محجوب مدني محجوب يكتب: تحول السودان من قائمة المسارين إلى قائمة المسار الواحد
لا أحد ينكر أهمية الانفتاح على العالم، وخلق علاقات ممتدة بين الدولة من جهة، وبين جميع دول العالم الكبرى منها، والصغرى من جهة أخرى.
تختلف طبيعة هذه العلاقة بين المكونات السياسية، فمنها من يسمح لهذه العلاقات بالتدخل في كل شؤون الدولة، ومنها من يجعلها تنحصر في أطر معينة.
الشيء المتفق حوله هو أنه لا يمكن لدولة أن تعيش منعزلة عن العالم.
صدور قرار الإدارة الأمريكية بإلغاء السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب اليوم الرابع عشر من ديسمبر لعام ٢٠٢٠م خطوة عملية؛ لتوحيد مسار المكون السياسي السوداني.
فإن كان السودان قبل صدور القرار يقع على مسارين متعاكسين:
مسار تتبناه الحكومة بأن عزلت نفسها عن العالم وتبنت شخصيات، وجماعات مرفوضة من بلدها، وفي ذات الوقت لها علاقات سياسية، واقتصادية، و دبلوماسية، بل ودينية مع تلك البلدان.
وبالمقابل مسار عقوبات انعكس على المواطن، وصار هو من يتحمل سياسات حكومته.
فالحصار الاقتصادي لم يتأثر به سوى المواطن، وتدهور التعليم، والصحة لم يتأثر بهما سواه.
فإن كانت الحكومة تتبنى سياسة العزلة عن العالم، ولم ينعكس ذلك على المواطن لكانت الخطورة أخف وأسهل.
ها وقد فلحت اليوم (الحكومة الانتقالية) في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب، فهذا الإنجاز العظيم لا يفتح فقط سبل التعامل مع العالم.
وإنما ينبغي أن يؤثر حتى على المكون السياسي السوداني، فبدلا من أن تكون الحكومة تسير في اتجاه، والمواطنون في الاتجاه المعاكس، فسوف تتحول كل جهود الحكومة، والمواطنين في مسار واحد حيث تدعم الحكومة مسار أن تكون من ضمن منظومة دول العالم؛ لينعكس هذا المسار على المواطن في معاشه، وتعليمه وصحته، وتطوير بلده في جميع المجالات، وعلى جميع الأصعدة، فيصبح الجميع يسيرون ويدعمون مسارا واحدا.
وبهذا تظل هذه الخطوة مهمة لدى الجميع، والجميع يدعمها.
يبقى الاختلاف في كيفية التعامل مع هذا الانفتاح على دول العالم، فمن المكونات السياسية:
* من يسرع الخطى نحو دول العالم، ويحاول أن يقتفي أثرها في كل تفاصيلها.
* ومن المكونات السياسية من يبطئ الخطى نحوها لدرجة لا يمكن رؤيته.
* ومنها من يضع أمامه قول الشاعر:
قدر لرجلك قبل الخطو موضعها.
فمن علا زلقا عن غرة زلجا.
جميع المسارات تسير نحو مسار واحد ينعم به المواطن، ويعود عليه بالنفع، والفائدة على أن يترك لهذا المواطن تحديد المكون السياسي الذي يحقق له غاياته، وطموحاته.
تنهض الأمم حينما تجد نفسها تسير في اتجاه واحد لا في اتجاهين متعاكسين بحيث تسير الدولة في اتجاه، والمواطنون يسيرون في اتجاه معاكس.
رفع السودان عن قائمة الدول الراعية للارهاب، وإن كانت خطوة مهمة، وضرورية إلا أنها فقط تساهم في توحيد مسار الدولة مع مواطنيها.
فإن ظلت الدولة على ذات النسق تسير في اتجاه معاكس لمواطنيها، فلن تكون هناك فائدة تذكر من هذا القرار.
فائدته الأساسية أن يجعل الكل يسير في اتجاه واحد ويدعم اتجاها واحدا.
تختلف طبيعة مسار كل مكون سياسي من حيث سرعته، ونوعه عن بقية المسارات السياسية؛ ليختار المواطنون المسار الذي يخدم مصالحهم وهويتهم.
محجوب مدني محجوب – صحيفة الانتباهة