هاجر سليمان تكتب: تعويم الجنيه.. القرار الصعب
بالأمس فاجأتنا الحكومة الانتقالية بقرار تعويم الجنيه وتحرير سعر صرف العملات المحلية بالسوق الموازي، فعلى الرغم من أن الخطوة تعد مفاجئة وصادمة للشعب، إلا أنها متوقعة بالنسبة لنا في ظل الظروف التي تمر بها البلاد والأجندة التي تنفذها الحكومة الانتقالية.
تعويم الجنيه السوداني هو أحد بنود روشتة صندوق النقد الدولي التي ترتكز على رفع الدعم عن السلع الاستراتيجية والأساسية وتعويم سعر صرف الجنيه، بجانب زيادة الرسم على السلع المستوردة، وغيرها من البنود التي أملاها صندوق النقد الدولي لتكون وصفة لعلاج الاقتصاد وتمكن الحكومة من الحصول على قروض خارجية، ولكن هل ستنجح الحكومة بإنفاذ هذه الخطة في الحصول على ما تريد؟
أعتقد أن السيد رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك قد أكمل المهمة التي جاء من أجلها بنجاح، إلا أن تلك المهمة الصعبة ستودي بحياة عدد من المواطنين، إذ أن هذه القرارات اتخذت دون تفكير ومشورة ودون مراعاة للحالة المزرية التي يمر بها الشعب الصامد، وأحسب أن التعويم أكبر خطأ سقطت فيه الحكومة وسيعجل بنهايتها وسيكون بمثابة القبر الذي ستدفن فيه .
نحن لا نكتب جزافاً، وسنورد لكم بالدلائل والبراهين والمؤشرات، فبعيد أقل من ساعتين من نشر قرار الحكومة بتحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه، ارتفع الدولار ارتفاعاً مفاجئاً من (375) جنيهاً إلى (393.75) جنيهاً، وأيضاً بعيد أقل من ساعتين من إعلان التعويم ارتفعت أسعار السكر بصورة مفاجئة بزيادة الفي جنيه وقس على ذلك .
وسيؤدي تعويم الجنيه إلى رفع أسعار السلع والخضروات والوقود والمحروقات وغاز الطهي والمواصلات والدواء والغذاء والكساء، وكل شيء سيرتفع سعره مع ملاحظة بقاء المرتبات في حالها دون زيادة، لذلك بإمكاننا أن نقول إن هذه الخطوة غير موفقة وستقود إلى تدهور كبير في الاقتصاد، وأحسب أن هذه الخطوة هي الأخيرة لظهور أضخم ثورة للجياع على مستوى العالم، فكيف ستواجه الحكومة كل أولئك الجياع، فالحكومة لن تنجح في رفع المعاناة عن كاهل المواطن، وستفشل جميع خططها التي أعدتها لمجابهة الطبقات الفقيرة، فسياسة دعم الأسر الفقيرة والمحتاجين لن تجدي، خاصةً أن جميع آليات الحكومة وأذرع رقابتها سبق أن فشلت في توفير الدعم اللازم للأسر الفقيرة، فإذا كانت تلك الآليات قد فشلت في توزيع السلع للأسر المحتاجة إبان جائحة (كورونا) فهل ستنجح في إيصال دعم للفقراء والمحتاجين؟ بالطبع لا .
الخطوة التي اتخذتها الحكومة صعبة ولن تنجح عبرها في الحصول على ما تريد من دعم من صندوق النقد، وستتسبب الخطوة في وقف عجلة التنمية وتدهور كبير في الاقتصاد، ولن تحسن مستوى الاقتصاد، ولعل أبرز إفرازات ذلك القرار سترونها قريباً في شكل نهب وعصابات وقلع (على عينك يا تاجر)، وهجوم للجوعى على المتاجر والأسواق لأخذ حاجتهم من المؤن، وسيحدث انفلات أمني كبير ستشهده البلاد خلال الأيام القادمة، وستتأثر الخرطوم بذلك الانفلات بصورة مباشرة .
صحيفة الانتباهة