المصالحة الخليجية .. وضع السودان !
السودان التزم شكلاً جانب الحياد في الخلاف الخليجي ولم يكن موقف الخرطوم إبان العهد المباد محل الرضا الكامل لأي من الطرفين ، وبعد ثورة ديسمبر وفي المرحلة قبل الانتقالية كان واضحاً ان السودان اقرب الى الامارات والسعودية ومصر، وبعد تكوين الحكومة لم يتغير الحال ، وكانت معلومات تسربت عن استعداد قطر لمساعدة السودان مالياً إبان مؤتمر اصدقاء السودان ، الا انها تراجعت عن الاعلان عن اي دعم لملابسات صاحبت عقد المؤتمر ، وأبدت استعدادها للنظر في طلبات تقدمها الحكومة بعناوين محددة، الا ان الحكومة لم تتقدم بأي طلبات تحت ضغوط ووعود من الامارات ، بسداد متبقي المنحة الاماراتية- السعودية ( 3) مليار دولار ، لم يسدد منها الا حوالي (500) مليون دولار فقط حتى الآن،
المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية حث عضويته على تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع السودان، وذلك في اطار اتفاق المصالحة الخليجية التي تم التوقيع عليها في قمة العلا، وأنهت السعودية والإمارات والبحرين ومصر، القيود التي فرضتها على قطر العام 2017، في القمة الخليجية32، والتي استضافتها منطقة العلا السعودية، وفي الأثناء رحبت وزارة الخارجية السودانية، أمس بالمصالحة الخليجية، ودعت إلى أعمال حكومة دول الخليج لإيصال العلاقات بين الدول إلى ارفع مستوياتها، وقال بيان صادر عن قمة العلا ان المجلس الاعلى وجه بتعزيز الشراكات الاستراتيجية القائمة مع الدول الشقيقة بما في ذلك الاردن والمغرب والسودان والعراق، وأكد المجلس على مواقفه الثابتة تجاه السودان ودعمه المتواصل لكل ما يسهم في تعزيز أمنه واستقراره، كما اتفقت الدول على دعم الجهود الرامية الى محافظة السودان على سيادته ووحدته الوطنية وسلامته الاقليمية وحمايته من التدخل الاجنبي.
المصالحة الخليجية ستترك اثراً بالغاً على شكل التحالفات السابقة وتأثيراتها على المشهد السوداني، وستقلل من الدور الاماراتي المهيمن على السودان خاصة بعد تكرار تسريبات عن تحفظات سعودية- مصرية على طريقة الامارات في التعامل مع الملف السوداني، والضغوط الهائلة التي مارستها في دفع السودان لرهن ارادته لملف التطبيع ، وتسريبات انتقدت الدعم الاماراتي غير المحدود لقوات الدعم السريع ، وبعض أطراف العملية السياسية عبر تكوين تحالفات ، تشابه تكوين تحالف المجلس الاعلى في جنوب اليمن رغم وجود التحالف العربي بقيادة السعودية ، وهو ان صح، لهو وضع خطير سيقود بقية الاطراف الرافضة للهيمنة الاماراتية للبحث عن تحالفات مضادة ، ولا احد يتغاضى الطرف عن رفض جهات سودانية مؤثرة لتمدد الدعم السريع خارج اطار وضعه القانوني، كما اتضح ويتضح ذلك من خلال المواجهات التي حدثت بعد اغتيال القتيل نوري.
لا شك ان بلادنا في حاجة ماسة لعون الاشقاء والاصدقاء وفي مقدمتهم دولة الامارات ، وبداية وحسب الاصول يشترط ان يكون هذا الدعم للشعب السوداني، وعبر الدولة السودانية والاطراف التي تمثل الحكومة الانتقالية بشقيها (مجلس الوزراء ومجلس السيادة)، ولن يكون مقبولاً ان تحدد جهة خارجية مصير هذا الدعم ولأية جهة يذهب ، سواء كان ذلك الدعم السريع او أي جماعة سياسية ، هذا نتيجته اختراق للجبهة الداخلية وتبعية للاجنبي، وتصعيد لصراع غير موضوعي سببه التدخلات الخارجية.
مرة أخرى نكرر أن مصلحة السودان وشعبه هي في الابتعاد عن سياسة المحاور والتعامل باستقلالية ومبدئية ووضوح مع كل الاطراف ، دون الرضوخ لمزاعم بمصلحة متوهمة مع هذا الطرف او ذاك ،او الدخول في أي تحالفات غير موضوعية طمعاً وخوفاً، هذا غير جدير بالاحترام ، هذا لا يليق بالشعب السوداني.
***********
محمد وداعة – صحيفة الجريدة