مقالات متنوعة

مبارك الكوده يكتب: فليكن شعار الثورة(حب /حرية /سلام /عدالة)

إذا بحثت عن معني كلمة( حب ) في قواميس اللغات ستجد مترادفاتها لم تتمكن من تجسيد معناها ، حاولت أن أجد كلمة مرادفة لكلمة حب لكي تقرب عندي المعني فوجدت كل المترادفات عاجزة عن المراد فالمعني عميق وبعيد جداً وربما هو طاقة وربما كيمياء كما جاء في رسالة أبو حامد الغزالي وربما ٠٠ وربما ٠
حاولت بشيء من التركيز الشديد أن اجتر حالة من الحب عشتها من قبل لكي أجدد عملية الإحساس به وفجأة وجدت نفسي في زمن البراءة والطفولة حيث الحب الذي إفتقدناه زمناً طويلاً ، وأحسست بسريان لطيف في جسدي وشيء من الخفقان الجميل في قلبي ، قلبي الذي أصبح كبيراً جداً يسع الجميع أمي وأبي وإخوتي وكل الذين التقيهم من أبناء الجيران ، بل وجدتني أسع كل ذلك المكان والزمان ، مدينة كسلا بمختلف أشياءها ، وحي أبوخمسة بكلما فيه حتي ذلكم الحجر الذي غرسه الوالد رحمة الله عليه في ناصية المنزل ليحمي الحائط من المارة وقد اتخذته مجلساً في العصريات حيث الظل ونشاط الحي الكثيف ، كما أنه يتيح لي النظر لأربعة إتجاهات ويجعلني اتغزل في جبلي التاكا ومكرام وهما شامتان في جسد المدينة نحبهما ويبادلاننا ذات الحب ٠
عشت وأنا في حالة الإجترار هذه حالة الحب الذي كنت أعيشه وأنا في القطار من كسلا الي كريمة في العطلة المدرسية فكانت أروما بكل ذلك الجمال ودرديب بكل ذلكم الألق وهيا وعطبرة التي لازالت لآفتة محطتها البيضاء في الذاكرة مكتوب عليها ( أتبرا ) حيث أختي وزوجها في انتظارنا معهما أجمل ما نحب سامية وسعديه وسلوي بنات اختي نورا وشيء من الطعام الشهي ، وتمر الساعتان وكأنهما ومضة بعد أن امتلأ القلب والجسد كله بالحب بهذه اللقيا التي ستتكرر عند العوده بعد ثلاثة أشهر ، وبصفارة القطار تستمر الرحلة الي كريمة ثم الحجير حيث الحب الذي لم أجد له وصفا إلا في شعر الأخ اسحق الحلنقي ( سالت مشاعر الناس جداول ) ربما كلمات الاخ اسحق هي أقرب للحقيقة التي كنت أراها وأحسها وأكاد ألمسها في عيون أهلي الكبار والصغار في الحجير وكنت أري سيولة الحب تتدفق من عيون كل القرية بما في ذلك درب الترك وهو طريق الأتراك الذي دخلوا به غزاة لا فاتحين ، وكانت لسيولة حب بنات عمي المتبادل بيننا مسرة و عرفة وسلامة وسعدية وسميرة وأمهما العافي بت حاج طه مذاق خاص ، وظلت هذه السيولة اللطيفة تلازمني حتي تملكني شيطان السياسة والعياذ بالله منه ، و يبدو لي ان قنوات الحب في وطني قد ملاها الشيطان بشرور السياسة وقد تحتاج القنوات لإعادة تأهيل وتطهير حتي تعود سيولة الحب الي مجاريها ولكي نبدأ عملية التاهيل والتطهير فلتكن شعارات الثورة أربع بدلاً من ثلاث ( حب / حرية / سلام / عدالة )وليتنا تجردنا من المحيط والمخيط وطفنا حول ذواتنا وعدنا للثورة صغاراً كما ولدتنا امهاتنا من أجل السودان ٠
والله ولي التوفيق ٠

صحيفة الانتباهة