تحقيقات وتقارير

إقرارات الذمة .. استهلاك سياسي أم محاربة للفساد؟

تُعد ظاهرة الفساد المالي والإداري ظاهرة عالمية ومنتشرة، وذات جذور عميقة، لكن في الآونة الأخيرة وجدت اهتماماً من الباحثين والقانونيين والسياسيين.

مبادئ الثورة

تعد مكافحة الفساد واحدة من موجهات الثورة، وتعد أحد أبرز القضايا التي أسقطت النظام السابق، والذي اشتهر قادته بالفساد، وخلال اليومين الماضيين تسلم كل الوزراء الذين تم تعيينهم مؤخراً (فورم) لإقرار الذمة يوضح فيه ممتلكاته السائلة والعينية وتقديمها خلال الأسبوع المقبل للنائب العام لإيداعها لدى نيابة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه، وذلك اهتداء بمبادئ وأهداف ثورة ديسمبر المجيدة لإرساء دعائم الشفافية في العمل العام، ورغم ذلك نجد أن بعض المؤسسات أو الأشخاص يفسدون، فمن أين يفسد المسئولون وهل إقرار الذمة استهلاك سياسي أم مكافحة للفساد؟

علنية الإجراء

تساءل مراقبون عن طبيعة الإجراء والقصد منه، وقالوا إن الإقرار لمحاربة الفساد والثراء الحرام وعدم التعدي على المال العام، ويرى محللون سياسيون وقانونيون أن هذا الإقرار مهم وأن تفعيله لإبراء الذمة، ومن أجل المحافظة على حقوق الجميع، وطالبوا بعلنية الإقرار، مؤكدين أنه ظل سرياً وحبيساً لعدة سنوات ماضية، مما أدخل البلاد في ضائقة معيشية وفساد المسئولين، والثراء الحرام، مطالبين بتنفيذه حتى لا يصبح إقراراً سياسياً كسابقه، مشيرين إلى عدم وجود معايير واضحة لتنفيذه، مشددين على أن تتم محاربة الفساد في درجة عالية من الديمقراطية والحرية.

نتائج إقرارات

وانتقد رئيس منظمة الشفافية السودانية الطيب مختار، التكتم على نتائج إقرارات الذمة للوزراء السابقين، مشيراً إلى أن ذلك يؤكد عدم الاهتمام بتفعيل قانون الثراء الحرام.

وأضاف مختار، أن الحكومة قامت بجمع إقرارات الذمة من المسؤولين السابقين لكنها لم تفصح عن نتائجها من الممتلكات المادية والعينية المسجلة بأسمائهم قبل وبعد تقلدهم الوظائف مطالباً بضرورة علنية الإقرار وتفعيلها، وزاد: إن البلاد تعاني من أزمة اقتصادية خانق .

تورط مسئولين

وطالب الخبير الاستراتيجي حنفي عبد الله، الحكومة بالالتزام بإقرارات الذمة، مشيراً إلى أن عدم الإعلان عن نتائج الإقرارات يرجع لسريتها، وعدم الإفصاح عنها إلا عند الضرورة حال ثبوت تورط أحد المسئولين في استغلال وظيفته.

وأشار حنفي إلى أن المادة 11 من قانون الثراء الحرام تنص على معاقبة من يرفض تقديم إقرار الذمة أو الإدلاء ببيانات كاذبة أو ناقصة، بالسجن لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، أو الغرامة، أو العقوبتين معاً.

وشهد السودان زيادة في نسبة الفساد، خاصة في العهد البائد ما دفع الحكومة الانتقالية إلى تبني حملات لمكافحته، مشددًا على أن تكون مكافحة الفساد والحديث عن إقرارات الذمة واقعاً وليس استهلاكاً سياسياً .

فقدان الثقة

وقال وزير ــ فضل حجب اسمه ــ للصيحة، أن أفعال النظام السابق من فساد مالي وإداري أفقد الثقة عند أغلب السودانيين، وأضاف: نحن جئنا في ظل حكومة ثورة شفافة ونزيهة، من أجل حق المواطن وإصلاح مؤسسة الدولة وليس للنهب، معتبراً أي مال حق للدولة، وأضاف: سنعمل من أجل استرداد الحقوق لأصحابها بكل شفافية، مؤكدًا أهمية إقرار الذمة وضرورة تفعيله، وأضاف: نحن أتينا من أجل بناء السودان، ويدنا بيضاء. مضيفاً أن النظام السابق كان يستغل الدين في السياسة.

وفق القانون

ويقول الخبير والمحلل السياسي خالد حسن محمد، إن حمدوك يضع شروطاً لتولي الوظائف من بينها النزاهة وأشار إلى أن إقرارت الذمة المالية تأتي في إطار الوقاية من الكسب غير المشروع ويجب أن تشمل كل المسؤولين بمن فيهم رئيس الوزراء.

ويضيف: هناك نوعان لإقرار الذمة للسياسيين كرئيس الدولة والوزراء والهيئات يتطلب الإفصاح عن ممتلكاتهم الخاصة بهم باعتبارهم شخصيات عامة ولمنع تضارب المصالح، مشيراً إلى أن ذلك يعمل به في كثير من الدول الديمقراطية، وقال: يجب أن يكون إجراء الفحص سنوياً تقرره مكافحة الفساد مع ضمان سرية المعلومات.

تحويلات مالية

وأضاف خالد: لضمان العمل يجب التنسيق مع وحدة الرقابة المالية، للاطلاع المباشر على الحركات المالية والتحويلات على حساباتهم وعمليات الشراء والبيع للأراضي والأسهم باعتبارها مصدراً يحدد الأصول المالية لهم.

فساد الإنقاذ

فيما يقول الخبير القانوني عثمان أبو المجد إن إقرار الذمة مهم ويجب تفعيله في كل المؤسسات .

وأشار إلى أن الفساد الذي حدث خلال عهد الإنقاذ لعدم تفعيل إقرارات الذمة، وأضاف: عندما أعلن وزير العدل في حكومة الإنقاذ السابقة محمد بشارة دوسة تفعيل قانون إقرار الذمة للمسئولين بالدولة، وجد تذمراً من الكثيرين رغم أنه كان يتم بسرية تامة، ونحن رفضنا تلك السرية، وأكد أن حكومة الثورة تعمل بعلنية، لافتاً أن الفساد دائماً يأتي من النظام نفسه وفي كيفية إدارة البلاد.

تقرير: فاطمة علي
صحيفة الصيحة