رصيد سياسي وبطيخة مقفولة
أردنا أن نبحث عن ملمح للتفاؤل والأمل في وسط هذا الركام الضخم من الوجع والإحباط ، فبإمكاننا أن نقول أنه وبالقياس البسيط يمكن اعتبار التشكيلة الجديدة للحكومة ولحد ما هي أكثر واقعية وأفضل اختياراً من سابقتها .
ذلك لأنها تفادت في نهجها المواربة ومالت نحو الوضوح والمباشرة .. تفادت تكتيكات الواجهات السياسية وتقدمت فيها بعض القيادات السياسية الفاقعة اللون لتولي مناصب وزارية بمعايير محاصصة معلومة للجميع بل هي عند الكثيرين مرفوضة باعتبار أنها لا تخدم مبدأ الإنتقال الديموقراطي النظيف .
لكن برغم ذلك نلمح فيها منطق الواقعية السياسية بكون أن الحال الذي وصلت اليه بلادنا يجعلنا نعتبر أن المطلوب الآن هو إنقاذ البلد من الهاوية السحيقة وليس الترتيب للانتقال والتطور والحديث عن الانتخابات الذي هو في واقع البلاد الحالي يبدو نوعاً من الترف ..
صحيح أن مخاوف استغلال السياسيين لسلطتهم الوزارية لتحقيق أهداف انتخابية وخدمة مواقف أحزابهم هي واردة الحدوث في هذه الحالة لكن بمنطق سدد وقارب .. وبنظرة أكثر واقعية نقول إن تحمل السياسي لمسؤوليته بشكل واضح ومكشوف يزيد من الضغط عليه للقيام بهذا المسؤولية لأن فشله في المرحلة الانتقالية وهو جالس على مقعد السلطة يدفع فاتورته من رصيده المستقبلي وفرصته للعودة للجماهير في الانتخابات ..
نعتبرها تشكيلة أفضل من غيرها لأن أمثال ابراهيم الشيخ وخالد سلك ومريم الصادق وجبريل ابراهيم وغيرهم من القيادات السياسية التي تصدت لتحمل مسؤوليتها في التشكيل الجديد يعرفون جيداً أن أبرز شعارات الإنتخابات هو ذلك الشعار الذي يقول ( المجرَّب لا يجرَّب ) .. في حالة فشله بالتأكيد وهذا مفهوم لدى الجميع بالبداهة .
بل أن الشجاعة كانت كبيرة عند بعض الذين يقودون تنظيمات تخوض لأول مرة اختبار الانتخابات القادمة سواء كنا نتحدث عن مثل حركة العدل والمساواة أو حتى حزب المؤتمر السوداني الذي يرى الكثيرون أن لديه رصيد جيد كان قد وفره من عمله المباشر مع الشارع خلال فترة الحكم السابق .
أما القسم الثاني من وزراء الحكومة الجديدة فبعضهم من حملة الشهادات العليا والذين لا يمكن الحكم عليهم إلا بعد فتح ( بطيختهم ) وكشف طعمها ولونها ، إذ لم تعد سطور السيرة الذاتية والشهادات الأكاديمية تكفي للحكم على قدرة حاملها على تحقيق نجاح في مهمته خاصة أولئك الذين أتوا يحملون لقب (دكتور ) وقصة نضال قديم مثلج عادوا بها من جبال الجليد ومدن أوروبا وأمريكا واصقاع العالم .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين
جمال على حسن – صحيفة اليوم التالي