صديق البادي يكتب: الخواجات وأمتناعهم عن دعم حكومة من اعتبروه كمال أتاتورك السودان
أُعلن أن رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك قد تم إختياره ضمن خمسين شخصية مؤثرة في العالم. وإن الخواجات الذين اعتبروه من ضمن الشخصيات العالمية المؤثرة اعلنوا أنهم فعلوا ذلك لأنه (قد أدخل تعديلات وإصلاحات في القوانين، ألغت قوانين تجرم الردة وعقوبة الجلد وجريمة بتر الأعضاء الأنثوية وألغت القانون الذي يطالب النساء بالحصول على تصريح من أحد أفراد الأسرة الرجال للسفر مع أطفالهن وألغى القوانين واللوائح التي تدخل في تصنيف الحريات العامة والشخصية. وإن حكومة حمدوك تعهدت بفصل الدين عن الدولة. وستنهي القوانين التي أدخلتها حكومة حمدوك كل ما يعترض الحريات الدينية. وإن آخر زعيم مسلم حاول مثل هذا التحول هو كمال أتاتورك الذي حول تركيا إلى جمهورية علمانية في عشرينيات القرن الماضي).. وهذا يعني أن دكتور حمدوك أضحى بالنسبة للخواجات هو كمال أتاتورك السوداني. والمعروف هو أن دكتور حمدوك عندما التقى بصديقه الأستاذ عبد العزيز الحلو تطابقت رؤيتاهما كوقع الحافر على الحافر في موضوع فصل الدين عن الدولة وإقامة دولة علمانية واتفقا على عقد ورشة بمدينة جوبا عاصمة دولة جنوب السودان دعوا لها عدداً من الذين وصفوهم بأنهم خبراء من جنوب أفريقيا وغيرها وجلهم من غير المسلمين ليقدموا توصيات وتصوراً لكيفية إقامة نظام حكم فيه فصل للدين عن الدولة وانعقدت الورشة وخرجت بتوصياتها ومخرجاتها التي قوبلت بإهمال وبرود إنجليزي لأن فيها وصاية على الشعب السوداني واستخفاف وإلغاء لوجود وعقول عشرات الملايين وبكل تأكيد إن هذا الموضوع المهم والخطير لا يمكن التعامل معه بهذه البساطة وليست هنالك ضرورة ملحة وعاجلة لطرحه في هذه الفترة الإنتقالية وهي بالتراضي الوطني والاتفاق تعتبر مرحلة شرعية الأمر الواقع ولها مهام محددة عليها أن تنفذها ولا تتعداها لغيرها. أما القضايا الحيوية الكبرى مثل علاقة الدين بالدولة فهي من صميم مهام الجمعية التأسيسية التي سيتم تكوينها بعد إجراء الانتخابات العامة في نهاية الفترة الإنتقالية الحالية والشعب هو الذي يحدد خياراته عبر ممثليه الشرعيين وليس عبر ورشة يقدم فيها بعض الأجانب توصياتهم ويمكن نشرها كورقة كغيرها من المواد التي تعج به الميديا والوسائط الاعلامية ليقف عندها من يريد دون أن تفرض على الآخرين وأنوفهم راغمة في التراب. وعندما يحين موعد الإنتخابات نرجو الاستفادة من تجارب الماضي وعدم دغدغة العواطف بالشعارات في موسم الانتخابات (مع أو ضد) والأمل في مرحلة الشرعية الدستورية القادمة أن تعقد مؤتمرات يؤمها أهل الإختصاص لوضع برامج تفصيلية دون إكتفاء بالهتافات والتصريحات.. ولا للهلامية والضبابية ونعم للرؤية الواضحة والبرنامج العملي التفصيلي الذي يحفظ حقوق الجميع وفي السودان تسامح ديني لا مثيل له ولكن يعض الأقليات هي التي تثيرالذوابع وافتعال معارك في غير معترك. وقد أهملت الحكومة الإنتقالية مهامها، وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والخدمية يدركه حتى الأطفال الصغار وهناك إجماع على وصف هذه الحكومة بأنها ضعيفة لا تليق بثورة تغيير كان يطمح في جهاز تنفيذي وحكومة كفاءات قوية تتقدم به للأمام ولكن المؤسف أن الحكومة الحالية التي آن أوان إعادة تكوينها قد جرته للخلف وحدث تقهقر في كافة المجالات ومن الأمثلة على تخبطها أنها رفعت مرتبات العاملين في الدولة بنسبة خمسمائة وخمسين في المائة وكانت فرحة العاملين وقتية وامتصّ الفك المفترس والسوق الأسود هذه الزيادات وأصبحوا يحنون للمرتبات والأسعار السابقة ورغم المعاناة في ذلك الوقت إلا أن الوضع الآن أصبح كارثياً ومأساوياً بالنسبة للعاملين في الدولة وغير العاملين فيها من جماهير الشعب العريضة التي انعكست عليها سلباً تلك الزيادات العشوائية والسياسات الهوجاء.
