أمل هباني تكتب (مزرتاين)
مفترض أن يكون هناك عيد القديسة (مزرتاين أو الأم القديسة ) لأن الأم تتفوق حتى على القديس فالنتين (سيد الاسم) في بذل روحها رخيصة من أجل ابناءها خاصة الأم السودانية كل حياتها تتكرس من أجل ابناءها تنكر نفسها وتلغي أي مطلب في الحياة من أجلهم تحتمل كثير من الأذى وعذابات الروح ورهق الجسد ليس ضعفا بل غيرية وإيثارية لا يقدر عليه الا عظماء النفوس ..معظم الأمهات الكادحات في السودان مررن بمرحلة الاعتذار عن تناول الطعام (انا اكلت قبل شوية تعالو اكلو انتو ) حتى يشبع الابناء وتكفيهم
الوجبة التي حضرتها بالتعب والكد والمباصرة .
تسد خانة فشل الدولة في التعليم وفشل المجتمع في حماية الاطفال وأنانية الزوج الذي لا يتنازل عن أي أمتيازات اجتماعية وثقافية ودينية الا من رحم ربي وهي الصورة التي عبر عنها شاعر الشعب الخالد محجوب
شريف (لفحنا العمة خليناك بين الحلة والماسورة رتبتي القميص والطرحة حفظتي النشيد والسورة)..فلفح العمة من أجل اللحاق بشلة الانس أو جلسة الكوشتينة أو الذهاب للفاتحة أو العقد (للزوج الفكو وطار) يقابله الأم وأطفالها في الطرف الآخر وكلما تعاظمت مسؤولية الأم بالخروج للعمل وطلب الرزق وغيره ظلت المعادلة مختلة تحملها الأم التي تفوقت على القديس فالنتين في التضحية والايثار .
(وده التعب ال بخلي الصورة في عينيك أجمل صورة ) وكأن شاعر الشعب يقرأ مكنون نفس المرأة الأم ،فهذه هي أولويات معظم الأمهات السودانيات نجاح الابناء،تربيتهم ،اتزانهم واخراجهم الى الحياة بشرا أسوياء تفخر وتزهو بهم في مجتمعها ،مع أنها لو بذلت هذا المجهود في نفسها لنالت العلا . لذلك يدين كثير من الابناء -أنا منهم-لأمهاتهم بفضل عظيم وعرفان لا محدود في نجاحهم وفلاحهم في الحياة .
وقد يرى البعض أنها نظرة سالبة وتكريس للصورة النمطية للأم .لكن على العكس هذا جزء هام ومشرف من تاريخ الكفاح الإيجابي للنساء في السودان؛ الأمهات اللائي لعقن المر فداء لتربية أطفالهن كأفضل ما يكون سواء كن عاملات أو موظفات أو ربات بيوت تفرغن لهذه المهمة الجسيمة في ظل غياب أي مؤسسات تعليمية أو تشريعات تنظم وتحمي حقوق الأطفال في هذا البلد مما اضطرها للقيام بكل أدوار (القديس فالنتين ) وغيره ممن ضحوا بنبل واحتملوا صنوف الألم كي يسعد من يحبونهم .
امل هباني – صحيفة التغيير