مقالات متنوعة

علي الصادق البصير يكتب : في يوم الإذاعة.. البيان التالي

من طرائف السودان، أنّ رجلاً من ظُرفاء إحدى المُدن وهو كَفيفٌ، اشتهر بصحبة راديو كبير يَحمله معه أينما ذهب، الأمر الذي جعله مُلِّماً بكل تفاصيل الأخبار الداخلية والمحلية، كما أنه حريصٌ على نشرة الثامنة مساءً التي تُذيع الوفيات على مُستوى السودان، هذه الصُّحبة جعلته نَجماً ومَرجعاً صَادقاً للأنباء.
ومن طرائفه الشهيرة أن التقاه أحد رجال الأعمال المشهورين، وقدم له عرضاً خاصاً بأن يطلب ما يتمنى ليُحقِّقه له، فما كان من صاحبنا إلا وأن طلب حجار بطارية للراديو خاصته.

أسرد هذه الرواية الحقيقيّة للتأكيد بأنّ الإذاعة دُون غيرها عن أجهزة الإعلام لا تتعامل مع مُتَلَقِّيها بأيِّ تَمييزٍ، سواء كانت إعاقة أو تعليماً بمُستويات عالية أو إلماماً بالتكنولوجيا، ولا تحصر نفسها في عواصم وفنادق وأجهزة ذكية، ولا حتى بانقطاع التيار الكهربائي.

بهذا المفهوم، نستطيع أن نقول بأنّ الإذاعي يختلف عن بقية الإعلاميين في الوسائل الأخرى، فهُم مَن شكّلوا وجدان هذه الأمة وحفظوا لها تاريخها وإرثها، واستحقت الإذاعة لقب (ذاكرة الأمة) عن جدارةٍ، وذلك للتفوُّق في العرض بدفء كلمتها الصادقة.

بالأمس، احتفلت وزارة الثقافة والإعلام والهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون باليوم العالمي للراديو، وجاء الاحتفال بالتعاون مع اللجنة الوطنية السودانية لليونسكو ومنظمة اليونسكو مكتب الخرطوم، وقدّم البروفيسور علي شمو خلال الاحتفال، مُحاضرة عن تاريخ الإذاعة وتطوُّرها في كل العالم، وأورد عبارةً شاملةً ووافية عندما قال: (للراديو دورٌ كبيرٌ في إدارة العالم)، إذ يُشكِّل الراديو واحداً من مُمسكات هذه الأمة.

عَطفاً على حديث البروفيسور شمو، فإنّ للإذاعة السودانية دوراً كبيراً في عمليات التغيير وإدارة الحكم في البلاد، فأي جهة تريد قبل التفكير في الاستيلاء على السُّلطة، تُفكِّر في على الإذاعة، فبها إما للقصر رئيساً أو للسجن حبيساً.

فالتحية في هذا اليوم لكل إذاعيي بلادي المُنتشرين بأثيرهم في فيافي السُّودان وبُواديه وقُراه وأزقته، ووسط جمهور المُستمعين في المُواصلات العامّة والخاصّة.

*أفق قبل الأخير

جاء احتفال الإذاعة بيومها العالمي 2021م مُختلفاً في شكله ومضمونه وتوصياته ورعايته من قِبل قطاع التعليم والإعلام باليونسكو مكتب الخرطوم، فالإذاعة موعودةٌ بمُستقبلٍ مُبشِّر بتلك الشراكة.

*أفق أخير

ودّعت الإذاعة عهد البيانات والانقلابات.

صحيفة الصيحة