إدارة الأزمة
برهان وحمدوك معاً.. مشهد يؤكد على توافق المكونين المدني والعسكري حول أزمة الحدود الراهنة مع إثيوبيا، وهو ما حاولت الأخيرة استغلاله في الآونة الأخيرة.
ويبدو من خلال المتابعة اللصيقة لهذه الأزمة، أن “الشفافية” التي تعاملت بها الحكومة لدرجة كبيرة، كانت أحد العوامل الرئيسية وراء التفاف الشعب والأحزاب السياسية خلف القوات المسلحة.
العامل الأول هو رفض أي سوداني استغلال أو احتلال أي شبرٍ من أراضيه من أي دولةٍ كانت.
وللعلاقة الجيدة التي كانت تربط السودان بإثيوبيا ولتخاذل الحكومة السابقة في مواجهة الحقائق وفرض سياسة الأمر الواقع، تمددت إثيوبيا عبر “مزارعين” ورجال أعمال” بطريقة ودية داخل الأراضي السودانية، ثم عمدت بأن تجعل هذا التمدد الودي “رسمياً” عبر نشر بعض الجنود التابعين للشفتة وكذلك الجيش الفدرالي.
استمر الوضع لسنوات طويلة رُفعت فيها الأعلام الإثيوبية، ولم تجد الحكومة الحالية مناسبةً لاستعادة الأراضي إلا بعد هروب الجنود الإثيوبيين من مواقعهم، فسيطرت على الوضع دون خسائر تُذكر في البداية.
في الحرب العسكرية، يخسر الجميع، أما في الحرب السياسية والنفسية والاقتصادية فلا بد من منتصر، أو طرف يتقدم على الآخر.
وقد ظهر في بداية الأمر أن إثيوبيا المشتعلة بالحرب وويلاتها، هي المتقدمة عبر تنويراتها المغلقة والمفتوحة، ومؤتمراتها الصحفية والإذاعية، وغرفها الأمنية والسياسية والإعلامية، لكن يبدو أن الأمر لم يعد كذلك.
بعض الفرص، تأتي مرة واحدة لا تتكرر، وما يحدث في الحدود كان فرصة جيدة لإجراء الكثير من المراجعات والوقوف على العديد من الأخطاء.
أي مواطن مُحب لوطنه، يرغب أن تكون بلاده في سلم وليس حرب، وأن لا يضطر أي جندي لرفع البندقية داخلياً أو خارجياً، لذا يبدو أن موقف الحكومة الأخير، الترحيب بالمبادرات الساعية لتهدئة التوتر مع إثيوبيا دون التفاوض حول التراجع من الحدود، يُعبر حقيقةً عن الشارع.
صحيح أن القبول بالوساطة دون التفاوض حول سبب الأزمة يُعد غريباً بعض الشيء، لكن طالما أن الجنود الذين انتشروا على طول الحدود وعرضها، لن يتركوا أو يتخلوا عن مواقعهم، فمرحباً بجميع المبادرات.
لينا يعقوب – صحيفة السوداني