مقالات متنوعة

سليمان الماحي يكتب: إلى متى الدماء والغلاء


ترسم مشاهد القتل والخراب والدمار صورا مرعبة للحياة في بلادنا لاسيما المناطق التي باتت بؤر توتر ولا تغيب عنها الصراعات الدموية التي تصرع العشرات لا بل المئات من الناس وأكثر من ذلك عددا الجرحى غيان ما يلفت النظر في هذه الفاجعة الانسانية المؤلمة هو أن الناس يقتلون بعضهم بعضا بلا سبب مقنع ولا من أجل حق ضائع بيد أنهم يتعاركون من غير معترك .
بعد مرور زهاء السنتين من عمر الحكومة الانتقالية يبدو المشهد السوداني مثيرا للأحباط فالحياة تمضي إلى ( الخلف دور ) والصراع يحتدم بضراوة بين أبناء الوطن الواحد في العديد من المناطق وان بلغ أشده مؤخرا في مناطق الجنينة وقريضة حيث الدماء تسيل بغزارة وما أكثر جثث القتلى والمصابين الملقاة هنا وهناك والأخبار السيئة تفيد بان الأوضاع في جنوب كردفان مهيأة تماما لتتحرك الى خط الكارثة .
برأيكم ماذا نقول اذا كان الزول السوداني أينما يقيم هو الان على أرض الوطن يكون في حيرة من أمره اذ تطارده المصائب وأحيانا تتهدده جرائم القتل والاختطاف والنهب والأمراض الفتاكة وتنهكه المعيشة الضنكة فلا طعام من جوع أكل ولا أمن من خوف وجد ويحدث كل ذلك في ظل الحكومة الانتقالية برئاسة د. عبد الله حمدوك التي أثبتت عجزها بامتياز عن وقف نزيف الدم وتوفير أبسط الخدمات الضرورية التي يحتاجها المواطن وفي المرات النادرة التي يحصل عليها تكون عصية على الشراء نتيجة أسعارها الباهظة .
والمواطن المغلوب على أمره يخوض الان معركة من نوع آخر لا تقل ضراوة عن تلك التي تقتل وتدمر وتشرد وتلك هي الصفوف المنتشرة في العديد من المدن وتستقطب الكثير من السكان وتكتسب أهميتها من كونها الوجهة التي يقصدها الباحثون عن الاحتياجات الأسرية الغذائية وغير الغذائية والمواطن يكون محظوظا جدا اذا ما حالفه الحظ ووجد له موطيء قدم متقدم في تلك الصفوف بل تغمره السعادة أكثر اذا ما عاد الى أسرته متأبطا بضع قطع من الرغيف أو اسطوانة معبأة بالغاز أو جالون بنزين يساعده على تحريك سيارته .
ومن المؤكد أنه ليس في كل الأحوال تأتي الصفوف بما يشتهي الناس الذين يبحثون عن لقمة يسدون بها رمقهم ورمق من يعنيهم أمرهم فبعد عناء الوقوف في الصفوف التي يحرصون على الانضمام إليها منذ ساعات الفجر الأولى ويستمرون في زحفهم حتى وقت العصر وأحيانا تكون الصفوف مرقدا حتى صباح اليوم التالي لمن يرغبون في المحافظة على موطيء قدم يمكنهم من الحصول على قطع من الرغيف الذي بات حلما تنتظره الأسر بفارغ صبر لكن في أوقات كثيرة يكون الحصول على الرغيف أمرا عصيا مما يجبر الباحثين عنه على العودة لبيوتهم ولسان حالهم يردد ” حظي كدقيق فوق شوك نثروه و قالوا لحفاتي يوم ريح أجمعوه”.
نقول وفي الحلق غصة ان المواطنين المغلوب على أمرهم لا حدود لمعاناتهم فهم يواجهون المصاعب الحياتية التي تتفاقم بصورة مستمرة وتشكل الإخفاقات الأمنية وعثاء الاستقرارالمجتمعي فالساحة تستقبل يوما بعد اخر الكثير من الجرائم التي تصنف على أنها جنائية وتنفذ من قبل أشخاص يتسلحون بكل ما يشكل تهديدا لحياة الناس مثل الأسلحة النارية والسواطير وأشياء أخرى صلبة وفي الغالب يتم تنفيذ الجرائم بالشكل الاتي : الشبكة الإجرامية التي تتألف من مجموعة أشخاص تهاجم الضحايا في بيوتهم وفي الشارع العام والأسواق والحفلات لكن أكثر تلك الجرائم شيوعا هي التي ينفذها راكبو الدراجات النارية عندما يشاهدون رجلا أو امرأة تمشي راجله بمفردها فيقتربون منهما بالنحو الذي يمكنهم من انتزاع الحقيبة أوالهاتف أو الأثنين معا ومن ثم يفرون هربا من المكان إلى حيث جهة تمكنهم من الاختفاء .
كنا نتمنى لو ساد الأمن ربوع بلادنا فذلك هو المهم لإرساء الشعور بالاستقرار والاطمئنان والسكينة في المجتمع وكلما كان أفراد المجتمع على هذا النحو من الطمأنينة فان حياتهم تكون هانئة مطمئنة وخالية من القلاقل والفتن .
ونسأل متى يطعم السودان أهله من الجوع ويأمنهم من الخوف ؟

صحيفة الانتباهة