وقد صرح الخواجات بأن دكتور حمدوك بين خمسين شخصية عالمية مؤثرة للأسباب المذكورة آنفاً وقد حقق لهم نصراً بلا حرب وقدم لهم هدية وردوا عليه شكراً حمدوك ولكنهم اعتبروها هدية مجانية وكان سيادته يتوقع أن تتدفق المساعدات والهبات والمعونات بالعملات الحرة كالمطر المنهمر على حكومته ولكن الخواجات كفوا أيديهم ولم ولن يقدموا لهم شيئاً يذكر وهدفهم تقسيم السودان لدول لإدراكهم أنه يملك المقومات الكافية ليصبح دولة عظمى ولعل الحياء يمنع الخواجات من إعلان صوت شكر آخر لحمدوك وحكومته لمساهمتهم حتى بدون قصد متعمد منهم في وضع قنابل زمنية قابلة للإنفجار في ولايات وأقاليم السودان وعلى سبيل المثال فإن الوضع في الشرق لا يخفى على أحد والضرورة تقتضي العمل على نزع فتيل أو بالأحرى فتايل الإشتعال. والمؤسف أن هناك استهداف أجنبي لميناء بورتسودان وميناء سواكن.. ودارفور الكبرى أُقر في الإتفاقيات الموقعة في جوبا أن تحصل على أموال يأمل الموقعون أن يحصلوا عليها من الخارج مع الالتزام الرسمي بدفع الخزينة العامة سبعمائة وخمسين مليون دولار لدارفور سنوياً لمدة عشرة أعوام وكان بالإمكان توفير هذا المبلغ ايام العز الدولاري البترولي ولكن الحكومة الحالية فقيرة مالياً وقد اعلنت وزيرة المالية بصراحة تعدت كل الخطوط ان الحكومة تسير امورها المالية بمعاناة (ومجابدات) لتسيير الأمور وفي ظل وضع كهذا اذا لم تدفع الحكومة لدارفور الكبرى ما ألزمتها به اتفاقيات جوبا الموقعة عليها فيخشي الحادبون علي الوطن أن يؤدي هذا لتذمر وغضب شعبي في الاقليم ويدفع الحركات غير الموقعة للقيام بتمرد يكون أكثر ضرارة وشراسة وقد يساندهم كل من قد يصبه الغبن اذا لم يجد بغيته في قسمة السلطة القادمة وهذا يقتضى اليقظة والحذر والسعي لإيجاد معالجات جادة قبل ان يقع الفأس على الرأس …. وهناك ولايات فيها استقرار أمني والقضايا المتعلقة بالخدمات وغيرها من مطالب مقدور عليها ولكن بعض الذين لاينتمون لهذه الولايات يقومون بتحريضات (وتحريشات) واثارة وافتعال فتن عنصرية لا وجود لها أصلاً في تلك الولايات بين كافة إثنياتها.
والوطن الآن يعاني من تحديات إقتصادية وأمنية والمشهد العام فيه شد وجذب بين مكونات الحكومة ومكونات المعارضة من جهة مع صراع داخلي بين مكونات النظام الحاكم المتنافرة من جهة أخرى مع سعى البعض للتنمر والتعملق الزائف والتمدد بأكبر من أحجامهم الطبيعية مع وجود رأسمالية طفيلية ينقصها الورع والوازع الأخلاقي وتسعى للجشع والثراء الحرام بالتهريب والتحكم في أهم الضروريات من غذاء ودواء ومواد بترولية …. الخ . والضرورة تقتضي مد الجسور والتعاون مع الرأسمالية الوطنية النظيفة غير الملوثة … والمؤسف أن الساحة السياسية تشهد إرهاصات صراع حول القسمة عند إعادة توزيع مواقع السلطة (كومي وكومك) و(حزبي وحزبك) و(حركتي وحركتك) وقد تحدث صراعات داخل الحزب الواحد او الحركة الواحدة أو التيار الواحد وكل منهم يريد أن يجد لنفسه موقعاً في السلطة…. والأوضاع العامة بحاكميها ومعارضيها في حالة سيولة وانفلات وأولي خطوات العلاج تبدأ بالاسراع بلا إبطاء او تاخير في تكوين المجلس التشريعي الانتقالي الذى يتطلب تشكيل لجانه المتخصصة تعيين اعضاء من ذوي التأهيل العالي والكفاءة والخبرات العالية وفي وجود المجلس التشريعي ليست هناك حوجة لحاضنة قديمة أو حاضة جديدة ويتبع تشكيل المجلس التشريعي تشكيل مجلس السيادة بعد اجراء عملية جرح وتعديل وتغيير من تختضي المصلحة العامة إعفائه او تحويله لموقع اخر والوطن الآن لا يحتمل أي مظاهرات أو أي تصرفات هوجاء.. والمرحلة تقتضي وجود حكومة كفاءات قوية بمستوى المرحلة وأن يكون أداؤها تحت الرقابة الصارمة للمجلس التشريعي الانتقالي.
صديق البادي – صحيفة الانتباهة