أسماء جمعة تكتب الشرطة في خدمة المجتمع.. والحاجة إليه
السياسات القاسية التي طبقها نظام الحركة الحركة الإسلامية في السودان حتى يتمكن من البقاء في الحكم الى الأبد ويتحكم في الشعب، أدت الى حدوث شروخ كبيرة جداً في علاقة الشعب بمؤسسات الدولة وأجهزتها بصفة عامة، ولأنه لم يكن يستطيع أن يرفض ما يحدث لأنه سيتعرض لظلم أكبر ترسبت في داخله مشاعر العداء تجاه كل تلك الأجهزة وخاصة الأمنية والعدلية التي كانت تستخدم لحماية النظام وقهر الناس، فأصبح البعض يتعامل معها الآن وبعد الثورة بتوتر حاد جداً ويعتقد أنها يجب أن تعود مثالية فوراً وهذا مستحيل، فالأمر يحتاج الى زمن وستقع الكثير من الأخطاء ولا يجب أن تعالج بأخطاء أخرى، ويجب أن يستفيد الناس من كل خطأ يقع من أجل المعالجة الجذرية لنصل في أقرب وقت لأجهزة مثالية.
وهنا يجب أن أشير الى الشرطة كنموذج للأجهزة التي عانت من أخطاء النظام المخلوع وهي الآن تعاني من الشعب الذي يريدها بين عشية وضحاها أن تصبح شرطة بأعلى المواصفات، وهي لتصل لهذه المرحلة تحتاج لزمن وعمل، مهمة الشعب هي مساعدتها بالكشف عن أماكن الخلل والتبليغ عنها والنصح والتوجيه والضغط بالطرق السلمية والقانونية، ويجب النظر الى ما يرتكبه منسوبوها من أخطاء وانتهاكات بأنها لا تمثلها ولا تمثل قيمها ومبادئها وهي قادرة دائماً على محاسبتهم، وليس من حق أي مواطن القبض على شرطي ومساءلته ومعاقبته بقانون الغاب.
نقلت الأخبار أن وزارة الداخلية أصدرت توجيهات بفتح بلاغات ضد أشخاص ظهروا فى مقطع فيديو تم تداوله يصور مواطنين قاموا باستجواب شرطي من مباحث أمبدة بعد اعتقاله داخل سيارة حول حادثة القتيل عز الدين الذى توفي بعد تعرضه للضرب فى بلاغ سرقة سيارة بأمبدة، وأكدت أن التحقيق سيطال كل المتورطين فى اعتقال الشرطي واستجوابه وضربه وأن القانون سيأخذ مجراه ضد كل المعتدين، حقيقة ما قام به هؤلاء المواطنون خطأ كبير جداً وقد تعاملوا مع الموضوع بجهل وأثبتو أنه لا فرق بينهم وبين من قتلوا عز الدين وبهاء الدين، فالقضيتان لا تخصان أهل الشهيدين بل كل الشعب بدليل أنهما أصبحتا قضية رأي عام فلماذا الاستعجال، كلنا نريد لهما العدالة التي تكشف كيف تمت الجريمة وكيف استخدم فيها منسوبو الشرطة السلطات وارتكبوا جريمتيهما رغم أن القتيلين لم تثبت عليهما جريمة بل أحدهما أصلاً غير متهم.
فيما يتعلق بقضية عز الدين؛ الشرطة لم تسكت بل أعلنت أنه تم وضع جميع منسوبي المكتب بالحجز الشديد وفتح تحقيق في مواجهتهم، وأكدت حرصها التام على تحقيق العدالة بكل شفافية والتزامها بتقديم من يثبت تورطه للعدالة، انتهى الأمر، واجب أهل القتيل وكل المواطنين هو المتابعة والضغط إذا حدث تأخير أو تضليل أو قتل للقضية، وبلا شك لن يضيع حق خلفه مُطالبون، ولابد من محاسبة من اعتقلوا الشرطي فهو أيضاً خطأ ويجب أن يعالج بالقانون، ومثلما يريد المواطنون شرطة مثالية تتعامل معهم بحساب يجب أن يكونوا هم أيضاً مثاليين، ويجب أن ينتبه المواطنون الى أن الثورة جاءت لتغيير كل شيء بما يحفظ للمجتمع حقوقه، وهذا يتطلب عدم التعامل مع أخطاء أجهزة الدولة بتوتر وغضب.
عموماً الشرطة تحتاج الى أن يقف الشعب معها حتى تتخلص من إرث النظام المخلوع لكي تتمكن من خدمة المجتمع بحب.
صحيفة السوداني