى حمام يسافر، وكنت لا أجد صعوبة في كتابة الشعر فيه، وكان لذلك اختبار في العراق، فقد شاركت في مهرجان المربد عام87 وكان كل الشعراء الذين شاركوا في المهرجان يمتدحون صدام حسين من سعاد الصباح حتى الخوري فمدحت الصادق المهدي في الموصل ساعة تقديمي كصوت من السودان.
تباهت سعاد بضوء اللجين
فانساب قلبي كما الرافدين
بحب الإمام نسير إليك
بلا نبض قلب ولا ضوء عين
ونسكب فيك المحبة لهفاً
سيدي فالمحبة دين
يسموك أهلي سيدهم
أسميك وحدك بالسيدين!!
أواصل بإذن الله
محمد محمد خير – صحيفة الصيحة
أيها الدجال لا أكثر الله من امثالك.