أسماء جمعة يكتب حتى لا تكون المناهج أزمة جديدة
حتى لا تكون المناهج أزمة جديدة
✍🏽أسماء جمعة
السودان هذه الأيام أحوج ما يكون إلى ما يوحد آراء المواطنين ويحفظ ما هو موجود من توافق والعمل على زيادته، وهذا يتطلب أن تحذر الحكومة حتى لا تقع في أي خطأ يفتح باب الخلاف والجدل حول أي قضية حتى لا يتم توظيف الأمر ضد المصلحة العامة من قبل تجار المصالح الشخصية وما أكثرهم، ويجب أن يكون هذا الأمر من إستراتيجية الحكومة الانتقالية. صحيح الخلاف والنقد والجدل من سنة الحياة وله فوائده، ولكن لأن السودان (فيه المكفيه) فمن الحكمة عدم تفخيخ المناخ بخلافات تشغل الناس عن العمل والإنجاز والاهتمام بالأشياء المفيدة.
بصراحة أحيانا يتسبب مسئولو الحكومة في إثارة حفيظة المواطنين بفتح أبواب للخلافات حول أمور هي أصلاً محل اتفاق لدرجة أنها تغير في قناعة البعض بجدوى التغيير، وهذا بلا شك يخسر الحكومة ويؤثر على الفترة الانتقالية الهشة التي يقويها الدعم الشعبي، مثلما يحدث هذه الأيام بسبب الجدل الذي فجرته المناهج الجديدة لدرجة أن رئيس الوزراء أصدر قراراً بتجميد العمل بالمقترحات المطروحة حالياً من إدارة المركز القومي للمناهج والبحث التربوي ومراجعتها. وطبعا هذا القرار أيضا له تداعياته السلبية والإيجابية.
وحقيقة كان الناس يتوقعون من د. القراي تحقيق إنجاز عظيم فيما يتعلق بأمر تطوير المناهج بحكم تخصصه وعلمه وخبرته، توقعوا مناهج نظيفة من العيوب ونزيهة تغلق أبواب الجدل، ولكن ما حدث هو أنه منذ أن تولى مسئولية إدارة المناهج ظل يثير الجدل ودخل في تجاذبات مع جهات هي نفسها مأزومة فكرياً وهذا خطأ وقع فيه فهو مهمته العمل بحيادية ونزاهة وسلام، وكنا دائما نحذر المسؤولين من الأشياء التي تجر للخلافات والجدل والأخطاء التي يتخذها تجار الخلافات سبباً ولكنهم لا يحذرون. المثل يقول ( امشي عديل يحتار عدوك فيك). .
عموما نحتاج إلى مناهج جيدة ومحايدة توفر التوافق وتقفل باب الخلاف حتى لا تصبح لدينا أزمة إضافية، يجب أن تضمن للأطفال علماً يستبينوا به سبل الحياة وقبل العلم أخلاقاً، إذا توفرت مناهج بهذا الوصف بلا شك لن تثير الجدل ولن يتمكن أحد من التعليق عليها أو نقدها.
رئيس الوزراء عبد الله حمدوك حسم الجدل بتجميد العمل بالمقترحات المطروحة حالياً من إدارة المركز القومي للمناهج والبحث التربوي، وقرر إنشاء لجنة قومية تضم تربويين وعلماء تمثل جميع التوجهات لتعمل على إعداد المناهج الجديدة، ولكن بهذا تكون البلد قد خسرت الكثير من المال والزمن والجهد ولم تحقق النتيجة المتوقعة، ولكن نعزي أنفسنا بأنها من بشريات التغيير أن تهتم الحكومة بآراء الجماهير لتعالج ما يقلقهم حتى وإن كان سبب الجدل أصحاب مآرب وليسوا أصحاب علم ومعرفة، ولكن وإن كان هناك ثمة خطأ فلتعالجه لجنة مختارة من أهل العلم والمعرفة والخبرة الحقيقيين المعروفين ويثق فيهم الشعب وما أكثرهم فلتستعين بهم الحكومة.
صحيفة الصيحة