اسماء جمعة تكتب البوابة الأكثر أماناً للتهريب
نظام الحركة الإسلامية المخلوع خلف لنا واحدا من أكثر مطارات العالم تخلفا، وأعتقد أن أي مواطن غادر السودان الى أقرب دولة قارن بين مطارها ومطارنا الذي يشبه محطة مواصلات عادية، ولذلك ظل ولا زال هو البوابة الأكثر أمانا لتهريب موارد السودان وأمواله والممنوعات، ولا أشك أن الأمر كان مقصودا وجزء من عملية النهب والفساد المنظمة التي ظل يقوم بها كوادر الحركة الإسلامية تحت حماية نظامهم الذي مازال موجودا ويقوم بنفس المهمة .
في آخر أيام النظام المخلوع قال موسى كرامة آخر وزير صناعة إن إنتاج السودان الحقيقي من الذهب خلال العام 2017، بلغ “250” طنا، ومعظم هذا الإنتاج يُهرب عبر مطار الخرطوم بمساعدة شبكات وفئات فاسدة بالمطار تسهل خروج المهربين، وهو بهذا كشف فسادا أكبر بكثير، فقد سبق وأن قالت حكومته إن إنتاج الذهب 105 أطنان فقط في العام، أي أنها لم تعترف ب120 طنا، في ذلك اليوم قال وزير الدولة بوزارة الدفاع على سالم مبررا إن أنظمة مطار الخرطوم مخترقة أمنيا ومن خلالها يتم تهريب الذهب وأشياء أخرى، وبالرغم من أن اكتشاف الذهب والأشياء الأخرى ليس بالأمر الصعب حتى في ظل تخلف الأنظمة الأمنية إن لم يكن هناك تعاون رسمي، وبالمناسبة هناك شركات طيران متعاونة معهم تماما .
مازال مطار الخرطوم حتى الآن ورغم مرور أكثر من عامين على سقوط نظام الفساد كما هو، مفتوحا أمام عمليات تهريب الذهب والأشياء الأخرى، وكوادر المخلوع ما زالوا يستغلونه بارتياح فالتمكين ما زال موجودا والمطار يزخر بالموظفين والعمال متلقي الرشاوي، والأشياء المهربة تمر حتى بعد أن يكتشفهم الموظفون الشرفاء ويبلغون الأمن .
في شهر أغسطس من العام 2019 وأنا في طريقي الى كينيا، شاهدت بأم عيني أمن مطار الخرطوم يمرر سيدة كانت تهرب كمية كبيرة من الدولارات ثبتتها بلاصق على كامل جسدي طفلتيها عمر 8 و 10 سنوات، من اكتشف الأمر موظفة التفتيش التي أبلغت الأمن وتركت له المهمة وظننا أن تلك المرأة لن تغادر، ولكن في الدقائق الأخيرة عادت وركبت الطائرة مرفوعة الرأس والجميع في حالة دهشة، وبعد أن جلست على مقعدها وقبيل الإقلاع اتصلت بأحدهم وقالت له بسعادة (قول لمحمد ما يجي خلاص اديتهم 12 الف ريال والف دولار واتخارجنا)، وصلت السيدة الى كينيا سالمة غانمة بحمولة الأموال بفضل أمن مطار الخرطوم حاميها وحراميها .
هذا الحادثة مجرد نموذج وكثير من الأموال والذهب والممنوعات خرجت بعلم أمن المطار، وهناك ما يتم ضبطه أحيانا وتعلن السلطات عن ذلك بشكل بطولي ولكن لا نسمع باسم متهم ولا محاكمات ما يعني أن السلطات تتستر على المجرمين ولا تفسير آخر، وهذا ما أكده المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك أردول قبل أيام، فقد تحدث عن وجود عراقيل تحول دون رفع حصانة منسوبين حكوميين في قضية تهريب الذهب، باختصار هذا يثبت أن حاميها حراميها وفي هذه الحالة معالجة المشكلة سيكون مستحيلا.
عموما أعتقد أنه قد آن الأوان للتدخل بقوة لوقف ما يحدث في مطار الخرطوم، سواء كان الأمر يتعلق بالتهريب أو السرقات العادية أو الخدمات السيئة فالمطار أصبح فضيحة دولية، ولابد من تطويره ليليق بمرحلة التغيير والانفتاح الذي سيقبل عليه السودان.
صحيفة السوداني