مقالات متنوعة

إلى متى..؟


يسأل مقدمو البرامج في القنوات الفضائية العالمية، عدداً من المحللين السياسيين عن نقطة أساسية جوهرية، لماذا تتكرر أحداث الاشتباكات القبلية في دارفور كل بضعة أشهر..؟
مشكلة بين فردين تتطور إلى قنبلة موقوتة بين قبيلتين.. خلال ساعات يرتفع عدد الضحايا من اثنين إلى 200، ويعاني الجرحى والمصابون أوقاتاً مؤلمة حرجة.
إذاً لماذا يتكرر ذات المشهد وتحدث ذات الكارثة..؟
لأن الحكومة لا تجتهد في وضع حدٍ لهدر الدماء، وغير جادة في جمع السلاح المنتشر بين القبائل، بل وغير قادرة أمنياً على التدخل السريع لفض أي نزاع واشتباك أو حتى لمحاسبة المتسببين بطريقة عادلة ورادعة.
مع كل حادثة يبرز سؤال مهم.. هل تمتلك الحكومة مثلاً تقديرات لحجم السلاح المنتشر عند المواطنين وفي أيدي القبائل..؟ ما هو نوع هذا السلاح، خفيف أم ثقيل..؟
ماذا تفعل الأجهزة الشرطية والأمنية والعسكرية حين نشوب خلاف بين شخصين..؟
ولماذا لا تتحسبب مسبقاً من أن مقتل مواطن من قبيلة على يد قبيلة أخرى يعني أن أعمال ثأر قادمة في الطريق..؟
إذ يتضح أن ثأر القبيلة هو نتيجة واضحة لغياب الدولة وأجهزتها وعدالتها وقوانينها.
تُشكل لجنة تحقيق حينما ترتفع وتيرة القتل، وتتلاشى تلقائياً بعد أن تجف الدماء.
زيارات رفعية المستوى من قادة الدولة أو مسؤولين حكومين للوقوف على الحادثة، ثم مؤتمرات صلح بين القبائل المتخاصمة، “وينفض السامر”..!
صحيح أن المشكلة معقدة وقديمة غذتها أطراف مستفيدة من تأجيج الوضع في دارفور، لكن هناك تساهل وتكاسل في وضع حد لما يحدث.
الإنفلات الأمني الحالي يأتي متزامناً مع خروج بعثة يوناميد نهائياً من إقليم دارفور، وسط احتجاجات انتظمت داخل معسكرات النازحين الذين طالبوا ببقائها، كما أنه يتزامن أيضاً بدخول بعثة يونيتامس الجديدة في السودان وسط صراعات صاحبت صلاحياتها وتفويضها.
لذا إن لم تضع الحكومة منهجاً جديداً مختلفاً في حل الصراع وإعادة الهدوء للإقليم، سيخسر إنسان دارفور أولاً ثم الحكومة ثانياً لأنها ستؤكد فشلها في القيام بأبسط واجباتها بحماية مواطنيها ونازحيها.

صحيفة السوداني