مقالات متنوعة

سليمان الماحي يكتب: أخطاء على الهواء مباشرة

التلفزيون القومي الذي أفتتح قبل 58 عاما يذكرنا مرة بعد أخرى بانه قناة فضائية لا تغيب عنه الأخطاء التي يشاهدها الجمهور على الهواء مباشرة وتؤكدها الاعتذارات المتكررة ولعل اخرها العبارة السيئة السمعة التي وردت في الحلقة النقاشية التلفزيونية مؤخراً وأثارت الامتعاض على نطاق واسع بينما بلغ السوء ذروته بخطأ آخر تمثل في نشر صورة لشخصية عامة مهمة مرفقة مع بوست اعتذار بينما صاحب الصورة لا علاقة له به وهو ما جسد مقولة (جاء يكحلها عماها).
ونشرح أكثر آخر الأخطاء التي سقط فيها التلفزيون القومي بجدارة وشغلت اهتمام الرأي العام بل استفزت مشاعر المواطنين داخل وخارج الوطن ولا تزال كانت هي (العبارة) سيئة المعنى التي يربأ المرء عن سماعها ناهيك عن بثها عبر جهاز اعلامي رسمي بيد أن التلفزيون القومي تجاوز ذلك النهي وبث العبارة السيئة التي جادت بها قريحة شخصية أكاديمية مرموقة أثناء مشاركته في حلقة نقاشية ضمن (برنامج البناء الوطني) الذي يقدمه التلفزيون القومي وبالتالي لا يمكن ان تكون العبارة عن غير قصد أو جهلاً بمعناها والخطأ الآخر الذي وقع فيه التلفزيون القومي هو وضع صورة القائد جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة ضمن بوست اعتذار مقابل العبارة الخاطئة مما يوحي بأنه هو قائلها.
وقبل ذلك وفي أوقات متفرقة يقع التلفزيون القومي في جملة أخطاء شنيعة تبدو كما لو أنها من صميم الخارطة البرامجية وهي تثير الانزعاج ولنأخذ مثالا على ذلك ما حدث في شهر رمضان عندما رفع التلفزيون أذان المغرب قبل الموعد بعشر دقائق وتاليا ضاع صيام يوم كامل من السودانيين وهو ما فرض عليهم القضاء ويضاف الى ذلك ارتكاب التلفزيون خطأ يصب ضد مصلحة الوطن ومفاده نشر خريطة لا تتضمن منطقتي حلايب وشلاتين السودانيتين وعلاوة على ذلك فشل التلفزيون في نقل مراسم التوقيع على اتفاق السلام مع الحركات المسلحة الذي شهدته عاصمة دولة جنوب السودان معتذراً بعملية تخريبية طالت لوحات الاستقبال وتوزيع الصوت في غرفة التحكم الرئيسية.
وربما يفيد التذكير بان مدير هيئة التلفزيون القومي السيد لقمان أحمد هو شخصية إعلامية مرموقة وصاحب خبرة مهنية راقية اكتسبها بالعمل في كبريات القنوات التلفزيونية مثل تلفزيون (بي بي سي) ومن المؤكد أن وجوده في الغرب صنع منه شخصية تتمتع بالنهج الديمقراطي والشفافية المهنية ما جعل الناس يقولون وأنا منهم هو الرجل المناسب في المكان المناسب عندما جلس على سدة هيئة التلفزيون وازددنا اعجابنا بما قدم لقرية (الملم) ولأن لقمان هو كذلك فإنه كان المأمول منه مواجهة الأخطاء التي شهدها التلفزيون القومي بما يعزز ثقافة الديمقراطية وهو تحمل المسؤولية وما يترتب عن ذلك من القرارات الشخصية التي تثير الاعجاب مثل الاستقالة وأما غض الطرف عنها أي الأخطاء وتجاهلها يخيب ظننا في الديمقراطية التي بشرتنا بها الثورة ولم يبق لنا غير ان نتذكر المثل (كأنك يا أبو زيد ما غزيت).
وتعكس الأخطاء المتكررة لتلفزيون بلادنا القومي الوضع المزري الذي يعاني منه الوطن في ظل حكومة دكتور عبدالله حمدوك إذ يعد ضنك المعيشة وما يصاحبها من وقوف الشعب في الصفوف العديدة انتظارا للخدمات أهم إنجازاتها وان كان الشعب السوداني يحدوه الطموح بأن يكون التلفزيون القومي خارج دائرة إنجازات قحت.

سليمان الماحي – صحيفة الانتباهة