النائب العام .. نيران من داخل الصندوق!
ربما تتبدل أو تتغير المواقف.. والمعتقدات.. وفقاً لتقلبات الزمان والمكان.. وكذالك الأشخاص.. لا ثوابت تظل كما هي.. وليس بعيداً، فقد أتى النائب العام مولانا تاج السر الحبر محمولاً على أعناق الثوار الذين هتفوا له.. ووثقوا في عدالتة يوم أن فقدوا ثقتهم في عدالة النظام السابق.. لكن الآن ربما تغيرت المواقف، وأصبحت ذات الأيدي التي حملته على أعناقها سابقاً ترشقه بحجارتها وتستل له خناجر الاتهام.. فلماذ غيّرت مواقفها؟
مثير للجدل
تعيين النائب العام تاج السر الحبر، لم يكن عادياً، حيث صاحب التكليف جدل كثيف وخلافات بين المكون العسكري والشق المدني، واعتراض الأول على المرشح الذي دفعت به قوى الحرية والتغيير مرشحاً لمنصب النائب. وكادت الخلافات أن تعصف بالفترة الانتقالية التي كانت تتلمس خطواتها الأولى.. واستمر الجدال بسبب الثغرات القانونية التي أثيرت في وقتها والطعون من قبل مراقبين بسبب إعادة فتح الوثيقة الدستورية الموقعة بين الشركاء في المجلسين العسكري والمدني، وتم تعديلها .. للتغول بمنح المجلس سلطة تعيين رئبس القضاء والنائب العام؛ وبحسب الوثيقة، فإن التعيين يتم بواسطة مجلس القضاء الأعلى ونادي النيابة العامة التي لم تتشكل آنذاك،
لذلك تفجرت مخاوف حال تشكلهما، قبل إعادة النظر في المؤسستين العدليتين، وكانت الهواجس تسيطر على حراس الثورة من سيطرة عناصر تنتمي للنظام البائد عليهما والمخاوف من هزيمة مطالب الثورة بالعدالة والمحاسبة… والآن ربما تغير الحال.. وبحر السياسية لا يبقى على حال.. وأثار الحبر مجدداً الجدال، ووجهت له الكثير من أصابع الاتهام في قضية فتح بلاغ ضد عضو لجنة إزالة التمكين د. صلاح مناع.. وعاد المتابعون يتساءلون مجدداً من هو النائب العام تاج السر الحبر؟
سيرة ومسيرة
ولد الحبر في عام 1948م، في قرية الخليلة شمال بحري، متزوج من شقيقة الشاعر محمد المكي إبراهيم الوحيدة، وأنجب منها ابنة طبيبة، وينحدر من أسرة دينية متصوفة لها العديد من الخلاوى.
تخرج الحبر من جامعة الخرطوم، بمرتبة الشرف الثانية، والتحق بديوان النائب العام، ثم اشتغل في مجلس النيابة العامة ولجنة القوانين ثم انتقل للمحاماة في مكتب المحامي عبد الحليم الطاهر ومكتب فوزي التوم، ليؤسس بعدها مكتبه الخاص.
وحول الأستاذ تاج السر علي الحبر النائب العام المعين، تحدث مصدر مقرب لـ(الصيحة) عن أن الحبر ظل بعيداً عن السياسة ومنعرجاتها، رغم أنه ينتمي للتيار الديمقراطي العريض.
وقال إن الحبر كان من ضمن من عملوا بنقابة المحامين إبان انتفاضة أبريل التي أطاحت بجعفر نميري، واعتبر أن الذين تولوا العمل النقابي وقتها تعرضوا لمخاطر جدية، وهو ما يدل على معدن الرجل الذي لا يخلو من روح قتالية على الرغم من عدم انتمائه لأي من الأحزاب.
قرارات جريئة
عقب جلوس الحبر على مقعده نائباً عاماً، أول قرار أصدره كان ـن “منع استخدام الرصاص أو الغاز المسيل للدموع في تفريق التجمعات السلمية، استصحاباً لمبدأ الحق في التعبير السلمي وتقديم المطالب السلمية لجهات الاختصاص”، في احتجاجات كانت قد أعلنتها لجان المقاومة في سابقة هي الأولى من نوعها، وطالب وكلاء النيابة بمصاحبة قوات من الشرطة الأمنية بغرض التأمين والتنسيق مع لجان الميدان لمشاركة عناصر منهم في عملية الترتيب مع النيابة العامة”، ومنعهم من “استخدام القوة المفرطة تحت أي ظروف”.
مرمى النيران
في المقابل، انتقدت شريحة واسعة من الجماهير استدعاء النائب العام عضو لجنة إزالة التمكين د. صلاح مناع.. على خلفية بلاغات دونها رئيس المجلس السيادي الفريق عبد الفتاح البرهان، ونائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو، حرّكا إجراءات قانونية في مواجهة مناع بعد اتهامه لهما بأنهما أطلقا سراح زوجة الرئيس المخلوع عمر البشير وداد بابكر، وفجرت الواقعة ردود فعل كبيرة وسط الثوار لحساسية البلاغات ومكانة لجنة إزالة التمكين لدى الثوار.. الشيء الذي أعاد للأذهان ممارسات النظام البائد، وعدّوا استدعاء مناع تدخلاً من قبل مجلس السيادة في شئون القضاء.. وأن صمت الحبر يعني خضوعه لإرادة المجلس السيادي، وبالتالي أصبح في مرمى النيران..
فيما اعتبر آخرون البلاغات طبيعية.
نجدة بشارة
صحيفة الصيحة