النواب يعلنون الإضراب عن طواريء المستشفيات
في خطوة غير متوقعة أعلن نواب الاختصاصيين بالسودان الإضراب الشامل عن تقديم الخدمة للمرضى بما في ذلك الطواريء على مستوى السودان، وهي خطوة لم تحدث من قبل في تاريخ السودان، لم تحدث في اضرابات لجنة اطباء السودان في عام ٢٠١٠ ولا حدثت في اضرابات لجنة اطباء السودان في عام ٢٠١٦، رغم أن تلك الإضرابات كانت في وقت الإنقاذ ووجهت بعنف مفرط من قبل الكيزان حيث تم اعتقال كل قيادات الإضرابين وعدد كبير من الاطباء لفترات متطاولة كما تم ضرب وتعذيب عدد من الأطباء وقوبلت لقاءات واجتماعات الأطباء بالبمبان والمنع، ورغم ذلك لم يتخطى الاطباء النواب ومن معهم الخطوط الحمراء في خدمة الشعب ولم يعلنوا الانسحاب الشامل من الطواريء على مستوى السودان، لذلك يثور السؤال الآن لماذا أعلن النواب الآن الإضراب الشامل؟ ولماذا اعلن الانسحاب من الطواريء في عهد الثورة؟
لمعرفة السبب وراء الانحدار المفاجيء للنواب نحو الإضراب الشامل، يجب أن نعرف تسلسل الأحداث حيث أن النواب كانت لهم تنسيقية منتخبة من النواب، كانت تقود النواب طيلة شهور طويلة وأبلت بلاءا حسنا لوقت طويل في قيادتهم نحو تحقيق مطالبهم عبر التداول والتفاوض مع الوزارة حتى وصلت معها إلى اتفاق مرضي، ولكن ثارت في وسط النواب أصوات تنادي بتخطي التنسيقية وهي أصوات معروف مصدرها فهي لا تنفصل عن الأصوات التي نادت من قبل بتخطي المكتب الموحد للاطباء ونادت بتخطي حكومة الثورة ودعت لشعار ( تسقط تالت )، صادف هذا التيار هوى في قلوب كثير من النواب الذين يعانون الامرين من ظروف الواقع الاقتصادي حيث أنهم يتدربون بحد الكفاف، لذلك استمعوا لأماني تيار تسقط تالت من خلف الحدود ومن داخلها وتماهوا معها وأعلنوا عدم اعترافهم بالتنسيقية المنتخبة التي تمثلهم رغم ما قدمته عبر شهور طويلة في قيادتهم .
التنسيقية حفاظا على وحدة النواب تركت الجمل بما حمل وأعلنت لجنتها التنفيذية الاستقالة قائلة انها وصلت إلى اتفاق مرضي وواقعي يلبي حاجة النواب في الوقت الحالي ويحافظ على استقرار الخدمة للمواطن ويحافظ على استقرار البلاد في ظل الحكومة الانتقالية التي يستهدفها الكثيرون بالتصعيد من أجل إسقاطها وإعادة الشمولية، لم يلتقط النواب إشارات التنسيقية الحكيمة، ولم يتفهموا ان يتراجع القيادات من أجل قيمة عظيمة هي عدم شق الصف، فما كان من منهم الا وان واصلوا التصعيد وأعلنوا عن قرب الاضراب الشامل.
وزارة الصحة قدمت كل ما في يدها وأكثر من أجل ان تلبي مطالب النواب، ولكن الإصرار من النواب على المطالب المستحيلة جعل كل الجهود بلا معنى، رغم أن الأساتذة الاستشاريين والاختصاصيين دخلوا في القضية وتوسطوا فيها وقدموا رؤى ومقترحات عملية وافقت عليها وزارة الصحة الا ان عناد النواب وقف مرة أخرى عائقا أمام الحلول حتى أصبح واضحا أن من يقود النواب لا يبحث عن الحلول وإنما يبحث عن الوصول إلى الإضراب الشامل والى إغراق البلاد في انقطاع شامل للخدمة الصحية لتثور الجماهير، ولن يعجز اي شخص ليعلم من هي الفئات المستفيدة من هذا التصعيد، ورجوع سريع إلى صفحة تجمع المهنيين الشيوعيين وبيانهم الداعي للتصعيد سيعلم الجميع ( المطره صابة وين ) .
بالأمس الخميس جلست لجنة من النواب إلى الوزارة ومعهم جلس نفر كريم من كبار الاستشاريين والاختصاصيين لاكثر من تسع ساعات وخرجوا في النهاية باتفاق وقع عليه ممثل وزارة الصحة وممثل النواب وممثل الاستشاريين، واهم بنود هذا الاتفاق هي ( تثبيت من يرغب في الوظائف المطروحه حاليا وهي 2500 وظيفة، تكوين لجنة لمراجعة شروط المنحة تضم ممثلين من وزارة الصحة، المالية، مجلس التخصصات ،المجلس الاعلى للتدريب، المجلس الطبي، وممثل من النواب. تعهد من وزاره الصحه مدعوم بكبار الاستشاريين بوظائف لجميع النواب خلال ميزانية العام 2021 من أعلى مستويات في الدوله مع وضع قيد زمني لهذا اللقاء لا يتجاوز الشهر. إدراج بقيه النواب في عقودات مؤقته لحين تنفيذ التسكين الوظيفي، ثم يبدأ التقديم وتصرف المرتبات مباشره كحل اسعافي للتسيير والمساعدة في مباشره العمل.
واتفق انه وبناءا على هذا الاتفاق يرفع الإضراب وتنفس الجميع الصعداء بأن الأزمة قد حلت، ولكن قبل أن يجف الحبر الذي وقع به هذا الاتفاق الذي يحفظ استقرار الخدمة للمواطن ويحفظ للنواب حقهم في معالجات وحلول انية ومستقبلية، تنصل عنه بعض النواب، وأصدروا بيان في صفحة خاصة بلجنة الإضراب بأن هذا الاتفاق مرفوض!!! وهكذا ظهر للجميع ان هذه القضية تدار بأجندة لا علاقة للنواب بها.
يوسف السندي – صحيفة التحرير