سهيل احمد سعد الارباب يكتب: التحولات الكبرى ببنية الدولة السودانية.. المخاطر والحلول
هنالك تحولات فى بنية الدولة السودانية تحتاج الى عقلاء لضبطها وتحتاج الى عقول استراتيجية للتحكم فى مخرجاتها عبر التحكم فى مسارها وايقاعها وسرعتها مع تلازم ذلك بترسيخ الديمقراطية حتى تنزوى مع الايام وتطورها العقلية الاقليمية والمناطقية ورغبات الانزواء والعزلة ورغبات الانفصال وحالات الحرد والزعل السياسي وهذا يحتاج الى حراك وانفتاح عظيم وثورة وعى شاملة.
نعم لم يعد ابناء ولايات الشمال وحدهم بالساحة وقد كانت فترة تحكمهم وريادتهم ليست نتاج بنيان عنصرى ذاتى ولكنها مخرجات التعليم والتنمية والتطور لما بعد ثورة المهدية ودخول الاستعمار.
الان المعادلة فى حالة اتجاه التوازن نعم نجد هناك بعض الرفض لانسحاب وفقدان مكتسبات تاريخية واتجاه لتمييز نسميه ايجابى بارادة الساسة ولكن على الاطراف الجديدة فهم العدالة ليست بانتزاع حقوق اخرين وليست بالضرورة رد مظالم ولكنه التطور الطبيعى الاجتماعى لاى دولة فى مراحل تشكلها واستقرارها النهائى.
عدم الوعى بهذه المرحلة الانتقالية ان تطور واكتسب ابعاد شعبية وردود افعال سياسية فى محاولة ايقاف عجلة تطور التاريخ سيقود الى فشل الدولة وتفككها تماما وليس بالضروة التشكل بالوصول الى دويلات مستقرة ولكنه سيمر بمرحلة تشتت القوى المركزية وتعدد مراكز اتخاذ القرار وفى ذلك مدخل للاستغلال الدولى والاقليمى لحالة الضعف فى بنية الدولة الاحتماعية والسياسية وفى ذلك اذى عظيم لكل الاطراف وعلى الشعب بكافة اطيافة ترسيخ الوعى بتلك المخاطر
للاسف العالم المحيط لايرحم الدول المفككة والضعيفة….وبنية الدولة السودانية السياسية والاجتماعية مفككة تماما بعد 30سنة من الانقاذ صنعت فيها غبن وتمزق واحقاد اجتماعية مهولة مع تعدد مراكز القوى والتسليح بصناعة المليشيات فى كل مكان مع تراكم ازمات منذ بداية الدولة بعد الاستقلال…
ومع غياب المنظمات الحديثة القومية والمتمثلة بالاتحادات والنقابات ومنظمات المجتمع المدنى وتطورها ومل الساحة والقيام بدورها الريادى والذى لايعوض.
فدون قيام النقابات ومنظمات المجتمع المدنى والاتحادات يظل القرار السياسي وفق الاهواء الذاتية والمصالح الخاصة وفى ذلك خطر ماثل وعظيم وهنالك من يعمل ويغذى تفكك الدولة السودانية عبر نشاط محموم لدول ترى فى تعدد مراكز القوى واستمرار هشاشة الاوضاع بالسودان مكتسبات اقتصادية ضخمة لها اصبحت تشكل اساس وجزء مهم من اقتصادياتهم القومية وفى ذلك لعنة وكارثة يجب الاسراع فى حصارها.
ومن اهم المظاهر السالبة والمهددة حقيقة لبنية الدولة السودانية وتطورها مسالة الارتداد الى القبلية ورعايتها وجعلها مرتكزا اجتماعيا وسياسيا بديلا لمنظمات المجتمع الحديثة والمتمثلة بالنقابات والاتحادات المهنية والتى اول ماترسخ قومية الانتماءات وذوبان العرقية وتراجع العنصرية والمناطقية ودمج جغرافيا الوطن عبر هموم فئوية جامعة.
ونمو القبلية يعتبر مؤشر سلبى وانتكاسة فى التطور والنمو الاحتماعى فى تشكيل الدولة وفى حالة الارتدادات التاريخية كالسودان واعادة بعثها كما فعلت الانقاذ بعد زوالها بالحقب السابقة لها لاكبر دليل لمحاولة السطو على الدولة ومؤشر سى لمستوى الفكر فى مفاهيمها وادارتها ومداخل للفساد بتشكيل مراكز القوى وحمايتها عبر العصبية الفظة.
ولذلك نجد من يرعاها اى القبلية ويعبر عنها يمثل اكبر المخاطر الانية على الدولة السودانية ويعتبر تهديد استراتيجى لمنظومتها الحاكمة وسلطتها السياسية ومحاولة سطو على الارادة القومية والتحكم فيها باقصاء الوعى بالاختيار والانتخاب للافضل لقيادة وريادة المشهد السياسي والتغبير عنه.
ومن يرعى القبلية هو عدو مؤكد للشعب وللوطن ويمثل ارادة اللصوص والخونة وعملاء الاستعمار والاستغلال وسرقة ثروات وموارد الوطن ويجب بتره ومحاربته وعدم التماهى معه او مصالحته مهما كانت التضحيات.
والامر الاخر هو مسالة الجيوش غير النظامية والتى تتبع للحركات الموقعة لاتفاق السلام ومسالة معالجتها الامنية والسياسية وترك امر دمجها مع القوات المسلحة لمرحلة لاحقة لتشكيل جديد للجيش السودانى على اسس قومية ووطنية وبعقيدة قتال معنية بحماية ورعاية الدستور وحفظ حدود البلد.
ويعتبر امر ترك الدمج الى مابعد انتهاء الفترة الانتقالية خطاء سياسي كبير جدا ويؤشر الى عدم الثقة ويطورها مع الايام لممارسة الابتزاز السياسي فى حالة الفشل بالانتخابات القادمة وربما عدم رغبة الشعب فى انتخاب رؤسا واعضاء هذه الجماعات المسلحة ومؤشرات تمثيلها القبلى البحت وانحصارها المحدود وغياب طرحها الفكرى والقومى سيجعل من امر تطورها عبر نظام ديمقراطى بطريق مسدود وعندها سيبرز السؤال ما الذى يجعل من الخاسرين مايجبرهم على الموافقة بدمج قواتهم.
ولكل ماذكرناه يبقى امر العبور بالبلد الى بر الامان يحتاج الى قيادة تعى المشاكل العصيبة والتحديات والمخاطر العظيمة وحالة التوازن المنعدم مابين الداخل والخارج واطماع العالم الكبيرة فى دولة تعتبر فاشلة وتمتلى بالكنوز .
ولايمكن تجاوز ذلك الا بالمشاركة الكبيرة باتخاذ القرار لترسيخ الديمقراطية والمساواة والعدالة والسلام بتحالف عريض مع الشعب وقواه المستنيرة ودعمها واشاعة المعرفة والشفافية فى التعامل السياسي ومخاطبة وتنوير الشعب عبر اليات الاعلام الخاصة والعامة وفق برنامج واهداف محددة ومعلومة لكل الناس كاهداف مرحلة يجب انجازها ودون ذلك نحن غارفون غارقون ومنقادون الى الكارثة.
صحيفة الانتباهة